هل من تناقض بين سلوكيات العهد القديم و الجديد؟

لماذا نجد فرقاً في التعليم والسلوك بين العهد القديم والعهد الجديد؟

ج: الحقيقة إن الرب يسوع المسيح نفسه قد تولّى الإجابة على هذا السؤال قائلاً: "لا تظنُّوا أني جئت لأَنقض الناموس أو الأنبياءَ. ما جئت لأنقض بل لأكمّل. فإني الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ من الناموس حتى يكون الكل." وهنا نرى أن العهد الجديد قد كمّل العهد القديم لكنه لم ينقضه أو ينفيه أو ينسخه، فالعهد الجديد أَكمل في تعاليمه الناموس والأنبياء.


س: لكن ما هو الفرق بين الناموس والأنبياء؟

ج: الناموس هو التوراة، أي الأسفار (أو الكتب) الخمسة الأولى في العهد القديم التي أعطاها الرب لموسى، وتتضمن إعلان الله عن الخليقة، والطوفان، والعهد مع إبراهيم، ونزول الشعب إلى أرض مصر في أيام يوسف، ثم خروج الشعب بواسطة موسى، ثم إعطاء الشريعة والوصايا والفرائض في جبل سيناء وغير ذلك. أما الأنبياء فيتضمن كل الأسفار المقدسة التي أوحى بها الله لأنبيائه بعد التوراة، وتتضمن كل الأسفار المقدسة في العهد القديم بعد الناموس، وحينما يقول الرب يسوع المسيح الناموس والأنبياء يقصد كل العهد القديم.


س: لكن هل قول المسيح له المجد "ما جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء بل لأكمّل" يشير أن هناك نقصاً في الناموس والأنبياء وهذا النقص يحتاج إلى تكميل؟

ج: مكتوب "كلُّ الكتاب هو مُوحىً بهِ من الله"، ومكتوب أيضاً "لأنهُ لم تأتِ نبوَّةٌ قط بمشيئَة إنسانٍ بل تكلَّم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس". وهذا ما وضحه المسيح حينما قال "فإني الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ من الناموس حتى يكون الكل." لكن الاحتياج إلى تكميل هنا ناتج من طبيعة الإنسان، فالله في العهد القديم يتكلم إلى البشرية في طفولتها، فهي لا تستطيع أن تحتمل كلَّ الحق فأعطاهم الرب الحق بتشبيهات، وتصويرات، وذبائح، وفرائض رمزية كما قرأنا سابقاً أن لا يأكلوا بعض الأطعمة لبعض صفات فيها، ويأكلوا الأطعمة التي ليست لها هذه الصفات وبذلك يعلمهم الله القداسة من هذه الصفات المكروهة وتلك الصفات المرغوبة، وكأنما مُدرس للحساب مثلاً يريد أن يُعلّم الأطفال مبادئ علم الحساب فيُحضر لهم برتقالة ثم برتقالة أخرى ويجعلهم يستخدمون أصابع أيديهم ليتعلموا كيف أن + = لكن حينما يكبر الطفل لا يحتاج مُدرس الحساب إلى برتقال ولا إلى أصابع اليدين، بل يُقدم لهم أعماق علم الحساب وهم يستطيعون أن يتفهموا ويتلذذوا بهذه الأعماق ويتذكرون طفولتهم ويشكرون حكمة المدرس الذي استخدم البرتقال والأصابع لتعليمهم مبادئ العلم ويتلذذون بحاضرهم بعمق مداركه وعلمه.

لذلك مكتوب عن الناموس "لأن الناموس إذ لهُ ظلُّ الخيرات العتيدة - أي الآتية في العهد الجديد - لا نفس صورة الأشياءِ لا يقدر أبداً بنفس الذبائح كل سنةٍ التي يقدّمونها على الدوام أن يكمّل الذين يتقدَّمون." فالناموس والأنبياء كانوا ظلالاً ورموزاً لحقيقة تمت في العهد الجديد، وكانوا أموراً ابتدائية أُكملت وتحققت في العهد الجديد.



