خمسون 50 حلقة من برنامج كلمة منفعة لقداسة البابا شنودة

ايه وتامل


انظروا إلى طيور السماء. إنها لا تزرع ولا تحصد 
ولا تجمع إلى مخازن. وأبوكم السماوي يقوتها
ألستم أنت بالحري أفضل منها
مت6: 26 



Look at the birds of the air, for they neither sow
nor reap nor gather into barns; yet your heavenly
Father feeds them. Are you not of more value than they?
(Matt. 6: 26)



لا كيان لي، يا إلهي، إلا فيك! أو بالأحري لا وجود لي 
لو لم أكن فيك، يا من بك وفيك ومنك كل موجود! ـ

(القديس أغسطينوس)



I would not exist--I would simply not be at 
all--unless I exist in You, from whom and by
whom and in whom all things are. 

(ST. Augustine)

القديس يوسف النجار


مار يوسف البتول خطيب مريم العذراء

وخــادم الميــلاد البتــولى
يوسف النجار يرجع في أجداده إلى داود الملك ، وإلى سبط يهوذا، فهذا الرجل الفقير كان من سلالة الملك العظيم المشهور ، وكان باراً،( وكلمة بار تعني المطيع لوصايا الله ، مستقيم ، إنسان خلاق ) فهو يخاف الله ويطيع وصاياه ، لا يعرف التواء القصد أو السبيل ، فهذا أصدق صورة ووصف لتصرف يوسف تجاه أعظم تجربة وقفت في طريقه فترة من الزمن ، وكشفت عن فكره وخلقه ومشاعره وأسلوبه في التصرف !!..
يوسف البار  والسر العظيم :
وجد يوسف نفسه ذات يوم أمام السر الذي انحنى الرسول بولس أمامه وهو يقول : " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " ( 1 تي 3: 16) وهو السر المكتوم منذ الدهور في يسوع المسيح ، وهو كإنسان يهودي مؤمن لا يستطيع أن يقبل الخيالات الوثنية . .. نعم كان هناك الإيمان بالمسيا ، الذي يحلم به جميع اليهود ، وكانت تتمنى كل عذراء يهودية أن يأتي المسيح منها لتطوبها الأجيال كلها..... كان من السهل التصور أن المسيا سيجيء . ويكون أعظم الأنبياء ، ولكنه سيكون واحداً من بني الإنسان يأتي بالصورة التي يأتي بها غيره من الناس ، مهما سمت عظمته ومهما بدا متميزاً عن الآخرين !!... أما أن يأتي على وجه فريد بالصورة التي جاء بها يسوع المسيح ، فهو ما يتجاوز الفكر أو الخيال البشري .
كان من الصعب على مريم نفسها والملاك يخبرها بالقصة ، أن تعي فحواها العجيب ، غير أنه وهو يؤكد لها الحقيقة : أن " الذي حبل به فيها هو من الروح القدس " . من يستطع أن يفهم العذراء ، والسيف يدخل إلى قلبها لحظة بعد أخرى . إذ كيف يصدقها الناس ، وكيف يقتنعون بروايتها ، وهي سر عظيم لم يحدث في التاريخ البشري سوى هذه المرة الواحدة !!....
يوسف يسمع ويرى هذه الرواية .... ويدخل في أقسى صراع بشري بين العقل والقلب ... والعاصفة التي هبت عليه جعلته في دوامة تمزق نفسه تمزيقاً !!....إن الكلمة يشهرها في القول : " فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها "(مت 1: 17) . فالقصة أعلى من كل مفهوم يواجهه الذهن البشري ...إن قلبه يصدق كل حرف وكل كلمة من العذراء الطهور التي عاشتكالزهرة البيضاء النادرة الجمال أمام الناصرة والأجيال كلها، وهو يعلم أنها لا يمكن أن تكذب ، هي تقول الصدق ، وتعيشه مهما كلفها من أعباء وتبعات ،... لكن عقله يتمزق ،...فإذا كانت العذراء نفسها تقول :
" كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً "! .
فماذا يمكن أن يقول الرجل الذي لم ير الرؤيا ولم يسمع صوت الملاك !! ؟.... والصعوبة تبلغ أقصاها في أن الرجل رغم فقره العميق ، كان على استعداد أن يعيش "باراً" شريفاً أمام الله والناس إلى حد الموت ، وهو لا يقبل أي مهادنة أو تردد في طاعة صوت الله وشريعته ، مهما كان هذا على حساب عواطفه وقلبه
كانت المشكلة أمامه قاسية ، تبدو كالطريق المسدود ، والذي لا منفذ منه ، ومن المتصور أنه قضى أياماً وليالي لا يعرف كيف يجد السبيل إلى حل الموضوع ،ومن المعتقد أنه صلى صلواتحارة إلى الله ، ليرشده إلى الطريق الإلهي الصالح !!... لقد كان أمامه سبيلان للتخلص من العذراء ، السبيل الأول هو السبيل العلني والذي يتخلص فيه منها كلياً، مع ما فيه من تشهير رهيب بمركزها وسمعتها ، فيعطيها كتاب الطلاق ،... والسبيل الآخر هو السبيل السري ، إذ يخليها من الرابطة الزوجية سراً أمام اثنين من الشهود ، وهو لا يتهمها في هذه الحالة بنفس التهمة التي يمكن أن تكون في الإخلاء العلني ،.... بل هو إخلاء مبني على الكراهية ، وإن كانت الثمرة التي لا بد أن تأتي ، تحسب في هذه الحالة منه ، وتنسب إليه !!.... لكن الرجل البار الذي قام فكره المرتفع على السماحة والرقة والحنان ،.. الرجل الذي كان أول من ظهر على مسرح الإنجيل ليربط الرحمة بالعدل ، والشدة بالمحبة ، والذي علمنا أن الصرامة لا يمكن أن تكون في وضعها الديني الصحيح ، إلا متحلية باللطف ، وأن الإنسان الذي في الغضب لا يتعلم أن يذكر الرحمة ، يخشى أنه لم يتعرف التعرف الصحيح على الله الذي في الغضب يذكر الرحمة ، " فهوذا لطفالله وصرامته "!!..(رو11: 22) . وكان من أهم ما اكتشفه الرجل أن الحياة مفعمة بالأسرار التي تعلو على كل فهم ، وأن الحكم الظاهر ، قد يكون أبعد الأحكام عن الحقيقة .
لم تذهب صلوات الرجل عبثاً ، كما أن العذراء كانت ولا شك تصلي حتى يفتح الله عيني خطيبها ليعرف الحقيقة المذهلة التي تقبلتها هي في روح الطاعة والخضوع ، رغم ما تكلفها من ألم وعنت وقسوة ومشقة . جاء الملاك إلى الرجل ، وكشف له الحقيقة في حلم ،... ونحن لا نعلم هل هو الملاك جبرائيل الذي جاء إلى مريم ، أم ملاك آخر ،... على أي حال إنه ملاك الرب الذي يرسله الله إلينا في أعماق حيرتنا وضيقنا والطريق المسدود أمامنا ،
ليحول القلق إلى راحة ، والخوف إلى أمن والشك إلى يقين ، والحزن العميق إلى الفرح الطاغي !!....
يوسف والخدمة المقدسة :
عندما استيقظ يوسف من نومه كان مستعداً لخدمة الله ، فالله أعده للخدمة ، فهو الشخص الثاني التالي للعذراء في إيواء المسيح ورعايته وحمايته وهو يشق طريقه على الأرض إلى هضبة الجلجثة لخلاص العالم . كان يوسف يعلم أنه من نسل داود ، وأن الأيام قد دارت به وببيته العظيم حتى وصل على ما وصل إليه من ضيق وضنك وفاقة ،....لكنه أدرك أن مجده الدابر ، عاد ليتألق بمجد لم يعرفه داود وجميع من جاءوا من نسله من ملوك وأبطال ،... إذ هو مجد المسيا في هذا الصبي الذي كان عليه أن ينسبه إليه ، ويعطيه اسم يسوع : " وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ( مت 1: 21) ... كان هو حاضن " المسيا" ومربيه . وقد فاز بيته الفقير بهذا الشرف الرفيع الذي لم يمنح لأصحاب القصور في الأرض !!.... ارتبط اسم يسوع بالرجل البار في السجلات الرومانية ، وفي الحياة البيتية ، لقد وضعته العناية ليكون بمثابة ( الأب ) الأرضي ،... لمن ولد فريداً بين الناس ، ولا يعرف إلا أباه السماوي وهو القائل ليوسف وأمه وهو في الثانية عشر من عمره : " لماذا كنتما تطلبانني ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي " ( لو2 : 49 ). ..!!..
