ترنيمة قلبي الخفاق -قصيدة للبابا شنودة عظة (الله اله الضعفاء 1996) لقداسة البابا شنودة الثالث

 ترنيمة قلبي الخفاق -قصيدة للبابا شنودة
 
 
 
 

عظة (الله اله الضعفاء 1996) لقداسة البابا شنودة الثالث
 

الأبواب المغلقة



الأبواب المغلقة

في تسالونيكي




كانت هناك مركبة خاصة بالدولة تُستخدم في ميدان تسالونيكي الرئيسي باليونان، وقد حاول سائق المركبة أن يرتكب جريمة مؤلمة للغاية.

سمع قائد الفرق العسكرية بذلك فأمر بإلقاء القبض على السائق وإيداعه في السجن. حلّ عيد كبير فتوسلت الجماهير لدى القائد أن يطلق السائق من أجل العيد، ليفرح الكل ببهجة الموكب. أجابهم القائد بعنف وسخرية؛ فهاجت الجماهير، وفقدت وعيها. حاول القائد ورجاله أن يستخدموا العنف، فصارت الجماهير تلقيهم بالحجارة حتى مات القائد...

سمع الإمبراطور بما حدث فاغتاظ جدًا وصمم على تأديب شعب تسالونيكي. تظاهر بأنه يقيم مباريات في الساحة، ودعا كل أهل المدينة. جاء شعب المدينة ومعهم تجار غرباء وسواح كانوا في زيارة المدينة.

هناك صدر الأمر للجند بقتل الحاضرين، فصار الجند يضربون بسيوفهم في وحشية وبعنف.

لم يسمعوا لتوسلات الغرباء ولا للمظلومين...

قُتل عدة آلاف كانوا أبرياء ، وانتقلت الأخبار إلى كل المملكة فملأ الفزع قلوب الكثيرين.

+++

الأبواب مغلقة

ارتدى الإمبراطور ثيابه الملوكية، وانطلق يوم الأحد إلى الكاتدرائية في ميلانو... وإذا به يجد الأبواب مغلقة أمامه.

اغتاظ الإمبراطور جدًا، ونزل بنفسه من المركبة، وقرع الباب فخرج إليه الشماس المكلف بحراسة الأبواب. طلب الإمبراطور منه أن يفتح الأبواب، فأجابه الشماس: "لا أستطيع، لأن أبي الأسقف أمبروسيوس طلب مني إغلاقها وعدم السماح لكم بالدخول والاشتراك في العبادة..."

شعر الإمبراطور بحرج شديد، وعاد بمركبته إلى القصر بنفس محطمة.

التقى به مشيروه، وصاروا يُصوِّرون له أن الأسقف شخص متسلط وعنيف.

كان الإمبراطور متضايقًا جدًا، لا يعرف كيف يتصرف مع الأسقف أمبروسيوس.

+++

أبوة صادقة

بعد ساعات دخل الأسقف أمبروسيوس القصر الإمبراطوري وطلب اللقاء مع الإمبراطور...

حاول الإمبراطور أن يخفي غضبه، لكن ملامح وجهه كانت تعبر عما في داخله.

بلطف تحدث معه الأسقف، وكشف له عن خطورة ما صنعه في تسالونيكي. أخبره الإمبراطور أن ما فعله هو العدالة بعينها، فإنهم قتلة. أوضح له الأسقف أنه كان يجب محاكمة القتلة، لا قتل الآلاف من الأبرياء... وإذ اقتنع الإمبراطور صار الأسقف يحدثه عن التوبة، فبكى بدموع وسجد حتى الأرض يطلب من الله المغفرة...

استغل الأسقف الموقف وطلب من الإمبراطور أن يصدر قوانين تحفظ العدالة منها:

1. تحرير الأبناء الذين باعهم والديهم عبيدا بسبب الفقر.

2. حماية الشعب من سطوة رجال الدولة الرسميين المدنيين والعسكريين.

3.عدم تنفيذ حكم الإعدام على أحدٍ إلا بعد ثلاثين يومًا من صدور الحكم، حتى تُعطى فرصة للقاضي أن يراجع نفسه.