س: لكن قد يقول قائل أنه إن كان المسيح قد كمّل الناموس والأنبياء إذاً يمكن أن يأتي أنبياء آخرون بعد المسيح ليكملوا تعاليمه؟

ج: هذا الافتراض لكي يكون صحيحاً يستلزم أن يكون المسيح مثل باقي الأنبياء، ولو كان الأمر كذلك لكان الحق الإلهي المُعلن للبشرية دائماً يحتاج إلى تكميل دون نهاية، لكن شكراً للرب فمحبة الله للبشر لم تسمح بهذا كما هو مكتوب "الله بعد ما كلَّم الآباءَ بالأنبياءِ قديماً بأنواعٍ وطرقٍ كثيرة كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنهِ الذي جعلهُ وارثاً لكلِّ شيءٍ الذي به أيضاً عمل العالمين الذي وهو بهاءُ مجدهِ ورسم جوهرهِ وحاملٌ كلَّ الأشياءِ بكلمة قدرتهِ بعد ما صنع بنفسهِ تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي" فقديماً كلم الله الآباء بالأنبياء، أما في الإنجيل فقد كلمنا الله في ابنه. وهناك فارق كبير جداً بين "بالأنبياء" و "في ابنهِ"، بالأنبياء أي أن الله كان يوحي للنبي بكلامه والنبي يتكلم بكلام الله. أما في ابنه فتعني التجسد، تعني أن "الله ظهر في الجسد" كما هو مكتوب أيضاً "والكَلِمَة صار جسداً وحلَّ بيننا ورأينا مجدهُ مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً." فالمسيح لا يتكلم بكلام الله بُناء على ما أوُحيَ إليه من الله كباقي الأنبياء لكنه يتكلم بكلام الله الحالّ فيه. فالمسيح هو كلمة الله، وأوضح لنا المسيح هذه الحقيقة بقوله "أنا في الآب والآب فيَّ." وأيضاً في قوله "أنا و الآب واحد".

لذلك لا نجد المسيح يكتب كتاباً كباقي الأنبياء مثل اشعياء أو ارميا أو حزقيال أو دانيال أو غيرهم الذين كتبوا ما أُوحي به إليهم، أما المسيح فلم يكتب كتاباً لأنه هو نفسه الكتاب. فالمسيح هو كلمة الله الذي "حلَّ بيننا ورأينا مجدهُ مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً."، والكتاب المقدس هو سيرة حياة المسيح الذي هو الله الذي ظهر في الجسد. مكتوب عنه في سفر اشعياء في الأنبياء في العهد القديم "ها العذراءُ تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمهُ عِمَّانوئيل." "الذي تفسيره الله معنا".



قال له أحد تلاميذه وهو فيلبس "يا سيد أرنا الآب وكفانا."، وقد تجاسر فيلبس وطلب هذا الطلب من تبجيله لشخص المسيح وإجلاله له فطلب منه المستحيل، ففيلبس يعلم أنه في القديم عندما طلب موسى من الله أن يرى مجده قال الله لموسى "لا تقدر أن ترى وجهي. لأن الإنسان لا يراني ويعيش." لكن هنا فيلبس من تأثره البالغ من حياة المسيح المجيدة الإلهية المقدسة، قال في نفسه إن المسيح يقدر أن يرينا الآب فطلب ذلك منه. لكن الأروع من هذا رد المسيح عليه "قال لهُ يسوع أنا معكم زماناً هذه مُدَّتهُ ولم تعرفني يا فيلبُّس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرِنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ." أي أن المستحيل الذي يطلبه فيلبس أن يرى الآب قد صار واقعاً ملموساً في المسيح. فالمسيح في الآب والآب فيه ومن رأى المسيح فقد رأى الآب، لذلك فإنجيل ربنا يسوع المسيح هو الإنجيل الكامل كما قال يسوع "أنا هو الطريق والحقُّ والحياة." وهذا من نعمة الله ومحبته للبشر أنه خلَّصنا وافتدانا وكلَّمنا وأكمل كل شيء في المسيح يسوع، الله الذي ظهر في الجسد.