 نقف اجلالا واكراما لذلك الرجل المختفي الذي لم ينطق بكلمة واحدة لا بلسانه ولا في الكتب ، وحتى الأناجيل لم تذكره إلا ما جاء في انجيل متى عند سرده لقصة ميلاد يسوع حيث قال عنه :
" كان يوسف خطيبها بارا " ( متى 1 : 19 ) .
يوسف الذى دعاه الكتاب الـمقدس "بالبار" كما دعا من قبل نوح البار وأيوب الصديق..
يوسف الذى عهد الروح القدس لـه برعاية عروس الروح القدس مريم ، وعهد له الأب السماوي برعاية الإبن الوحيد يسوع..
يوسف الذى أُعطي الشرف فى تسمية إبن الله بيسوع..
يوسف الذى لازم العذراء وإبنها يسوع فى بيت الناصرة..
فــمــن هــو القديس يوسف ؟
ولماذا ظهر فى حياة العذراء مريم؟..وكيف ظهر؟
ولماذا إختاره الله لأن يكون أبـاً ليسوع وحارساً لـمريم وإبنها؟
ومـاذا يـمكن أن نتعلم من حياة هذا القديس البار؟
وكيف يـمكن إكرامـه؟
 + مــن هــو يــوســـف ؟؟
تجاهل الباحثون والمؤرخون عن ذكره ، وحتى الكهنة والوعّاظ " مع الأسف " في عصرنا الحاضر تناسوه في خطبهم ومقالاتهم .. الروحانيون وأصحاب التقوى والفضيلة والذين هاموا بحب المسيح وذاقوا طعم التجرد والتضحية ونكران الذات ، هولاء وحدهم رفعوه الى المقام السامي الذي لم ينله أحد سواه فاعتبروه : 
" أشرف قديس ... بتولا ... عفيفا ... زين الأبكار ... يوسف المختار ... كاملا بالفضائل ... مملوءا من الانعام ... شاهدا لسر الفداء ... أبا ومربيا للأيتام ... شفيع العوائل ... جليلا في الأنام ... فخر العباد ... شفيع العمال ... شفيع الميتة الصالحة ... وصديق الله " . 
ولقد جاء ذكر يوسف فى الأناجيل الأربعة فى الأحداث التالية:
+       "لـما خُطبت مريم امه ليوسف وُجدت من قبل أن يجتمعا حبلى من الروح القدس" (متى 18:1)
+       "وإذ كان يوسف رجلها باراً" (متى 19:1)
+       "وفيما هو متفكر فى ذلك إذا ملاك الرب ترآى له فى الحلم قائلا يايوسف بن داود.." (متى 20:1)
+      الذهاب الى بيت لحم للإكتتاب (لو 1:2-5)
+       حضور ولادة يسوع
+    مقابلة الرعاة - تقدمة يسوع فى الهيكل ومقابلة سمعان الشيخ وحِنة بنت فنوئيل
+      بعد زيارة المجوس وهروبه الى مصر وظهور الـملاك له فى حلم
+      ظهور الـملاك له فى حلم فى مصر وطُلب منه العودة الى أرض اسرائيل
+      ظهور الـملاك والوحي له بالذهاب الى نواحي الجليل وسكن فى مدينة الناصرة.
+       الذهاب كل سنة الى أورشليم فى عيد الفصح
+       لـما بلغ يسوع الثانية عشر وصعودهم الى أورشليم كعادتهم
+       فقد يسوع فى الهيكل وعندما وجدوه
+       عندما نزل معهما يسوع وأتى الناصرة وكان خاضعا لهما.
بعد هذا لم يُذكر أي حديث عن يوسف، فلم نقرأ انه قد حضر حفل العرس فى قانا الجليل الذى دُعيت اليه العذراء ودُعي اليه يسوع وتلاميذه. كما لم نقرأ أي شيئ عنه بعد ذلك فى خدمة الرب يسوع، وعندما صُلب يسوع ورأى أمه عُهد بها الى تلميذه يوحنا فأخذها الى بيته (يو25:19). وهذا يعني ان القديس يوسف كان قد توفى قبل ذلك بزمن طويل.
يوسف ، الصدّيق والبار ... لم يخطر على باله يوما أن مريم ستكون أم المخلص المنتظر ، وأن الملاك جبرائيل قد حمل اليها البشارة ، رغم كونه متعمقا بكل ما جاء في الكتب المقدسة عن المسيح المنتظر وعن كيفية مجيئه وما قيل عنه في سفر اشعيا النبي : هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ... ( اشعيا 7 : 14 ) . كان يوسف ينتظر الخلاص من الله شأنه شأن سائر شعب الله المنكوب ، لأنه بعد أن مدّ الفقر والاستياء أذياله على عموم الناس كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر رسولا من السماء ينعش ويعيد روح الله في قلوب البشر . وحدث ليوسف ما لم يحدث لغيره سواه ... عندما أراد أن يأتي بخطيبته الى بيته ، وجـــدها ( حبلى ) . تنتظر مولودا ... فأضطرب وخاف كما جاء في الانجيل ، وتساءل ما عسى أن يكون هذا ، فاحتار في أمرها .. وهكذا تعرّض يوسف لمحنة قاسية أوشكت أن يؤدي بعلاقته مع مريم الى حد القطيعة والانفصال : فهو يعتبرها شريكة عذراء طاهرة ، وإذا بها حبلى .. ذلك يفوق ادراك عقله ، لكن رغم ذلك لم يفقد صوابه ولا تفوّه بكلمة لا مع مريم ولا مع غيرها حول أي نوع من القلق والظنون لأنه كان مقتنعا ببراءة مريم خطيبته ، ولم يسيء الظن بها مطلقا ، ولكن عدم تمكنه من ايجاد تفسير لما يراه عليها من تغييرات ، دفعه الى أن يتخذ قرارا بتخليتها سرّا دون اثارة اية ضجّة تلحق بها الضرر ، لأنه مجرّد أن يخبر عن سرّها تنال مريم عقوبة الرجم حتى الموت بحسب الشريعة اليهودية ، لكنه لم يفعل ، قد يكون باعتقادي لهذا الأمر بالذات يدعوه الانجيل : البار ... الصدّيق . لم يتركه الله طويلا في حالة الشك والاضطراب ، فارسل له الملاك وأخبره حقيقة مريم وشجّعه وأفهمه بأن الرب اختاره هو أيضا لتحمّل أعظم مسؤولية ألقيت على عاتق بشر ، ليكون أبا ومربيا لإبنه الوحيد يسوع المسيح ، من دون تأثير على حريته أو الضغط على قراره .
عندما أدرك يوسف مقاصد الله وتدابيره من الملاك استجاب لها واندمج معها ، فآمن بالسر الكبير وقبل المهمة التي كلّفه بها الله أن يكون أمام المجتمع الأب الشرعي ليسوع الذي كان الجميع يكنّونه بابن النجار .( يوحنا 6 : 42 ) . هكذا آمن يوسف واحتفظ بمريم وأتى بها الى بيته فرحا مسرورا لهذا الشرف السامي الذي خصّه به الله ليكون مربيا ليسوع ابن الله .
عندما ولد يسوع تهلل قلبه من أصوات الملائكة وهم ينشدون المجد والسلام بمولده . مع مريم استقبل الرعاة والمجوس الذين اتوا من الشرق ليسجدوا له . مع مريم هرب بيسوع الى مصر لما أوحي اليه أن حياة الطفل مهددة . مع مريم ويسوع ذاق طعم التشرد والهرب والغربة والانتظار ، لكنه كان ينعم بفرح كبير كونه حارس مخلّص العالم . نذر يوسف حياته كلها مضحيا بكل ما لديه للعناية بيسوع وبأمه مريم . أحبّهما من كل قلبه لذلك استحق أن يموت ميتة صالحة بين يدي يسوع ومريم العذراء . 
+ مــاذا نـتـعـلـم مـن حـياة يوسف ؟

