الــــذات

احذر ..انتبه ..أمامك منحني خطر ...
الــــذات
آه ..آه من الذات
آه ..من ذاتي التي أشقتني ..و طوحتني
آه من غشها ......و مكرها...... و خداعها ...و كبريائها
فهي لا ترضي الا بذاتها غاية ...تتسول التكريم و الاجلال .....
...لا تعمل الا لمصلحتها و منغعتها الشخصية...
و حين تعمل ...تود أن تقدر أحسن تقدير و أن يشاد بما تأتيه من أعمال و ما تقدمه من هبات
و أن يكتب علي صفحات الصحف و المجلات ما فعلته هنا و هناك
ترفض أن تعمل مجانا ..و تأبي العمل بعيدا عن الأضواء ....
و تطلب أن تجازي عما تفعله من خير ..خيرا يساوي أو يزيد ...
و ان لم يكن خيرا ...فمديحا و تكريم ...
لا ترضي بالعمل الخفي ..و تبتهج و تسعد بما يؤتيها مديح الناس و اعجابهم و تصفيقهم ...
و آه ..آه ..لــو وجه اليها لــوم أو عتـــاب ..
أو تناسوا وجودها في محفل ..
تشتاط غضبا و غيظا ..و تقلب الدنيا عليها واطيها...
جشعة ....تفضل الأخذ علي العطاء و تهرب مما يتطلب الجهد و انكار الذات ..
تحب الراحة و الكسل .... تود أن تُخــدم ....و لا تخــدم ..
تحب المتكئات الأولي و الصفوف الأمامية ..و أن يكرمها الجميع و يشيدوا بأمجادها ..عمال علي بطال ...
و آه ..آه لو مدحوا آخرين و أهملوها.... تتكدر و تحزن و تكتئب ..و تحيل الدنيا كلها نكد
تقاطع و تخاصم ..و ما قالت عنه أبيض تؤكد أنه أسود
تفرح بكثرة الأصحاب و الأقارب ..تلاطف المقتدرين ..
و تتملق الأغنياء و ذوي المراكز..
تصفق للمشهورين و تتودد لهم ..
و تجالسهم و تطيل في مديحهم ...
تتأفف و تتململ من خدمة الفقراء و المنبوذين ..و تتعالي عليهم ..
تتدخل دائما فيما لا يعنيها ..لتبحث لها عن دور لتؤديه دون أن يطلب منها ...ليشاد بفصاحتها و حكمتها ..و رجاحة عقلهــا
تذيع أسرار متناثرة هنا و هناك ...لكي تتباهي أمام الآخرين أنها الوحيدة العالمة ببواطن الأمور وأنها القريبة من صناع القرار
آه ..من ذاتي من ينقذني منها ؟....طوحتني و أشقتني ..
قالــــوا ....
" توب و اقترب الي الله ..و أطلب عفوه و رضاه .."
قلت ..." لامانع ....فطريق التوبة حتما يؤدي الي الحياة الأبدية ......"
قالوا .." تخلص من عاداتك القديمة ..و اسعي لاكتساب فضائل جديدة ..."
قلت "جميل ....و لما لا؟ "
في الصوم صمت أياما ..و بفترات انقطاع حتي الغروب .....
في الصلاة ..صليت كل الساعات و بالأجبية كمان .....
في حضور الاجتماعات ...و اظبت و دايما أول الحاضرين ...
في الخدمة ..ساهمت و عملت و خدمت ...
في الندوات ...في المؤتمرات ..في المسابقات ..أنشط المشاركين.....
لم أترك شيئا الا و اشترك فيه بهمة و حمـــاس و نشـــاط
مـالــــي اذن؟؟.....
مالي اذن بالرغم من كل هذا لا أشعر براحة في القلب و لا سلام في الضمير ؟؟
مالي اذن ليس في قلبي سلام و لا فرح و لا طمأنينة ؟؟؟؟

يااااااه ..اكتشفـت المصيبـــة
هي ...هي و لا أحد غيرها
هي ...هي ذاتــي و لا أحد سواها
فاتني أن أتركها .....و أتخلص منها علي باب التوبة ..
فدخلت معي خلسة ...
شاركتني كل الأنشطة و الخدمات ...و ادعت و نسبت كل شئ لنفسها
هي التي صلت ...هي التي صامت ..هي التي خدمت ...هي التي فعلت ...
هي الحكيمة ..و لا أحد غيرهــا
هي ..هي ..الكل في الكل ...
المشورة مشورتها .....و النجاح في الخدمة بسببها
البـــر ...برهـــا
و المجـــد ...مجدهــــا
ياااه ...سئمتك يا ذاتي ..كرهت صحبتك لي في كل مكان ....
ضعت ...ضاع الهدف مني ...تهت في طريق التوبة
من أعماقي صرخت "...يارب انقذني ...نجيني ."
" من ذاتي ..أنقذني ....أشقتني و توهتني و أبعدتني بعيدا...."