ثم إن المسيح قد أكمل العمل، وأكمل الرسالة الإلهية تماماً، فشهد المسيح نفسه على الصليب وقبل أن يستودع روحه بين يدي الله قائلاً "قد أُُكمل." ويؤكد العهد الجديد ذلك في رسالة العبرانيين حيث مكتوب عن المسيح إنه "بدم نفسهِ دخل مرَّةً واحدةً إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً." ويؤكد أيضاً قائلاً "فمن ثمَّ يقدر أن يخلّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون بهِ إلى الله إذ هو حيٌّ في كل حين ليشفع فيهم." فمن هذه الآيات نفهم أن عمل المسيح عملاً كاملاً تاماً، يعطي الإنسان خلاصاً إلى التمام إذ يعطي له "بر الله" لكي يتبرر به الإنسان فلا يحتاج إلى شيء آخر يُضاف فيما بعد.. مكتوب عن هذا "وأما الآن فقد ظهر برُّ الله بدون الناموس - أي بدون أعمال الناس- مشهوداً لهُ من الناموس والأنبياءِ. برُّ الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كلّ وعلى كلّ الذين يؤمنون." فإعلان الله في المسيح إعلاناً كاملاً تاماً لا يحتاج إلى حرف أو نقطة لتزاد عليه حتى أن الكتاب المقدس نفسه شهد قائلاً "لأني أشهد لكل مَن يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحدٌ يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحدٌ يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبهُ من سفر الحياة ومن المدينة المقدَّسة ومن المكتوب في هذا الكتاب"



س: لكن هل تكميل المسيح للناموس والأنبياء بوصايا أعمق وأقوى يمثل عبئاً إضافياً على الإنسان؟

ج: قد يبدو الأمر كذلك لأول وهله لأن المسيح إنما عمِّق الوصايا وأعطاها معناها الأكمل والأشمل. فمثلاً "قد سمعتم أنه قيل للقُدَماءِ لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحُكم" أما المسيح فقال "إن كل من يغضب على أخيهِ باطلاً يكون مستوجب الحكم."، "قد سمعتم أنه قيل للقُدَماءِ لا تزنِ." أما المسيح فقال "إن كل من ينظر إلى امرأةٍ ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه."، "أيضاً سمعتم أنهُ قيل للقُدماءِ لا تحنث بل أوفِ للرب أقسامك." أما المسيح فقال "لا تحلفوا البتَّة." كذلك قيل للقدماء "عينٌ بعينٍ وسنٌ بسنٍّ." أما المسيح فقال "لا تقاوموا الشرَّ. بل مَن لطمك على خدّك الأيمن فحوِّل لهُ الآخر أيضاً"، وقيل "تحبُّ قريبك وتبغض عَدُوَّك". أما المسيح فقال "أحِبُّوا أعداءَكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئُون إليكم ويطردونكم" الخ

من هذا يبدو أن المسيح قد "صعّب" الوصايا إذ زادها عمقاً، لكن هذا يُفسر جوهر الفرق بين العهد الجديد والعهد القديم، فالأخير كان يعتمد على مجهود الإنسان الشخصي وإمكانياته الخاصة التي يحاول بها أن يُرضي الله، لذلك أعطاه الله وصايا الناموس التي إن استطاع أحد أن يعملها يحيا بها، وكان الغرض منها أن يدرك الإنسان عجزه التام عن إرضاء الله وعن حفظ الوصايا ببره الذاتي، فيعترف بخطيئته ويطلب من الله الخلاص منها بنعمة الله أي بالإيمان بالمسيح يسوع، لذلك يقول الكتاب إن الناموس لم يكن قادراً أن يُحيي لذلك فتبرير الإنسان ليس بالناموس هذا لأن الناموس يعتمد على قدرة الإنسان ليعمل الوصايا ويحفظها، والإنسان غير قادر على ذلك لأن "الكتاب أغلق على الكل تحت الخطية"، لذلك يكمل الكتاب هذه الحقائق قائلاً "إذاً قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان." وعندما يؤمن الإنسان بالمسيح ينال حياة جديدة وخليقة جديدة، ويحل المسيح بالإيمان في قلبه وإذ يحل المسيح في القلب فهو يعمل في الإنسان بقدرته وليس بقوة الإنسان لكن بروح الله وبقدرة الله التي وَهَبت للإنسان كل ما يحتاجه ليحيا حياة تَقَوية في رضا الله بحسب المكتوب "كما أن قدرتهُ الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى..."