1. بــرارتــه (بـار- بـرارة- صِدّيق )
يذكر لنا الكتاب الـمقدس أن نوح هو أول من لُقب بأنه بار "كان نوح رجلا باراً كاملا فى أجياله وسار نوح مع الله" (تك 9:6) ، وجاء ذكر أيضا أن أيوب كان صديقاً"وكان هذا الرجل سليما مستقيما يتقي الله ويجانب الشر " (أيوب 1:1). وسفر الحِكمة فى الاصحاح العاشر منه حافل بالرجال الذين كانوا أبراراً وما فعلوه من أجل تحقيق خِطة الله الخلاصية من اجل البشر.
وكان للرجل البار مكانة فى قلب الله حتى انه قال لإبراهيم" إن وجدت فى سدوم خمسين باراً فى الـمدينة فإني أصفح عن الـمكان كله من أجلهم" (تك 26:18)،ويذكر الـمرنّم ذلك قائلاً:"لأنك تبارك الصديق يارب كأنه بترس تحيطه بالرضا"(مز 12:5)،"القليل الذى للصِدّيق خير من ثروة أشرار كثيرين"(مز 16:37)،و"ينصرهم الرب وينجّيهم"(مز29:36).
وسوف نجد فى القديس يوسف  أن برارته قد ظهرت فى إختيار الله له لأن يكون حارساً لسر التجسد وتحادث الـملاك معه أربع مرات، وصيانته لبتوليته قبل الزواج وأثناؤه (مت 18:1) فكان زواجاً بتوليا وهذا يُفهم من قول السيد الـمسيح عن البتوليـة:"لأن من الخصيان من ولدوا كذلك من بطون أمهاتهم ومنهم من خصاهم الناس ومنهم من خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السموات فمن إستطاع ان يحتمل فليحتمل "(مت 13:9). وظهرت ايضا برارته عندما هـمّ أن يخلي سبيل مريم سراً عندما ظهرت عليها علامات الحبل وهو يعلم ان هذا الحملْ ليس منه ولم يستخدم حقه طبقا للشريعة من إشهار أمرها فكان قراره بأن تعود لـمنـزلها ولكن رحمة الرب كانت أسرع فإذ ملاك الرب قد ظهر له فى حلم قائلا له: "يايوسف بن داود لا تخف أن تأخذ إمرأتك لأن الذى سيولد منها إنما هو من الروح القدس".
وظهرت برارتـه ايضاً فى إيـمانه القوي بكل ما جاء فى النبؤات عن الـمسيّا الـمنتظر فلو كان هذا الحبل من الله فليترك خطيبتـه خشية ان يتداخل فى أمر السماء،او لإحساسه بعدم الإستحقاق لهذه النِعمة مثل مـا فعلت اليصابات عندما قالت للعذراء:"من أين لي هذا أن تأتـي أم ربّي إليّ"(لو43:1)،أو كما فعل بطرس عندما وجد سفينته قد امتلأت بالسمك فقال ليسوع:"أخرج عني يارب فإنيّ رجل خاطئ "(لوقا8:5). ولـم تكن برارتـه فقط فى "أن يخليها سِراً" بل فـى كل ما فعله بعد أن علِم بسر التجسد الإلهـي.
2. أمــــانــتــه
ثلاثة جواهر وأسرار عظيمة إئتمنـه عليها الرب :
مـريم أم الله، و يسوع إبن الله،وسر التجسد
3. إستسلام لإرادة الرب
لقد كانت صلاة القديس يوسف والتى أعلنها لأحدى القديسين "أيتها السماء هبيـني أن أتـمم إرادة ربـي" وكأنه متنبئا لقول يسوع:"لتكن مشيئتك".
فإستمع لأمر السماء بأن يأخذ امراته الى بيته(متى 20:1) واستسلم لكل اوامر الرب دون اي تساؤل او تذمر او هروب من الـمسؤولية،كما فعلت خطيبته العذراء مردداً نفس كلماتها"فليكن لي بحسب قولك"(لوقا38:1).
4. القنــاعــة
"التقوى الـمقترنة بالقناعة هى تجارة عظيمة لأنا لم ندخل العالم بشيئ ومن الواضح أنا لا نستطيع أن نخرج منه بشيئ فإذا كان لنا القوت والكسوة فإنا نقتنع بهما" (1تيموثاوس 6:6).
5. طاعتـه
تنفيذ إرادة الرب بلا تردد فلقد اُمر بأن يأخذ إمرأته مريم فنفّذ، وأُمر بأن يرحل الى مصر ويتغرب فنفذ الأمر،مع ان حدث الحبل المقدس شيئ عجيب وفريد وصعب التصديق. ولقد اطاع الشريعة عندما قدّم عن الطفل زوجي يمام (لوقا22:2)، وعندما كان يصعد كل عام الى اورشليم للعبادة فى الهيكل
(لوقا41:2). لقد كانت كل حياة القديس يوسف طاعة كاملة.
6. مــحـبـته
تُعرف المحبة من محبـة الله وبذل الذات من أجل الآخريـن "فكل من يحب فهو مولود من الله وعارف بـه ومن لا يحب فانه لا يعرف الله لأن الله محبة"
(1يو7:4-8)، والقديس يوسف أظهر محبتـه لله بطاعـة وصايـاه وتنفيذه
لـمشيئة الرب وخدمـة العذراء ابنهـا.
7. إيــمــانـــه
سمع القديس يوسف من الـملاك الذى ظهر له فـى الحُلم أن الطفل الآتي هو "الذى يخلص شعبه من خطاياهم" وبعد هذا هروب ولم تتغير الظروف فكيف يكون هذا الطفل هو مخلص العالم ويبقى الحال كما هو عليه؟.
إنتظار طويل كان مع إبراهيم دام 80 سنة بعد الوعد بإبن الـموعد أسحق   وإنتظار طويل من موسى دام 40 سنة فى البرية حتى الوصول لأرض الـموعد،ولكن يذكر لنا الكتاب ان يوسف:
- نفذ كلام الملاك على الفور دون تردد
- واظب على تنفيذ الوصايا والشرائع
- واظب على تربية يسوع كأي أب حتى أن الكتاب يذكر "وكان يسوع يتقدم فى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس" (لو 52:2)
- "إن الإيمان هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا ترى" (عب 1:11)
- إيمان عامل بلا ضجيج فلم يُخبـر العالـم بأنه أب لـمخلّص إسرائيل بل صنع ما أراده الله فى أن يحرس يسوع وأمه.
عن الإيمان وأهميته نجد العديد من النصوص الكتابية والتى توضح انه بدون الإيـمان لن نستطيع أن نحيا أو نفهم عمق اسرار الله ومحبته (عب 11) ومن أمثلته إيـمان الـمرأة الكنعانية (مت22:15-28)،ويـائيـر رئيس المجمع (لو41:8-56) وغيرهم.
