لا تسقط أبداً

مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة" (نش7:8).

تأمل معي "أنثوسة" .. الأم الجميلة المنظر، الواسعة الثراء، التي تنتمي إلى أرقي أسر المجتمع.. يموت رجلها وهي في ريعان شبابها، لم تتجاوز بعد العشرين عاماً، فترفض كل زواج يُعرض عليها لتتفرغ لتربية ابنها الوحيد..

كانت لها علاقة حقيقية بالرب يسوع، فتعلمت منه أن تحب وتُخلص في الحب.. أحبت ابنها وأخلصت له، تمضي السنون فلا تزداد إلا اصراراً على عدم الزواج، حتي أرغمت فيلسوف مقاوم للمسيحية أن يشهد لحياتها المختلفة ويقول مشيراً لها "ياللنساء المسيحيات"..



تأمل معي.. لقد كرست كل حياتها لخدمة شخص واحد.. فهل كان هذا عدم حكمة منها؟

نعم، لقد كرست سني عمرها من أجله، لذا لم يصر شخصاً عادياً، لقد أعدته أحسن إعداد ليكون آنية للكرامة نافعاً للسيد.. وصنع به السيد عجائب، وغيَّر به حياة الآلاف، ولا يزال إلى الآن يستخدم كلماته الذهبية في إعلان مجده للكثيرين.

ونسي الناس ما صنعته هذه المرأة.. قلَّما تحدثوا عنها أو أتوا بذكر عابر لإسمها.. أما ابنها "يوحنا فم الذهب" فطبقت شهرته الآفاق.. وظل إلى الآن وبرغم مرور ستة عشر قرناً، موضع تقدير وإعجاب الكثيرين من المؤمنين في كل مكان..

إنها نوع نادر لا يهمه اتساع الخدمة بقدر عمقها.. ولا يشغله إعجاب الجماهير بل إرضاء الله.. إنها من ذات نوع "اندراوس"..

انظر!!، كثيرون ينتبهون إلى استخدام الرب المجيد للرسول بطرس، وكيف ربح به ثلاثة آلاف نسمة دفعة واحدة، ولكن قليلين للغاية هم الذين ينشغلون باندراوس الذي ربح بطرس واتي به للرب (يو42:1).

أيها القارئ..

قد يعطيك الرب وزنة واحدة ويعطي لكل واحد من اخوتك عدة وزنات.. وقد لا يُقدر الناس خدمتك.. وقد لا تحظي بمديحهم.. ليس في هذا ما يدعو للقلق على الإطلاق.. الله أعظم منا، وله خططه العظيمة التي تفوق إدراكنا.. وقد لا نفهم الآن ما يصنعه الله معنا، ولكن لنثق فيه ولنعلن خضوعنا له، وسنفهم فيما بعد (يو7:13).

ليس مهماً كم أعطاك الرب من وزنات، المهم أنه هو بنفسه يتعامل معك ويستخدمك.. لذا افرح بما أعطاه لك.. وكن سعيداً بالموقع الذي اختاره لتعمل فيه.. لا تستصغر الوزنة، ولا تحتقر المكان.. يكفيك أنه يستخدمك.. يكفيك وجوده في حياتك..

نعم، قد لا تري الثمار العظيمة لخدمتك الآن.. تأكد أنك ستراها فيما بعد.. إن لم يكن هنا على الأرض، فحتماً ستتمتع بها طوال الأبدية..

ثق أن "المحبة لا تسقط أبداً" (1كو8:13).

"يارب تجعل لنا سلاماً لأنك كل أعمالنا صنعتها لنا" (إش12:26).

`17`

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010