تحول ضيق الإمبراطور من الأسقف إلى صداقة حميمة بقيت حتى اللحظات الأخيرة من حياة الإمبراطور.

+++

شفاعة عن الوثنيين

في كل عمل كان الإمبراطور يطلب صلوات الأسقف أمبروسيوس. وحين دخل في معركة في أكويلا بعث برسالة إلى الأسقف يطلب صلواته. فأرسل إليه الأسقف يقول له: "وضعت رسالتك مع الذبيحة (على المذبح) حتى يتكلم إيمانك أمام الله في الوقت الذي فيه أنطق أنا بالصلاة".

انتصر الإمبراطور وأسر بعضًا من أهل أكويلا وكانوا وثنيين. طلب الأسقف منه أن يعفو عنهم. فرح الوثنيون في ميلانو وفي المدن المحيطة، وشعروا أن الأسقف هو أبوهم الذي يترفق بهم، وأحبوه.

أريدُ أنْ أكونَ بلبلاً




أريدُ أنْ أكونَ بلبلاً

بلبل يغني ويغني

في مدينة الرُها بسوريا وقفت الأم من بعيد تراقب طفلها الوحيد أفرام وهو يتطلع من نافذة حجرته على الحديقة فترة طويلة....

اقتربت الأم من أفرام، وبحنان وضعت يدها على كتفه وهي تقول له: "إنك تحب الخضرة يا أفرام".

- نعم يا أماه.

- لماذا تقف هنا تتطلع على الحديقة ولا تنزل إليها؟

- إنني أراقب البلبل الأبيض.

- ولماذا لا تراقبه في الحديقة؟

- إنني لا أريد أن أقلقه... أود أن أراه من بعيد، وأتركه يطير بين الأغصان ويغني... كم كنت أود أن أكون بلبلاً يطير إلى أماكن كثيرة، خاصة بين الحدائق، أغني دوماً ولا أحزن ...

ابتسمت الأم لكلمات طفلها الوحيد أفرام، وقالت له:

"سأروي لك يا أفرام عن بلبل عاش في مدينتنا هنا يغني ويغني... يدعى أفرام!"

حول الطفل نظراته من الحديقة ليتطلع إلى أمه ويستمع إلى قصة البلبل أفرام الذي يغني.

+++

بلابل مغردة

قالت الأم:

"في مدينتنا هنا منذ زمن طويل عاش إنسان يدعى أفرام، اشتاق أن يكون بلبلاً يغنى، يطير من بلد إلى بلد ليغني...

كان أفرام يحب الكتاب المقدس، يقرأه في الصباح والمساء، كلما قرأه يحب السيد المسيح مخلصه، فيركع في هدوء يرفع قلبه إليه ليصلي إليه ويرنم... يعود فيجلس ويكتب ترانيمه العذبة.

كتب لنا الكثير من التسابيح العذبة لنعيش نغني لإلهنا مثله. كتب أكثر من ثلاثة ملايين سطرًا، أغلبها من الشعر الذي يترنم به في قلبه.

كان يشتاق أن يصير الكل بلابل مغردة مثله. كان سكان مدينته وثنيين وأشرارًا... بابتسامته كان يصادقهم، ويتحدث معهم عن السيد المسيح المخلص. فاجتذب كثيرين إلى الإيمان المفرح. جاءوا إلى الكنيسة يسبحون ويغردون كالبلابل".

قاطع الطفل أفرام حديث أمه، قائلاً:

"لكنني أسألك يا أماه:

هل كل مسيحي هو بلبل مغرد؟"

أجابت الأم:

"من يفرح بالسيد المسيح،

ويحب الصليب،

يغرد مع الملائكة بقلبه ولسانه،

فيصير بلبلاً مغردًا".

سأل أفرام:

"ألا يحزن أبدًا؟ ألا يبكي؟"

أجابت الأم:

"يحزن ويبكي... لكنه بسرعة يرفع قلبه إلى الله مخلصه فيفرح قلبه".

