علاقات الإخوة في الأسرة !



علاقات الإخوة في الأسرة!
-----------------------------------

تتلخّص واجبات الوالدين لتنمية روح الأخوة بين الأبناء، في أمرين هامين:


الأول معالجة الغيرة والمشاجرة بين الأخوة معالجة تربوية سليمة. والأمر الثاني تنمية روح التعاون والمشاركة بين الأخوة.

معالجة الغيرة والمشاجرة بين الاخوة

من أكثر المشكلات التي تلاحظ بين الإخوة داخل الأسرة الواحدة، الغيرة من بعضهم والشجار فيما بينهم. فما سبب هذه الظاهرة وهذه المشكلة بين الاخوة؟

يتنازع داخل الأخ الحب والعداء تجاه اخوته، فهو يحب أخاه ويلاطفه ويتودد له ويحنو على الصغير ويعتني به، ثم نجده في لحظات أخرى يتشاجر معه ويثور عليه ويعلن سخطه عليه وكرهه له.

إن الغيرة والعدوان والحب بين الاخوة أموراً طبيعية لازمة لنمو ونضج الابن ليصير أخاً. فالتفاعل بين الإخوة هو الذي يجعل الطفل يتخلى عن اعتقاده أنه مركز الكون ومحوره، فيكتشف حدوده وتمايزه وفرادته، إلى جانب اكتشافه بأن للآخر وجوداً متمايزاً ومستقلاً لا يستطيع أن يمتلكه. وهكذا يتمرس على قبول الآخر وعلى الدخول في علاقة حقيقية معه ويتخطى أنانيته إلى المشاركة. وبذلك يتدرب الابن على مواجهة متطلبات الحياة الاجتماعية، مما يجعل هذه الخبرة الأخوية الأولى خبرة نموذجية تنعكس نتائجها على ما يليها من خبرات العلاقة بالآخرين في المدرسة، ثم في المجتمع. هكذا تتاح له فرصة للنضج واكتساب القدرة على الاتصال بالآخرين.

فالدور التربوي الأساسي للكبار أن يساعدوا الابن على توازن العنصرين اللذين يتجاذبان وجدانه من ناحية إخوته وهما الحب والعدوان بحيث يندمجان فيلطف أحدهما الآخر. فلا يؤول العدوان إلى رفض الآخر أو السعي إلى إيذائه وتدميره، بل إلى مجرد التمايز عنه، وتأكيد فرادته الذاتية كي لا يؤول الحب إلى ذوبان في الآخر، بل إلى التناغم معه والتعاون والمشاركة الوجدانية معه. وهذا التوازن بين الحب والعدوان، لا يتم إلا تدريجياً ككل عمليات النمو، ومرتبط بموقف الوالدين من أولادهم بشكل عام ومن سلوك الغيرة الذي يبدر عنهم بشكل خاص.

إذاً ماذا نفعل لنقلل من الغيرة بين الإخوة، ونقوي المحبة الأخوية؟
--------------------------------------------------------------

1- أن نتحاشى المقارنة بنين الأخوة، فالمقارنة تثير غيرته ونفوره من أخيه المفضل لدى الوالدين. فإذا كان غرضنا من المقارنة تحفيزه على التشبه بأخوته، فإن العكس سوف يحدث. فلن يتشبه الأخ بمن ينفر منه!!.

العكس هو المطلوب، فبدل أن نقارن الإخوة ببعضهم، لابد أن نعامل كل واحد من أولادنا وكأنه وحيد. فلكل ولد فرادته، يتطلب منها اكتشافها ومساعدته على اكتشافها. عوض أن نتخذ أحد أولادنا مقياساً لتقويمنا لولد آخر، يجب أن نشجع كل ولد على النمو في خط شخصيته المتميزة، وعلى استثمار ما أعطي من مواهب إلى أبعد حد. فهكذا يشعر ابننا بأننا منصفون له ومعترفون بما له من كيان مميز، فنخفف بالتالي من حدة الغيرة عنده.

ولابد أن نفهم أولادنا أن لكل واحد منهم الحق في أن يكون له مزاجه الشخصي وميوله الذاتية وحاجاته الخاصة، وقد تكون على خلاف ميول أخيه وحاجاته ومزاجه.