8. الأبوه الصـالـحـة
الأبوة هى عطية سـماوية "الذى منه تُسمّى كل أبـوة فـى السـماوات وعلى الأرض"(أفسس15:3)،وكان القديس يوسف مثالا للأعمال الصالحة لهذا دعاه الكتاب بـأنـه كان "بـاراً".ويوصي القديس بولس تلميذه تيطس قائلاً:"وأنت اجعل نفسك مثالاً للأعمال الصالحة وتعليمك منـزهاً عن الفساد وقوراً وكلامك صحيحاً لا يُلام عليـه"(تيط 7:2-8)، ويوصي الآبـاء بقولـه: "وأنتم ايها الأبـاء فلا تحنقوا بنيكم بل ربّوهم بأدب الرب وموعظته "(افسس 4:6).
فـى كتاب يشوع بن سيراخ نجد العديـد من الوصايـا للآبـاء
(سيراخ 1:30-13).والقديس يوسف كان أباً صالحاً قام بكل مسؤوليات الأب من رعاية وتوجيه وتعليم ومثل صالح ليسوع حتى ان الكتاب المقدس ذكر ان "يسوع يتقدم فى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس"(لو52:1).  
      بعض الألقاب التى عُرف بها القديس يوسف
+  شفيع العذارى لأنه كان بتولا ومتزوجا من عذراء و هـو شفيع الـمتزوجين لأنه كان زوجا لأقدس إمرأة. 
+ شفيع الأبـاء لأنه كان رأس العائلة الـمقدسة.
+ شفيع العاملين لأنه حصل على خبزه بعرق جبينه.
+ شفيع الشباب والنشئ لأنه إستطاع أن يربي يسوع فى طفوليته.
+ شفيع النفوس المتألمة والمتضايقة لأنه عانى مثلهم وهو على الأرض.
+ شفيع الـمتدينين لأنه كان يواظب على تنفيذ أوامر الشريعة.
+ شفيع الكهنـة لأنه أول من لـمس الجسد المقدس وحمله بيده.
+ شفيع كل من يحمل الـمسؤولية لأنه رعى بيته ومالـه بأمانـة.
+ شفيع الخـطأة لأنه يصلي من أجل ضعفاتهم.
+ شفيع من هم فى النـزاع الأخير لأنه يقوي إيمانهم.
+       +      +
"يـا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ إمرأتك"
                                           متى 20:1  
يذكر لنا الكتاب المقدس انه بعد ان مضى الملاك جبرائيل بعد سماعه قبول مريم بأمر التجسد الإلهي "ها أنا آمة للرب فليكن لي بحسب قولك. وانصرف الملاك من عندها"(لوقا38:1)،ان العذراء مريم "قامت وذهبت مسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا"(لوقا39:1-40) ولقد اعتقد البعض ان مريم قد قطعت هذا الطريق مع يوسف الى مدينة يهوذا والتى تبعد عن الناصرة مسافة سفر تصل الى حوالي اربعة ايام فى طرق جبلية صعبة. ولكن هذا الاعتقاد خاطئ لانه لم يكن القديس يوسف بكل تأكيد فى بيت زكريا وإلاّ لعلم بالحديث الذى دار بين العذراء والقديسة اليصابات وبالتالي لعرف بالسر الإلهي. ولكن الأكيد هو انه قد عرف بهذه الزيارة لأنـه كان خطيبها وانها ستتغيب لفترة من الزمن. ومكثت العذراء فى بيت زكريا نحو ثلاثـة أشهر ثم عادت الى بيتها"
(لوقا56:1) وهذا يعني انها قد حضرت ميلاد يوحنا المعمدان ثم رجعت الى بيتها فى الناصرة.
وفى الناصرة بدأت تظهر علامات الحبل الإلهي وبدأ معها حيرة العذراء. ان خطيئة الزنى فى الشريعة عقوبتها الرجم بالحجارة وعلى مشهد من الناس كقول الكتاب المقد س:"يخرجون الفتاة ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لانها عملت قباحة فى اسرائيل بزناها"(تثنية الإشتراع 20:22-21).
ماذا تفعل مريم إذن؟.. أتبوح بالسر الإلهي؟،انها لا تملك فهو سر عَلَوي ولم يُكشف إلاّ لأليصابات بعد ان "إمتلأت من الروح القدس" (لوقا41:1).
ولكنها ترى يوسف خطيبها فى حيرتـه، ويوسف الذى يقول عنه الكتاب المقدس "البار" ماذا يـمكن ان يقول؟!.أيشك فى هذه العذراء التى نشأت فى هيكل اورشليم وتغذت بالترانيم والشعائر وعاشت حياتها فى بتولية وطهارة؟! ومريم لـِما لا تنطق وتبوح بسر هذا الحبل؟!.
لقد أعلن أكثر العلماء اللاهوتيون ان يوسف لم يشك لحظة واحدة فى طهارة العذراء مريم فهو يؤمن تماما بفضيلتها ولم يفترض اي افتراض وامتنع ان يوجه اي سؤال لها،ويؤكد هذا الموقف صدق برارته فيقول الكتاب الـمقدس "فهّم أن يُخليها سِراً"(متى19:1). فالقديس يوسف كان من حقه ان يُشهر أمر مريم وان يشكوها الى شيوخ المدينة لتُرجم ولكنه تنازل عن حقه هذا حتى لا يقضي عليها ادبيا وجسدياً فكان قراره بعد فترة من التأمل هوترك الأمور الى الله "أن يخليها سراً". وكان قرار السيدة العذراء هو ايضا الصلاة وترك الأمور للعناية الالهية. ولم يخب امل مريم ولا يوسف ففى اللحظة التىأوشك فيها يوسف ان ينفذ قراره كقول الكتاب الـمقدس:"هـّم"،"وفيما هو متفكر فى ذلك" ظهر له ملاك الرب فى حلم قائلاً:"يايوسف ابن داود لا تخف ان تأخذ امرأتك مريم فإن المولود فيها انما هو من الروح القدس وستلد إبناً فتسميه يسوع لأنه هو الذى يخلص شعبه من خطاياهم"(متى 20:1-21).
ها هو ملاك الله يحمل البشرى ليوسف، يحمل الحل والخلاص
ان بشارة الملاك هذه تشابه فى عناصرها كل ما سبق وان ذُكر فى الكتاب المقدس عند ظهور ملاك الله ليحمل بشرى بميلاد شخص أوتكليف بمهمة إلهية. ومن تلك العناصر ان يُدعى بالإسم واللقب والدور المطلوب.