+++

البلبل الطائر

ابتسم أفرام وقال لوالدته:

"لقد عرفت كيف صار أفرام بلبلاً مغرداً، لكن كيف كان يطير من غصن إلى غصن".

أجابت الأم سأروي لك يا ابني عن الأغصان التي طار إليها أفرام:

كلما رأى إنساناً بعيداً عن الله حسبه غصناً، يذهب إليه بابتسامة عذبة، ويتعامل معه بحب، ويحدثه عن السيد المسيح مخلصه. فيفرح قلب أفرام عندما يراه راجعًا إلى الله...

أصدقاؤك يا ابني هم الأغصان، إن أردت أن تغرد كالبلبل صلِ لأجلهم، وتعامل معهم بحب، وشجعهم على التمتع بربنا يسوع المسيح .

+++

أغصان أخرى

أكملت الأم حديثها، قائلة:

"أروي لك كيف كان القديس أفرام ينتقل من موضع إلى موضع كالبلبل المغرد بين الأغصان. جاء القديس أفرام إلى مصر كما إلى غصنٍ جديدٍ ، وعاش في الإسقيط بين الرهبان ثمان سنوات، وجدهم يسبحون الله ليلاً ونهارًا

كانت البرية (الصحراء) أشبه بحديقة، والرهبان كالبلابل ترنم وتسبح الله بفرح".

صارت عصا القديس أفرام التي كان يتكيء عليها شجرة، ولا تزال قائمة إلى يومنا هذا في دير السيدة العذراء- السريان".

مرة أخرى سمع القديس أفرام عن القديس باسيليوس رئيس أساقفة قيصرية أنه رجل ناسك يهتم بخلاص كل نفس، فاشتاق أن يلتقي به... إنه كالبلبل الذي يجتمع بغيره من البلابل ليغني الكل معًا. أتريد أن ترى البلبل أفرام كيف طار إلى غصن آخر؟

في قيصرية

سمع القديس أفرام السرياني عن القديس باسيليوس الكبير، ولم يكن قط التقى به من قبل.

ذهب إلى الكاتدرائية في قيصرية وكان يتوقع أن يراه في ملابس بسيطة تليق به كناسك. لكنه فوجيء إذ رآه يلبس ثياباً فاخرة محلاه بالذهب والحجارة الكريمة.

أحنى القديس أفرام رأسه في حزن، ورفع قلبه إلى الله، وهو يقول:

"إلهي ومخلصي يسوع...

هل هذا هو القديس باسيليوس الناسك؟!

اكشف لي عن حياته حتى لا ينكسر قلبي.

لا تسمح لي أن أحكم عليه من ذاتي وحسب أفكاري!"

وقف القديس باسيليوس يعظ في القداس الإلهي وبدأ يتكلم، فشاهد القديس أفرام ألسنة من نار تخرج من فمه وتطير نحو قلوب سامعيه... عندئذ فرح وتهلل!

انتهى القديس باسيليوس من عظته، فرأى ملاكين نيرين يحيطان بالقديس مارأفرام السرياني، فدهش: تُرى من يكون هذا الغريب؟

دخل القديس باسيليوس إلى الهيكل ورفع قلبه إلى الله لكي يكشف له عن الشخص الذي يقف وسط الشعب يحيط به الملاكان. كشف له الله عنه وعرف أنه مار أفرام السرياني ففرح به جداً وأرسل إليه القديس باسيليوس يستدعيه باسمه. دُهش مار أفرام أن القديس قد عرفه بين الجماهير، وعرفه باسمه أيضًا...

بعد القداس الإلهي أخذه رئيس الأساقفة على انفراد، وكشف له عن صدره، وكانت المفاجأة أنه رآه يرتدى مسحًا تحت الثياب الكهنوتية الفاخرة.