فخلاصة الأمر أن الإنسان بدون المسيح لا يقدر أن يعمل شيئاً كما قال المسيح نفسه "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" وهذا ما كان في العهد القديم، أما في المسيح فيقول المؤمن "أستطيع كل شيءٍ في المسيح الذي يقوّيني" وهذا ما صار في العهد الجديد "لا أنا بل نعمة الله التي معي." ولإلهنا كل المجد إلى الأبد آمين.
س: كيف طبّق الرب يسوع قوله "لا تظنُّوا أني جئْت لأنَقض الناموس أو الأَنبِياء. ما جئت لأنقض بل لأكّمِل."


ج: الحقيقة إن الرب يسوع طبّق هذا القول في عدة أمور نأخذ منها أمراً واحداً على سبيل المثال في هذه الحلقة وهو القتل. قال المسيح في إنجيل متى "قد سمعتم أنهُ قيل للقُدَماء لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحُكم. وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيهِ باطلاً يكون مستوجب الحُكم. ومن قال لأخيهِ رَقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنَّم."

وهنا يكمّل المسيح الوصية السادسة من الوصايا العشر التي أعطاها الرب لموسى في التوراة، وهذه الوصية تقول "لا تقتل." وقد أكمل المسيح هذه الوصية في الإنجيل بتسليط الضوء على أمرين: الأمر الأول هو الغضب الباطل والأمر الثاني هو الإهانة والتقبيح، فبالنسبة للأمر الأول قال المسيح "إن كل من يغضب على أخيهِ باطلاً يكون مستوجب الحُكم." والغضب الباطل هو الغضب الذي ينشئه ويقوده الشيطان وهو غضب ملئ بالخطأ وعدم ضبط النفس ويؤدي إلى الخصام والنزاع والانقسام..إلخ ومن كلمة الله نعلم أن المسيح يسوع قد أذن لنا بالغضب لكن بشروط تحكم هذا الغضب لكي لا يكون غضباً باطلاً بل غضباً بنّاءاً هادفاً.



فمكتوب "اغضبوا ولا تخطِئُوا. لا تغرب الشمس على غيظكم ولا تعطوا ابليس مكاناً." وذات المعنى ورد أيضاً في سفر المزامير إذ يقول الوحي "ارتعدوا -أو اغضبوا- ولا تخطئُوا. تكلَّموا في قلوبكم على مضاجعكم واسكتوا." وهنا نجد أربعة أمور أوصى بها الكتاب عند الغضب.

أولاً: لا تخطئوا، أي أنك حينما تغضب لأمرٍ ما يستدعي الغضب يجب ألا تخطئ وبالأولى جداً أن لا تخرج عن طوعك وتفقد ضبطك لنفسك "البطيءُ الغضب خيرٌ من الجبار ومالك روحهِ خيرٌ ممّن يأخذ مدينة."

ثانياً: "تكلموا في قلوبكم على مضاجعكم" أي اذهب بهذا الغضب إلى الله وتكلم معه وتحاجج معه. "أدخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء." واطرح الأمر أمامه بكل اتضاع وانكسار، وتذلل له في تشفع وطلب لرحمة الله عليك وعلى أخيك، طالباً لمشورة الله لكي يقودك الرب إلى ما يريدك أن تفعل. فإما أن يفصح لك الرب عن الأمر ويريحك وينقي داخلك من جهة أخيك وينتهي الغضب أو ربما يقودك إلى الذهاب إليه للمعاتبة والمصالحة والتصفية أو ربما يقودك إلى أمر آخر لصناعة السلام بين الأخوة.