جاءت اولى الكلمات ليوسف : "يايوسف ابن داود" (متى 20:1) بنفس الاسلوب الذى جاء به ملاك الرب الى جدعون قائلاً:"الرب معك أيها الجبـّار"(قضاة12:6) ليشير الى الدور الذى سيقوم به جدعون فى خطة الله. ثم قال له ملاك الرب: "لاتخف" وهو نفس التعبير الذى جاء كثيرا فى العهد الجديد فمثلا عند البشارة بميلاد يوحنا المعمدان لزكريا الكاهن "فقال له الملاك لا تخف يا زكريا"(لوقا13:1)،وعند البشارة بميلاد يسوع للعذراء مريم"فقال لها الملاك لا تخافى يامريم"(لوقا30:1)،وعند دعوة السيد المسيح لسِمعان"لا تخف فإنك من الآن تكون صائداً للناس"(لوقا10:5)، وعند ظهور الـملاك للنسوة وبشارتهن بقيامة يسوع "قال للنسوة لا تخفن"
(متى5:28)،وظهور يسوع لهن وطلبه لهن بإخبار اخوته "قال لهن يسوع لا تخفن.اذهبن وقلن لإخوتى ليذهبوا الى الجليل"(متى10:28)،ثم عندما قال الرب لبولس الرسول فى الرؤيا ليلا"لا تخف بل تكلّم ولا تسكت" (اعمال9:18).    
فقول الـملاك ليوسف "لا تخف" لا يعني تخفيف الخوف والقلق والشك، كالخوف الذى كان لجدعون عندما قال: "آه ايها الرب الإله إني رأيت ملاك الرب وجها لوجه"،وهنا قال له الـملاك"سلام لك لا تخف فإنك لا تـموت"(قضاة22:6-23)، ولكن كان للتأكيد والشرح ليوسف ان هذا الإرتباط بمريم العذراء هو إختيار سماوي كما شرح الملاك روفائيل لطوبيا الإبن عن زواجه من سارة ابنة رعوئيل التى كان قد عقد لها على سبعة ازواج فماتوا(طوبيا15:6-17).
رسالة الـملاك ليوسف تعنـي:    
- امرأتك ..طاهرة مـختارة أم لـمولود عجيب
- امرأتك.. ستلد ابنا ليس لـمثله شبيه فهو من الروح القدس
- امرأتك يا يوسف هى ام المخلص،هذا الذى كنت تنتظره انت وجميع الشعب ليخلصكم من خطاياكم.
- امرأتك يا يوسف هى بريئة من كل دنس
فلا تخف يا يوسف .. لاتخف يا يوسف
لا تخف يا يوسف..وكيف يـمكن ان تشعر الآن بالخوف بعد ان عرفت ان مريم هى ام يسوع؟، بل افرح وابتهج ورنم فها ان مريم امراتك هى حبلى من الروح القدس.
لا تخف يا يوسف يا ابن دود.. ايها الصِدّيق ..يا من تحترم الشريعة والناموس لا عن خوف بل عن يقين ومحبة.
لا تخف ان تأخذ مريم، امرأتك، يعنى انك مسؤول عنها تماما،مسؤول عن رعايتها ورعاية وليدها.
لا تخف فانت نجار بسيط وفقير ولكن الرب معك فى بيتك فى حياتك،فلِم الخوف؟.
وعندما يعلن له الـملاك انه"ابن داود" اي انه من سلالة الـملوك،تلك السلالة الطاهرة التى جاء عنها فى النبؤات انه سيأتى منها شيلو المخلص كما جاء على لسان يعقوب قبل موته:"لايزول صولجان من يهوذا ومشترع من صلبه حتى يأتى شيلو وتطيعه الشعوب"(تكوين10:49)، وها هو قد اتى ملء الزمان.
يا يوسف..ان وليد العذراء سـمّيه يسوع.. هو يسوع لانه يخلص..لانه يطهر..لانه يقدس..لانه يرحم..لانه يحب..لانه تجسيد للكلمة الازلية.
يا يوسف خذ امراتك..خذها الى بيتك انها عطية السماء لك..انها بركة السماء لك ولاهل بيتك لانك كنت بارا.
يا يوسف انت الان الاب الاعتباري للمسيح وحامي الاسرة المقدسة.
يا لعمق كلمات السماء ليوسف، حقا كما قال الكتاب الرسول بولس:"يـا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه ما ابعد احكامه عن الادراك وطرقه عن الاستقصاء"(رومية33:11).
بعد هذا يذكر الكتاب المقدس: "فلما نهض يوسف من النوم صنع كما امره ملاك الرب فاخذ امراته"(متى24:1) منفذا احكام الله.
ان الله يكلمنا بطرق كثيرة،فقديما كلمنا بالاباء والانبياء"(عبرانيين1:1) ثم كلمنا اخيرا فى هذه الايام فى الابن وكلمته موجودة بيننا. وهو احيانا يكلمنا فى الرؤى والاحلام والالهامات فهل ننصت الى الروح الساكن فينا ونصنع كما صنع يوسف كما امره ملاك الرب؟
كلام الله فى الاحلام هى موهبة تمنح لاصحاب القلوب التقية والنقية ولقد صدق يوسف قول ملاك الرب فى الحلم ولم يشك فيه.
ان الـملاك لم يظهر للعذراء فى حلم وإنـما ظهر ليوسف وأبلغه بأوامر إلهية بالنسبة للصبي وأمه وهذا إبراز لقيمة يوسف ومكانته امام الله. ان دوره ليس دورا هامشياً أو ثانويـاً وإنـما شاءت إرادة الله ان يجعل يوسف خادما للتجسد الالهي وان يكون له دور ايجابي فعّال فلم يدعه الرب كمّاً مهملاً وإنـما تعامل معه مباشرة وامره بتنفيذ تدبيره مشركا اياه فى العمل والتنفيذ:" ان تأخذ امراتك"(متى20:1) – "ان تسميه يسوع"(متى 21:1)-"قم فخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك"(متى 13:2)-"قم فخذالصبي وامه واذهب الى ارض اسرائيل"(متى 20:2) وكلها اوامر الهية. لقد كان يوسف فى تصديقه لأوامر الله شبيها بابراهيم الذى كان الرب يقول عنه"هل اخفى عن ابراهيم ما انا فاعله وابراهيم يكون امة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض لانى عرفته"(تكوين17:18-19)،لهذا لم يخف الله تدبيره عن يوسف فشرح له سبب كل امر من تلك الاوامر الالهية.
لقد اعطى الله ليوسف كرامة اخرى فلقد اعطاه ان يشترك مع مريم فى التسمية "فسمّيه يسوع" وبالفعل بعد ولادة الطفل وبلغ يومه الثامن "دعي اسمه يسوع كما سماه الملاك قبل الحبل به فى بطن امه"(لوقا31:2) وفى انجيل متى جاء"فسماه يسوع"(متى 25:1).