قال له رئيس الأساقفة:

"لقد كشف لي الرب أنك قد تعثرت في البداية بسبب ثيابي الكهنوتية الفاخرة، فلماذا تشككت؟ إنني أرتدي مسحًا لكي أمارس حياتي النسكية الخفية، لكن من أجل كرامة الأسرار المقدسة أرتدي الثياب الكهنوتية الفاخرة: إنني أشتاق أن تبقى معي زمانًا، فقد كشف لي الرب عن عمله معك. اعتذر القديس أفرام إنه لا يستطيع البقاء، وعاد كالبلبل إلى بلده يسبح الله.

كيف تجعل ابنك متميزا . ابونا داود لمعى اوعى تفوتكم العظة دى مهمة اووووووى

Animations





ملاك في جب الأسود

القمص تادرس يعقوب ملطي


ملاك في جب الأسود

هل سمعتم عن رجل تمتع بأبهج ليلة قضاها في كل حياته، عندما أُلقى في جب الأسود؟! فقد ظهر له ملاك، وصارت الأسود الجائعة صديقة له؛ هذا ما أرويه لكم.




يوليو 1992 القمص تادرس يعقوب ملطي

شباب مأسورون

في عام 605 ق.م هاجم نبوخذ نصر ملك بابل (العراق)، مدينة أورشليم. لقد حاصر المدينة واستولى عليها، وأسر الملك وكثيرين من شعبه أخذهم معه إلى بابل.

لقد ترك الفقراء في المدينة يكدّون في فقر شديد.

استولى الملك على 5400 قطعة ذهبية وفضية من الأواني المقدسة التي كانت في هيكل الله، ووضعها في هيكل إله وثني ببابل.

دعا الملك رئيس بيته أشفنز، وقال له:

"بعض هؤلاء الفتيان الأسرى أمراء وأشراف. اختر من بينهم من هم وسماء وأذكياء، ليدرسوا لغة الكلدانيين وحكمتهم، فيتأهلون للوقوف أمامي.

ليأكلوا من أطاييب مائدتي وخمري، ولتأتِ بهم إلىَّ بعد ثلاث سنوات".

أطاع أشفنز الأمر، واختار من بين الفتيان دانيال وأصدقاءه الثلاثة: حنانيا وميشائيل وعزريا.

وُضع لهم برنامج مكثف لتدريبهم في قصر الملك نبوخذ نصر؛ وأُعطيت لهم أسماء كلدانية ليُنزع عنهم روحهم الوطنية الأصيلة.

وضع دانيال وأصدقاؤه في ذهنهم ألا يتنجسوا بأطاييب الملك وخمره، الذي يؤتى به من هيكل الوثن كتقدمات للآلهة الكاذبة إلى مائدة الملك.

صارت وجوه الفتيان بهيّة ومشرقة، وكانوا أكثر قوة ونضارة من الذين يأكلون من أطاييب الملك. كما منحهم الله مهارة ومعرفة في الأدب والفلسفة. بجانب هذا وهب الله دانيال قدرة على تفسير الأحلام.

عندما امتثلوا أمام الملك بعد ثلاث سنوات من التدريب سُرَّ بهم جدًا. وإذ حاورهم أعجب بهم، واختارهم أن يبقوا في قصره الملوكي.

دانيال الشجاع

مات نبوخذ نصر وتولى ابنه بيلشاصر المُلك، هذا الذي لم يكن ينشغل بشيء إلا بالملذات والحفلات، وقد استغنى عن مشيري أبيه الحكماء.

صنع بيلشاصر وليمة عظيمة، واستخدم للشرب الأواني المقدسة الذهبية والفضية التي لبيت الرب، وكان الحاضرون حوالي الألف يسخرون ويستهزئون.

فجأة حلّ الرعب بالملك وتغيرت هيئته، وتسمَّر كل الحاضرين في أماكنهم كأنهم حجارة جامدة.

صرخ الملك:

"فتشوا لي عن السحرة والحكماء.

من يقرأ ما قد كتبته اليد السرّية على مُكلَّس (بياض) الحائط أمامي، ويخبرني بمعناه، يلبس الأرجوان وقلادة من ذهب في عنقه، ويتسلط ثالثًا قي المملكة بعدي أنا والملكة".

أخبرته الملكة عن دانيال صديق أبيه، فإنه بروح إلهه يفسر الأحلام والأقوال الغريبة.