فجاءني الصوت يسأل .....
" و تحتمل ؟؟...و تطيع ؟؟.....و تخضع و لا تتذمر؟؟؟؟ "
قلت ....." يارب احتمل ..يارب أطيع ..يارب أخضع من أجل أبديتي و خلاص نفسي ...المهم أنك تخلصني منها و تحررني من سطوتها "
قــــــــــال ...
" سأحاصرها من كل جهة و من كل جانب فلا تجد لها منفذ .....سأمررها بالاهانة الداخلية و الخارجيــة
سأسقيها مرارة العلقم و كئوس الهون ( أر 8: 14 )
سوف أذلهـا ..أتركهـا وحدهـا.. و أتخلي عنهـا (مرا 1: 5 )
تتلفت حولها فلا سند ..و لامنقــذ (مرا 1 :16 )
حتي تستسلم لي صاغــرة .. متصاغــرة.. منسحقـــــــة
حتــي تلعن مشورتها ..و تجحد كبريائها و عظمتهـــا
حتي تتعلم الاتضاع و تخضع لي (مرا 5: 15- 22 )
حتي لا تدعي لنفسها المجد ..و هو مجــدي ..
حتي لا تنسب لنفسها البر ...و هو بـــري و ثوب عرسي (حز 16 : 14 ).."

يـــاه ...يـــارب
أدبنـــي ..أدبنــــي ..و لكن ليس بغضبك ...( أر 10 : 24 )
(محصتني كمحص الفضـــة , أدخلتني الي الشبكـــة ) (مــــز 66 )
علي استقر تيار غضبك ..و بكل تيــار أذللتني ..أبعدت عني معارفي ..ذابت عيني من الــــــذل (مز 88 : 7 – 9 )
قد علمت يارب أن أحكامك عدل و بالحق أذللتني (مز 119 :75 )
فاضت ..فاضت الدموع من عيني و انسكبت أنهارا و هو يشويني في بوتقــه
(حكمة 3 – 6 )
فاضت ..فاضت الدموع من عيني و انسكبت و أنا أتجرع كؤوس المذلة و الهــوان .و المرارة في حلقي فاقت مرارة العلقـــم
و أنا في كل هذا أخضع و أطيع و أستسلم تماما كمن يستسلم لمشرط جراح ماهـــر حـــــاذق
و صوت خافت يخرج من أعماقي ..و يردد ...
"اجرح... نقي ... طهر ... اشفي ...
استأصل مني كل داء .. و طهرنــي من كل فســاد ... سعيا لخلاصي ..و اعداد صالحا لآخرتي ...لأنك اذ في تجاربي تذللني ..تحررني من ذاتــي التي أشقتني ...."

أحبـــــك ....أحبـــك يا يـــسـوع...
لأنك تؤدبني في تجاربي ...بعصا يلازمها عكـــاز ..
و بجـــراح تلازمهــا أمانــــة الحب ....و بآلام ..ترافقهـــا تعزيات تلذذ بها نفســـــي ..
فتجعل للألم مذاقة الشهــد
افعـــل ..افعــــل بي كيفمــــا شئت
ذللنـــي ...ذللنــــي لكي أتعلــــــم فرائضــك
و لتبقي عينـــاك ..... تلاحظني
و مـن حبـــك و رحمتـــك ..لا تبعدنـي
و مــن الرجـاء لا تقطـعـنــي...

ياه ؟ ...ياه ياربي يسوع ...ها أنذا أتماثـل للشفــاء
حقـــا ...حقـــا يارب .." حينما يتمرد الشريـــر ..تطلق عليه رسول قاســـي " ( أم 17 : 11 )
" و من يسلك بالكبريـــاء فأنت قادر أن تذلــــه " (دا 4 : 37 )
أشكرك ...أشكرك و أمجد عظمتك يا طبيب نفوسنا الشـــافي فالمجد ..
كل المجــد لك وحـــدك....
خيـــر لي أنك أذللتـنـــــــــي ....حتي أتخلص من ذاتي و أتعلم الاتضاع

الآن ..الآن فقط يا سيـــدي علمت أن هذا الثـــوب ..ليس ثوبـــي بل هو ثوي بـــرك ..و بهائك الذي جعلته علــــــي ...
و من أنــــا يا سيــــــدي؟ ....
دودة لا انســــــــان (مز 22 : 6 )
بليد ..و لا أعرف ...صرت كبهيم عنـدك (مز 73 : 22 )

الآن ..الآن أنا أفــــرح ...
فرحا أفرح بالرب ..
تبتهج نفسي بالهي .
ألبسني ثياب الخلاص ..
كساني ..كساني رداء البـــر ( أش 61 : 10 )
اعتقد ان مصدر الخير والحب فينا هو الروح القدس
وليس من الانسان سواء العقل او الجسد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010