عندما تكلم الملاك مع يوسف ليوجه له امرا بالهروب الى مصر قال له:"قم وخذ الصبي وامه واهرب الى ارض مصر وكن هناك حتى اقول لك فقام وخذ الصبي وامه ليلا وانصرف الى مصر"(متى13:2)، وعندما وجه امرا له بالعودة قال له:"قم وخذ الصبي وامه واذهب الى ارض اسرائيل لانه مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي فقام واخذ الصبي وامه وجاء الى ارض اسرائيل"(متى20:2-21). هنا نجد ان حديث الملاك ليوسف قد تغيرت كلماته بعد ولادة العذراء للسيد المسيح عما كان قبلها. فعندما ازال شكه قال له "يايوسف ابن داود لاتخف ان تاخذ امراتك لان الذى حبل به فيها هو من الروح القدس فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملاك الرب واخذ امرته"(متى20:1و24). قبل ان تلد العذراء امسيح كان يمكن للملاك ان يدعوها امراة يوسف حيث لم تكن مريم بذى ولد اما بعد ان ولدت المسيح لم يقل له قم خذ امراتك والصبي او قم خذ الصبي وامراتك انما قال له "قم خذ الصبي وامه" وهنا اصبحت العذراء منتسبة للسيد المسيح،إلاّ ان الكتاب الـمقدس دعاه ابن يوسف دون مريم(متى 16:19، والجميع كانوا يقولون عنه: "اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفين بابيه وامه"(يوحنا42:6).                   
+      +        +   
يوسف رجـل الأحــلام
فى العهد الجديد يظهر فقط فى انجيل متى الأحلام كوسيلة لنقل رسالة او رؤية سماويـة،فهناك عدة حوادث لرسائل سماوية جاءت عن طريق الأحلام،خمس منهم تختص بحوادث طفولة يسوع. من تلك الخمس هناك أربع أحلام ليوسف وواحدة للمجوس. الأحلام التى جاءت ليوسف خطيب مريم العذراء هـى  كالتالـي:
1.   أخذ مريم كزوجة وتسمية الطفل "يسوع" (متى20:1و21)
2.   الذهاب الى مصر لإنقاذ الطفل وأمه (متى13:2)
3.   العودة من مصر الى اسرائيل (متى19:2-20)
4.   الذهاب الى ناحية الجليل (متى21:2).
ولقد كان لتنفيذ القديس يوسف لتلك الرسائل السماويـة تحقيقاً للنبؤات عن ألقاب ستطلق على السيد الـمسيح من ان اسمه سيكون "يسوع"
(متى25:1)، و"ابن الله"(متى15:2)،و"الناصري"(متى23:2).
بينما الأحلام كانت قليلة فى العهد الجديد لكنها كانت متعددة فى العهد القديم وكان يصحبها العديد من الحوادث. عندما كان هناك أشخاص من غير اليهود مثل رئيس السقاة او رئيس الخبازين أو فرعون أو نبوخذنصر يحلمون،كان هناك شخص عبراني مثل يوسف او دانيال يقوما بتفسير لتلك الأحلام (تكوين 5:40و41) و(دانيال1:2-49و1:4-25). بينما يعقوب عندما حلم لم يكن محتاج لمن يفسر له ما رآه فى الحُلم(تكوين12:28-17).
ان الله الذى "لايراه إنسان ويعيش"(خروج20:33) عادة يكشف عن طريق الاحلام والرؤى خططه لمختاريه ودورهم الذى سيقومون به لتنفيذ إرادة الله مثل ما فعل مع ابراهيم "وقع سبات على ابرم ..فقال لأبرام اعلم يقينا ان نسلك سيكون غرباء..."(تكوين12:15-16)، وأبيملك " فأتى الله ابيملك  فى حلم الليل وقال له انك هالك بسبب المرأة التى أخذتها"(تكوين3:20و6)،ولابان " فوافى الله لابان الارامي فى الحلم ليلا وقال له إياك ان تكلم يعقوب بخير او شر"(تكوين24:31)، ويعقوب (اسرائيل)"فرأى حلما كأن سلما منتصبة على الارض وراسها الى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل عليها واذ الرب واقف على السلم"(تكوين12:28-15) و "فكلم الله اسرائيل ليلا فى الحلم ..."(تكوين2:46-4)، ويوسف "وراى يوسف حلما فاخبر اخوته به.."(تكوين5:37-11)،وصموئيل النبي (الملوك الاول1:3-14)،وناتان النبي(الملوك الثانى 4:7-17)،و سليمان الملك"وفى جبعون تجلى الرب لسليمان فى الحلم ليلا وقال اطلب ما اعطيك.."(الملوك الثالث5:3)، ودانيال "حينئذ كشف السر لدانيال فى رؤيا ليل"(دانيال18:2-23). 
 واحلام القديس يوسف والذى يذكر عنه الكتاب انه "بار" فان ملاك الرب هو الذى ظهر له وهو نفس ما جاء مراراً عن "ملاك الرب" الذى يُرسل برسائل هامة كالتى حملها الى هاجر (تكوين7:16-12)، والى ابرام (تكوين11:22)،والى موسى (خروج2:3)، والى شعب اسرائيل (قضاة1:2 -4)، والى زوجة منوح العاقر(قضاة3:13-5)،و الى ايليا النبي(الملوك الثالث7:19).
ان انواع الرسائل فى كل تلك الاحلام متشابهة مع تلك التى جاءت للقديس يوسف من حيث مضمونها او تفسيرها فهى تحمل تعميقا للإيمان.
لقد ذكر القديس متى فى انجيله كيف ان القديس يوسف قد استقبل تلك الاحلام او الرسائل السماوية والتى تدل على النعمة التى حازها هذا القديس من استقبال تعليمات الرب له كما استقبلها آباؤه أومن سبقوه من انبياء العهد القديم من قبل.
لقد استقبل القديس يوسف رسالة اولية عن من هو الطفل يسوع الذى هو من الروح القدس والذى جاء ليخلص شعبه من خطاياهم،ثم تبعها رسالات اخرى عن كيفية تعاونه فى عمل الخلاص بحراسته وحمايته للطفل وامه.
ان هذه الطريقة الفريدة عن الاتصالات السماوية هى تلك التى جاءت للقديس يوسف ولهذا فيمكن ان يُطلق عليه انه "رجل الأحلام"، نفس اللقب الذى أُطلق من قبل على يوسف الصِدّيق كما جاء فى سفر التكوين "هو ذا صاحب الاحلام"(تك19:37).
+      +      +
أين الإكرام اللائق بالقديس الصامت يوسف النجار