أُستدعى دانيال وقرأ ما قد كتب على الحائط:

"مَنا مَنا تقبل وفرسيْن".

في حزن وبصراحة وشجاعة أخبر الملك أن مملكته ستستولي عليها دولة مادي وفارس.

دانيال الأمين

في تلك الليلة هاجم داريوس الماديّ مدينة بابل واستولى عليها.

غيّر الملك الجديد حكومة بابل؛ فقد قسَّم المملكة إلى 120 ولاية، وعين لكل ولاية حاكمًا "مرزبان"، واختار دانيال واثنين آخرين معه وزراء (رؤساء) على المرازبة. وكان دانيال ناجحًا جدًا يفوق الاثنين الآخرين جدًا.

في فترة قصيرة جدًا أدرك الملك أن دانيال هو الأحكم والأفضل بين كل مشيريه. شعر الوزيران الآخران أن دانيال قد صار الصديق المقرَّب جدًا للملك، وتوقعا أنه سيقام رئيسًا عليهما، ويكون هو الرجل الثاني بعد الملك.

امتلأ الوزراء والحكام والعاملون في القصر غيرة وحسدًا من جهة هذا الرجل المسبي، وبذلوا كل جهدهم لعلهم يجدون فيه خطأ من جهة تدبير شئون الامبراطورية.

قال أحدهم: "الطريق الوحيد للخلاص منه هو أن نتصرف من جهة شرعية إلهه الذي يتعبد له بكل أمانة... أنتم تعلمون جيدًا أنه يدخل حجرته ويصلي لإلهه ثلاث مرات يوميًا".

استصوبوا الفكرة، وصرخ أحدهم قائلاً: "لقد وجدنا الخطة، فلنسرع إذًا لتحقيقها!"، وأسرعوا لعلهم يجدوا الملك.

قال للملك:

"أيها العظيم داريوس، لتحيا فخامتكم إلى الأبد!

نحن نعلم كم أنت عظيم؟!

لقد اتفقنا أن يصدر فخامتكم مرسومًا ألا يطلب أحد من إله أو من إنسان شيئًا بل يطلب منكم. ومن يكسر هذا القانون يُلقى في جب الأسود.

فليُصدر عظمتكم هذا المرسوم الذي لا يمكن أن يتغير!"

فكر الملك في نفسه قائلاً: "إنني بالنسبة لشعبي صالح كإله"، وفي غباوة وقَّع على المنشور.

علم دانيال عن المنشور الذي أصدره الملك ووقَّع عليه. ذهب دانيال إلى بيته حيث توجد فيه عُلية نوافذها تطل تجاه أورشليم المحطمة. وكعادته رجع هناك، والنوافذ مفتوحة، وصلى إلى الله ثلاث مرات في اليوم.

إذ راقبه الأعداء ووجدوه يصلي لم يضيعوا الوقت، بل ظهروا أمام الملك، وطلبوا تطبيق القانون على أحد المسبيين القادمين من يهوذا.

"أي رجل هذا ؟" سأل داريوس؛ وإذ سمع أنه دانيال اغتم جدًا.

"آه، دانيال!" قال الملك.

"إنه رجل صالح،

دانيال لا يصنع شيئًا رديئًا قط".

أجاب الرجال: "لكن كما تعلم أيها الملك إنه لا يمكن تغيير قانون أصدرته، إنما يلزم طاعته".

لم يجد الملك طريقًا ما ينقذ به دانيال.

أُستدعى دانيال حيث تحدث معه الملك بحزن، قائلاً:

"آسف. إنني أرى إنه قد وُضع لي شرك، لكنني لا أستطيع تغيير القانون الذي أصدرته. الله الذي تخدمه أنت بكل أمانة هو يخلصك الآن".

انطلق جند الملك بدانيال إلى جب الأسود. ووُضع حجر على مدخل الجب، وختمه الملك الحزين بخاتمه الملوكي.