ثالثاً: "واسكتوا" أو "لا تغرب الشمس على غيظكم" أي أننا إذ نلجأ إلى الله بالقلب المنكسر والمنسحق، يقودنا المسيح ويرشدنا الروح القدس وينتهي الغضب فنسكت ولا تغرب الشمس على الغيظ. أي لا ينام الإنسان وهو مغتاظ من أخيه بل ينام في ستر العلي وفي ظل القدير يبيت..



رابعاً: "ولا تعطوا ابليس مكاناً" فابليس يشتهي أن يأخذ مكاناً في نفس وفكر وقلب أولاد الله وهو يستغل الغضب لكي يجد له مكاناً منه يستطيع أن يهدم عمل الله في الإنسان وفي الكنيسة، وبالإلتجاء إلى الله في وقت الغضب نحصن أنفسنا بقدرة الله فلا نعطي إبليس مكاناً.

لذلك فالغضب الباطل هو الغضب الذي يقود إلى الخطأ سواء بالاحتداد والصياح أو بالخمير والرياء وهكذا يتولد الخصام والبغضة، ومكتوب "كل مَن يبغض أخاهُ فهو قاتل نفس. وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس لهُ حياة أبدية ثابتةٌ فيهِ." فطبيعة الله ترفض القتل والبغضة على حدٍ سواء لأن الله محبة لذلك قرن الله البغضة والكراهية بالقتل تماماً.. والكتاب المقدس يعلمنا أن هذا هو الفارق بين أولاد الله وأولاد العالم قائلاً "لا تتعجَّبوا يا أخوتي إن كان العالم يبغضكم. نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب ُّالأخوة. مَنْ لا يحب أخاهُ يبقَ في الموت."



أما بالنسبة للأمر الثاني الذي هو الإهانة والتقبيح فقد قال المسيح "ومن قال لأخيه رَقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنَّم." وللإيضاح فكلمة "رقا" هي كلمة آرامية متداولة بين اليهود في ذلك الوقت وتعني فارغ أو باطل، والمجمع هو المحكمة الدينية المعروفة لليهود.



أما تفسير قول المسيح فهو أن من يهين أخيه بفعلٍ أو قول ويحزنه وربما يعثّره أو يسقطه في الفشل إنما هو يقتل هذه النفس ..

فالله وحده هو "فاحص القلوب والكلى" وهو وحده القادر والذي له الحق، والمستحق أن يحكم على الإنسان إذا ما كان فارغاً أم لا أو إذا ما كان عمل الإنسان باطلاً أم لا وهو الإله المحب والآب القدوس القادر أن يعالج ضعف الإنسان ويكمل نقصه. وفي النهاية "ستمتحن النار عمل كل واحدٍ ما هو. إن بقي عمل أحدٍ قد بناهُ عليهِ - أي على الأساس الذي هو المسيح - فسيأخذ أجرة. إن احترق عمل أحدٍ فسيخسر وأما هو فسيخلص ولكن كما بنار."



أما الإنسان فلا يعرف ولا يقدر أن يعرف، ولا يقدر أن يمتحن لأنه إنما ينظر إلى الوجه لا إلى القلب فكم بالحري جداً لا يحق للإنسان أن يحكم أو يدين.. مكتوب "ولا تدينوا فلا تُدانوا. لا تقضوا على أحدٍ فلا يُقضَى عليكم. اغفروا يُغفَر لكم." وعلى هذا الأساس يقول الكتاب "إن كل كلمةٍ بطَّالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين. لأنك بكلامك تتبرَّر وبكلامك تُدان" وقد أوصانا الله "لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم بل كل ما كان صالحاً للبنيان حسب الحاجة كي يعطي نعمة للسامعين." آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010