 إن المتأمل فى أسباب محبة القديسة الطاهرة العذراء لمصر وظهوراتها الكثيرة وأشهرها وأعظمها عندما ظهرت للبابا أبرآم إبن زرعة لتطمئنه عن سلامة الكنيسة وتقول له أن الذى سينقل جبل المقطم هو علمانى بسيط، مجرد إسكافى ليست له أى رتبة كنسية، ثم أرشدته إلى سمعان الخراز وتمت المعجزة وأنقذ الله كل الأقباط بشفاعة القديسة الطاهرة وبصلوات العلمانى البسيط الذى لم يخدم ولو لمرة واحدة فى الهيكل ..
ثم قلت هل هذه المحبة هى فى تدبير وفكر الله منذ الأزل لأنه باركها بالخيرات الكثيرة. ثم قلت ربما كان مجئ العائلة المقدسة لأرض مصر هو السبب لأن رب المجد عاش فى مصر سنوات وشرب من مائها وأكل من زرعها وجلس مع أطفالها يبشرهم بالخلاص... وفجأة إكتشفت أننى لم أسمع عن كنائس قبطية كثيرة على إسم القديس يوسف النجار رغم أن مصر تباركت لسنوات بزيارة هذا القديس البار الذى شهد له الروح القدس كما كتب القديس متى البشير فى بشارته "وإذ كان بارا....."
وهنا نتأمل فى حياة هذا القديس:
+ التقليد المقدس يشرح لنا كيف إختارته العناية الإلهية ليحرس القديسة الطاهرة البتول. لقد عقد قرانه عليها حسب النظام اليهودى (الذى يعادل خطوبة جبنيوت فى كنيستنا) ولكن لم تزف إليه كزوجة لأنهما كانا متفقان على حفظ نذرها للبتولية. وبحسب النظام اليهودى هى فى عرف الزوجة أمام الشعب، ولهذا نجد إختلافات فى بعض الترجمات الغربية لأن هذا النظام غير معروف لهم، وهكذا يدعوه البعض خطيبها والبعض زوجها.  
+ عندما ظهرت علامات الحبل المقدس وداهمه الشك فى القديسة الطاهرة لم يرفع صوته بكلمة وإنما فكر فقط فى تخليتها سرا.
+ وعندما أعلمه ملاك الرب بتفاصيل الحبل المقدس لم يتكلم أيضا بل خضع بكل تواضع.
+ عندما جاءت الأوامر بالإكتتاب لم يتوانى عن مشقة السفر مع القديسة لبيت لحم ولم يستنكف المبيت فى المزود ومع ذلك ظل صامتا.  
+ عندما تم الميلاد المقدس رأى بعينيه وسمع تسبيح الملائكة وفرحة الرعاة عند زيارتهم ومن المؤكد أنه تهلل معهم ومع ذلك ظل صامتا.
+ عندما دخل بالطفل يسوع مع أمه للهيكل ليصنعا تقدمة كأمر الناموس رأى بعينيه وسمع تهليل ونبوات سمعان الشيخ وحنة النبية ومع ذلك ظل صامتا.
+ وعندما وصل المجوس الى مكان المولود رآهم يسجدون ويقدمون هداياهم ومن المؤكد أنهم تكلموا عن النجم الذى أرشدهم إلى مكانه وتنبأوا عن يسوع ملك اليهود ومع ذلك ظل صامتا.
+ وعندما أمره ملاك الرب بالسفر لأرض مصر لم يناقش أو يقترح مكان قريب وإنما نفذ الأمر دون مناقشة وظل صامتا.
+ لقد تحمل فى صمت المشقات الرهيبة فى رحلته إلى أرض مصر، ولا أشك لحظة أن الفرح والسلام والتهليل كان يملأ قلبه لأنه كان يجول مع ملك السلام.
+ وعنما أمره ملاك الرب بالعودة نفذ الأمر دون أى تذمر وظل صامتا.
+ وعندما رجع مع القديسة العذراء إلى أورشليم للبحث عن الفتى الرب يسوع وهو فى عمر الثانية عشر ووجداه فى الهيكل يناقش الكهنة لم يتكلم وإنما ظل صامتا وترك كلام العتاب للأم الحنون.
وهكذا نرى أن هذا القديس العظيم رأى بعينية ولمس بيديه ما إشتهى الأنبياء أن يروه وأكثر، لأنه لم يكن معاينا فقط لكل هذه الأمور التى تفوق عقل البشر، بل كان أيضا مربيا لمن أوجده لهذا الغرض، وفى هذا العجب كل العجب، ومع ذلك فى إنسحاق وتواضع عجيب ظل صامتا ولم يفتخر أو يقول أنه نال بركات أكثر من الآخرين!!!؟؟؟ ولهذا تحنن الله عليه وأراحه من أتعابه وهو يعيش حياة الفرح والسلام من قبل أن تبدأ أوجاع الكرازة وجحد اليهود للمخلص وصراخهم لهيرودس "أصلبه أصلبه...".  
إذا هو المثل الأعلى للخادم المؤتمن الأمين العفيف المتواضع الصامت الذى ينبغى لكل من يتقدم لأى خدمة مقدسة فى الكنيسة أن يتتلمذ على يديه لينال إكليله كما نال هذا القديس العظيم إكليل خدمته المقدسة.
 كم من الكنائس قد أطلق عليها إسم هذا القديس الذى إئتمنه الرب على رعايته وأمه القديسة الطاهرة لسنوات؟
لماذا لا نطلق إسم القديس على أول كنيسة تنشأ من جديد فى كل بلد زارتها العائلة المقدسة تكريما لخدمته المقدسة العفيفة والصامتة؟ أو على الأقل وبسبب صعوبات إنشاء كنائس جديدة لماذا لا نضيف إسمه إلى إسم شفيع أى كنيسة قائمة.
ألا يستحق هذا القديس المختار والمذكى من الله مثل هذا التكريم؟
أخيرا أقول أننى أشعر أن القديسة الطاهرة ستبارك هذا الإقتراح وتسرع وتساعد فى إصدار تراخيص البناء وأكثر إن تشفعنا بها.    
هذا هو يوسف الذي ضرب أروع مثال في التضحية والعطاء ونكران الذات خدمة لخير البشرية الأكبر الذي سيحققه ابنه يسوع يوما ما ، ويكفيه شرفا وفخرا وهو الرجل المتواضع المختفي أن يكون قد أوصل بالتعاون مع مريم ابنه يسوع الى كمال الرجولة من خلال تربية متكاملة الجوانب 
هذه كانت رسالة يوسف وتضحيته العظمى .. فهل نجد اليوم أمثال يوسف ... ؟؟ حتى من بين المكرسين للرب ...!!! الذين عرفوا حقا معنى التضحية وذاقوا طعم التجرد وذهبوا الى أقصى حدود في نكران الذات لإجل خلاص النفوس
 +       +        +