كما ينبغي تفادي المقارنة بين ما أحرزه من نجاح أو صادفه من فشل في ميدان معين كالدراسة مثلاً، بل أن نشعرهم أن المطلوب من كل واحد منهم ليس هو التفوق على أخيه أو مجاراته في نشاط ما، بل الذهاب في هذا المجال، إلى أبعد ما تسمح به قدراته الذاتية، مقارناً إنجازاته بما سبق أن حققه هو ومحاولاً أن يتفوق على نفسه قدر المستطاع. يجب أن يتأكد أولادنا دون أي مجال للالتباس أن كل منهم محبوب لدينا على مقدار محبتنا لغيره سواء كان هادئاً أو صاخباً، ذكياً أو أقل ذكاء، جميلاً أو بشعاً.


2- أن لا نثقل الأخ الأكبر بمسئوليات ومطالب؛ بحجة أنه أكبر وعليه أن يكون قدوة وننسى أنه مازال ولداً وغير مراعين حقيقة إمكاناته. مما ينفره من وضعه ككبير ويزيده حنيناً إلى ما كان يتمتع به وهو صغيراً من تدليل وتساهل. ولابد أن نؤكد له أن وضعه ككبير، لا يفرض عليه مزيداً من الواجبات والمسئوليات وحسب، بل أنه يمنحه أيضاً تفوقاً وحقوقاً وامتيازات. وأن نؤكد على هذا التفوق بإشراكنا الأكبر، إذا شاء وبملء رضاه في الاعتناء بالأصغر. وأن نمنحه بعض الامتيازات كاعتراف منا بكبره.


3- ينبغي أن يحرص الوالدان على التدخل بأقل ما يمكن في المشاجرات بين الإخوة. التي لا تتعدى كونها أمراً طبيعياً إذا كانت مقترنة، من ناحية أخرى، بمظاهر الود والتعاون فيما بينهم. وما يجب أن يزيدنا تحفظاً حيال التدخل في هذه المشاجرات، أنها، إلى حد ما، وسيلة يستخدمها الأولاد لاستدراج الأب والأم إلى إبداء تحيزهم لطرف على الطرف الآخر، لكشف من يفضلونه على الآخر. فإذا ناصر واحداً على الآخر، اعتبر الثاني نفسه مظلوماً، مما يؤجج غيرته ويدفعه إلى تكرار المشاجرة انتقاماً مما حظي به أخوه من مناصرة. أما الأول فيعيد الكرة كي ينعم من جديد بالمناصرة من الوالدين. ولهذا السبب تلاحظ هذه الظاهرة التي تبدو غريبة لأول وهلة وهي تحرش الأضعف بالأقوى واستدراجه إلى العراك، وكأن الغاية المنشودة ليس كسب العراك بل كسب مؤازرة الأهل بحجة أن هذا الصراع غير متكافىء. لذا من الأفضل ألا نتدخل على قدر الإمكان في المشاجرات بين الأخوة، مكتفين بملاحظة ألا يلحق أحد آذى بالآخر، أو أن يتسلط عليه بشكل دائم. وقد نتدخل بحزم لوضع حد لغلو العنف ولا نشعر المذنب أننا ننبذه أو نحرمه من حبنا وتقديرنا.


تنمية التعاون والمشاركة بين الأخوة:
-------------------------------------------

من الملاحظ في أسرنا أن المهام المنزلية تقوم بها الأم وحدها أو تكلف بها الابنة وقلما يعمل الأب في البيت، وكذلك الأبناء الذكور. لابد أن يكون لكل أخ عمل ودور مسئول عنه داخل الأسرة مهما كان سنه، صغيراً أو كبيراً، كل على قدر قدراته. لابد من تثبيت مبدأ أن لكل فرد في الأسرة دور، وعليه التزام تجاه أسرته واخوته. حينما يعمل فرد من أجل الآخرين ويشعر بمسئوليته تجاههم سوف ينتبه إليهم وإلى رغباتهم وردود أفعالهم لما يقوم به من أجلهم. وهكذا يستطيع أن يقترب إلى شخصيتهم الداخلية أكثر فأكثر.

زيادة فرص العمل المشترك بينهم: لابد أن يكون بينهم شيء مشترك. إن لم يوجد، اغرس اهتمامات مشتركة بنيهم رياضية أو اجتماعية أو كنسية. شجعهم على أن يتعاونوا في إنهاء بعض الواجبات المنزلية.

شجع قيام حوار بين الاخوة حول مائدة الطعام، أو في أوقات محددة تجتمع فيها العائلة.

احترس أن يتسلط أخ على إخوته، أو أن تعطيه سلطة عليهم- مهما كان الأمر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010