عاد الملك إلى قصره كسير القلب. لم يستطع أن يأكل، ولا سمح للموسيقيين أن يعزفوا أمامه، وقضى اليلة بلا نوم، وكان يقول:

"دانيال صديقي الحميم، لم يصنع إلا كل ما هو خير لمملكتي".

جب أسود أم فردوس؟!

كان ذلك اليوم هو أسعد أيام أعداء دانيال؛ كانت بهجتهم فوق كل تصوّر. فقد نجحت خطتهم، وذهب دانيال بلا رجعة، كانت الفرصة سانحة لهم لإقامة حفل كبير، وقد أمضوا الليلة كلها يسخرون من دانيال وبالطريقة التي بها تمزَّق إلى أجزاء متصورين كيف افترسته الأسود الجائعة. إنهم لا يعودون بعد يواجهون ما يناله دانيال من نجاح وحظوة عند الملك.

إذ أنزل دانيال إلى جب الأسود، رفع قلبه إلى السماء وصرخ إلى الله طالبًا النجدة: فنزل ملاك إلى الجب وسدّ أفواه الأسود الجائعة.

وإذ اقترب دانيال جدًا من الأسود وجدهم ينتظرونه في هدوء شديد، وكأنهم أصدقاء مخلصون يتمتعون بصحبته العذبة. عوض أن يصير طعامًا للأسود الجائعة، شعر دانيال كأنه قد أُرسل إلى الفردوس ليقضي أبهج أيام حياته. صارت الأسود تسير حوله منحنية، تلحس يديه وقدميه، وكان يحتضنها كأصدقاء له، مما جلب إيه الدفء الليل كله.

قضى دانيال هذه الليلة مع الملاك والأسود، وتحوّل الجب إلى موضع للتسبيح لله.

شعر دانيال كأن كل الخليقة تُسبح الله إلهه، فترنم بالمزمور 148:

"هللويا.

سبحوا الرب من السموات...

سبحوه يا جميع ملائكته...

سبحيه أيتها الشمس والقمر.

سبحيه يا جميع كواكب النور.

سبحي الرب من الأرض يا أيتها التنانين...

الوحوش وكل البهائم...

الأحداث والعذارى أيضًا الشيوخ مع الفتيان،

ليسبحوا اسم الرب لأنه قد تعالى اسمه وحده".

الله الذي يخلص!

في الصباح المبكر جدًا، عندما بدأ الضوء يظهر، أسرع داريوس إلى الجب، وبقلبٍ مثقل وصوتٍ مملوء حزنًا صرخ، قائلاً:

"يا دانيال، عبد الله الحيّ!

هل إلهك الذي تعبده دائمًا قدر أن ينجيك من الأسود؟!"

تخيل كم هي سعادة الملك عندما سمع إجابة دانيال المملوءة فرحًا ونصرة من وراء الصخرة.

"أيها الملك عش إلى الأبد.

إلهي أرسل ملاكه وسَدَّ أفواه الأسود، فلم تضرني، لأني وُجدت بريئًا قدامه وقدامك أيضًا أيها الملك لم أفعل ذنبًا".

بفرح مع شكر لله أمر الملك الحراس أن يفكوا الختوم ويحرروا دانيال.

أصدر الملك أوامره بالقبض على كل الرجال الذين اتهموا دانيال، وإلقائهم مع نسائهم وأبنائهم في جب الأسود.

قبل وصولهم إلى أسفل الجب بطشت بهم الأسود. سحقت كل عظامهم.

عندئذ كتب داريوس مرسومًا جديدًا أرسله إلى كل الشعوب والأمم والألسنة الساكنين في الأرض كلها، جاء فيه:

"ليكثر سلامكم.

من قلبي صدر أمر بأنه في كل سلطان مملكتي يرتعدون ويخافون قدام إله دانيال...

هو يُنجّي وينقذ،

ويعمل الآيات والعجائب في السموات وفي الأرض،

هو الذي نجَّى دانيال من يد الأسود".

وأقام الملك احتفالاً لتكريم دانيال، الرجل الذي آمن بالله إلهه الذي يخلّص من الأسود، ويحول الجب إلى فردوس مُفرح! 

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010