تمجيد القديس يوسف النجار خطيب العذراء مريم


  الأمر يخص الفادي لذا أرسل ملاك نوراني             يطمئنه بالحبل الالهي فصاح ده مش استحقاقي


ها قد اقتنيت الحقل الذي يسبى العقل              به الجوهرة الثمينة يسوع غالي القيمة

السماء لن تنسى أتعابك و سهرك و ترحالك             و بذلك في خدمتك و شهامتك و كمالك

لم تكن أباً للمسيح بل أخذت اللقب صريح                لا على سبيل المديح بل تكريماً لشخصك الخديم

نلت كرامة الأبوة و عظمك الرب يقوه            
 و أرسل ملاكه يعلنك مصر تكون ملجأك


و اصبحت الشخص المسؤل لذا جاك الملاك مرسول   خذ الطفل و أم النور و الى مصر قم على طول

لم يعين في مصر مكان فطافوها معاك يا مقدام         و تبارك وادينا و جبل قسقام بالزيارة الفريدة المنال

مصر يا بختك يا هناك بالطفل يسوع لما جاك           راكباً سحابه خفيفة هى العذراء الأم العفيفة

يوسف ظل يعمل نجار يعول الصبية و أبنها البار               حتى جاء الوحي بالعودة و أتاه الملاك لثالث مرة

هكذا تم المكتوب من مصر دعوت أبني المحبوب             فالوقت في مصر قد طال و الخطر مضى و زال

أطاع يوسف في الحال و أسرج دابته و قال              يا لهذه الاتعاب اللطيفة أرافق الاله و أمه القديسة

ورجع مع العذراء و الغلام الى الناصرة بسلام               و الصبي ينمو في القامة ممتلئ نعمة و حكمة تامة

لذا نطوّبك بالألحان و نسأل توبة و غفران              من لدن الرب الديان الذي تجسد و صار انسان

و تطوّبك كل العذارى السالكات بالبر و الطهارة                يا من صرت منارة تضيئ لجميع السهاري



                تفسير أسمك في أفواه كل المؤمنين الكل يقولون يا أله القديس يوسف النجار
أعنا أجمعين

بــركة وصلوات وشفاعــــة أبونا القديس يوسف البـــــار تكون معنـــــا جميعـــــا

تأملات روحيه في حياه العذراء


 
تأملات روحيه في حياه العذراء
القديسة العذراء مريم والتسبيحإن حياة العذراء مريم هي تسبيح في حد ذاتها.. صمتها واتضاعها، طهارتها ونقاوتها، احتمالها وخضوعها. إن العذراء نفسها تسبحة كانت تمشي على الأرض، والآن في السماء.
وعندما فتحت هذه العروس الطهور فاها المبارك المقدس المملوء نعمة، كانت الكلمات الخارجة من فمها هي تسابيح غنية وعميقة تدل على روحها النسكية الأصيلة، وتدل أيضًا على شبعها بكلام الله. فتسبحتها الواردة في إنجيل معلمنا لوقا البشير تتشابه كثيرًا مع تسبحة القديسة حنة أم صموئيل، والتي وردت في (1صم1:2-10).
عندما أدركت العذراء أنها صارت أم الله "أم ربي" (لو43:1)، لم تتكبر ولم تنتفخ.. بل بالعكس حولت المجد والتعظيم لله "تعظم نفسي الرب" (لو46:1)، فالرب وحده هو الجدير بالتعظيم والرفعة. ونحن في كل مرة نرفع تمجيدًا أو مديحًا لأمنا العذراء الطاهرة.. نراها أيضًا تحول هذا المجد إلى الله ابنها ومخلصها وإلهها قائلة: "تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي" (لو46:1-47). لم تفتخر روحها بذاتها، ووضعها الجديد كملكة وأم للملك وأم لله، ولكنها ابتهجت بالله مخلصها.
لقد كانت العذراء مشغولة بالله وليس بنفسها، مثلما قالت حنة: "فرح قلبي بالرب. ارتفع قرني بالرب" (1صم1:2). هذه هي النفوس القديسة البارة المنشغلة بالله، وليس بذواتها البشرية.. ليتنا نتعلم هذا الدرس.
كذلك لم تنس العذراء مريم أنها أمة الرب.. "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك" (لو38:1)، "لأنه نظر إلى اتضاع (مذلة) أمته" (لو48:1).
ونحن يجب أن نتعلم أيضًا من هذه الأم القديسة الطاهرة ألا ترتفع قلوبنا، بل ندرك دائمًا أننا "عبيدٌ بطالون" (لو10:17).. مهما عملنا من البر، ومهما وصلنا إلى مراتب روحية، أو كنسية، أو في العالم.. فالمسيح دائمًا ممجد في عبيده المتضعين فقط.
بروح النبوة تنبأت القديسة العذراء مريم عما سيحدث في الكنائس في كل العالم، وفي كل الأجيال من جهة تطويبها وتمجيدها ومديحها: "فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو48:1).
نحن بالحق نطوبك يا أم النور الحقيقي، لأنك صرت أهلاً لأن تحملي بين يديك الجالس على مركبة الشاروبيم، ومن تسجد له الملائكة وكل الخليقة.. فأنت بالحقيقة تستحقي كل إكرام وتمجيد وتعظيم يا أم الله بالحقيقة.
وفي ملء الاتضاع العطر تفهم العذراء القديسة أن ما نالته من نعمة هو من إحسانات القدير ورحمته. نحن نقول عنها إنها تستحق كل كرامة، وهي تقول عن نفسها إن ما نالته من كرامة كان إحسانًا ورحمة من القدير "لأن القدير صنع بي عظائم، واسمه قدوسٌ، ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه" (لو49:1-50).
هذه هي الروح المتضعة الحقيقية التي يقبلها الله، ويفرح بها.. "ليمدحك الغريب لا فمك" (أم2:27). وانطلقت العذراء القديسة مريم تسبح الله على صنيعه المجيد مع شعبه:
+ "صنع قوةً بذراعه. شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. أشبع الجياع خيراتٍ وصرف الأغنياء فارغين. عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمةً، كما كلم آباءنا. لإبراهيم ونسله إلى الأبد" (لو51:1-55).
+ إنه هو الذي صنع القوة بتجسده، وغلبته للشيطان والخطية والموت، وهو الذي "يميت ويحيي. يهبط إلى الهاوية ويصعد. الرب يفقر ويغني. يضع ويرفع. يقيم المسكين من التراب. يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويملكهم كرسي المجد" (1صم6:2.
+ حقًا بالرب قد "اتسع فمي على أعدائي، لأني قد ابتهجت بخلاصك. ليس قدوسٌ مثل الرب، لأنه ليس غيرك، وليس صخرةٌ مثل إلهنا" (1صم1:2-2).
+ "قسي الجبابرة انحطمت، والضعفاء تمنطقوا بالبأس. الشباعى آجروا أنفسهم بالخبز، والجياع كفوا. حتى أن العاقر ولدت سبعةً، وكثيرة البنين ذبلت" (1صم4:2-5).
+ إن إلهنا هو إله المستحيلات "لأنه ليس بالقوة يغلب إنسانٌ" (1صم9:2).
+ وإله تحقيق الوعد "كما كلم آباءنا. لإبراهيم ونسله إلى الأبد" (لو55:1)، فهو لا يخلف وعده لأنه "أمينٌ وعادلٌ" (1يو9:1).
ليتنا نتعلم روح التسبيح من أمنا العذراء، ونتكلم في حضرة الرب مثلها.. بكلام متضع روحاني مليء بالفكر والعقيدة والإيمان الراسخ

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010