5 - محاضرات في مادة اللاهوت الطقسي الأنبا بنيامين

5 - محاضرات في مادة اللاهوت الطقسي الأنبا بنيامين
===============================

منهج الافخارستيا (لمعهد الرعاية)
------------------------------------------


سر الافخارستيا



سر الأفخارستيا





+ الاشتراك في سر الأفخارستيا هو شركة في حياة السيد المسيح له المجد.

إنها بذرة الخلود تفعل فينا كما تفعل الخميرة في العجين. ميتالبسس Metalepsiss شركة حياة أبدية.

+ تتحد بالمسيح كما تلتصق قطعتان من الشمع بواسطة النار.

+ انتفع من الغفران بدم الصليب.

+ انتفع من الحياة الأبدية بجسد القيامة اللي بأخذه زي الخميرة في العجين.

+ أساس الميتالبسس هو الميتاأكسس ومعناها حلول الروح القدس الذي يحول الخبز والخمر لكي يكون حلول السيد المسيح على المذبح حلول حقيقي.

+ يقول القديس كيرلس الأورشليمى } انه إمداد للحياة التي تغلب الموت وتضاد أهواء الجسد وتُعيد الإنسان إلى رتبته الأولى في العلاقة مع الله {.

+ ويستخدم القديس كلمة كاتاى كائين ومعناها شركة حلول حقيقي وفعل حقيقي في الإنسان على مستوى الفكر والعقل والعاطفة والروح.

+ يقول } أن تناولنا من الجسد والدم يُخمد حُمى الانفعالات غير الملائمة في حياة المؤمنين ويقويهم روحياً ويحفظهم لنفسه لكي يعملوا مرضاته {.

+ واستخدم لفظ سيسيموى (جسد واحد) بمعنى أعضاء اشتركوا مع بعض بطريقة سرائرية فكونوا جسد واحد لذلك مش ممكن واحد يخطئ أو يكون بينهم خصومة.

+ فعل التناول في المؤمن رأسي في علاقته بالسيد المسيح
أفقي في علاقته بالمؤمنين

وحينما يلتقي البعد الرأسي مع الأفقي تتكامل ذبيحة الصليب في فعلها.
الأفخارستيا وفاعليتها الروحية
======================

+ أقوال الآباء فى سر الشكر
------------------------------------

مقدمة


أولا: أسماؤه

1) سر الشكر: لان الرب في تأسيس السر شكر وبارك وكسر لذلك افخارستيا تعنى شكر.

2) سر الأسرار: هدف الأسرار .... الثبات فى المسيح.

3) سر القربان: تتحول القرابين إلى جسد الرب ودمه الاقدسين استمراراً لذبيحة الصليب.

4) سر التناول: تناول المؤمنين من السر ... إشتراكهم في الجسد والدم.

5) العشاء الرباني أو العشاء السري: فهو عشاء الرب الذي منح للتلاميذ جسده ودمه وهو سرى أو سرائرى.

6) المائدة المقدسة أو الذبيحة المقدسة: لأنه طعام الحياة الأبدية ويقدم على مائدة سماوية.

ثانيا: رموز السر
1) شجرة الحياة: التي مَنْ أكل منها يحيا إلى الأبد ولذلك حرسها الرب ولم يسمح لآدم وحواء الأكل منها بعد الخطية(تك3: 22).

2) ذبيحة ملكي صادق: الوحيدة غير الحيوانية (تك14: 18).

3) ذبيحة الفصح: " لان فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا " (1كو5: 7).

ذهبي الفم } كما انه في الفصح اليهودي كان لحم الخروف ودمه ضروريين لنجاة الإسرائيليين من الهلاك الذي نزل بالمصريين كذلك لا ينجو المؤمن من هلاك الخطية ولا تكون له حياة فيه ما لم يأكل جسد ابن الإنسان ويشرب دمه {.

4) المن المحفوظ: (خر16: 23 – 35) الخبز النازل من السماء.

5) خبز الوجوه الساخن: لا يحل أكله إلا للكهنة وله مائدة خاصة اسمها مائدة خبز الوجوه، ساخن وحي دائماً.

6) الخمر المسكوب: (خر29: 40) في الصباح والمساء على المذبح (على الذبيحة).

7) ذبيحة السلامة: يشترك فيها الشعب مع الكهنة (لا7: 20)، والمسيح هو ذبيحة سلامنا " تأديب سلامنا عليه " (إش53: 5).

8) يوناثان والعسل واستنارة العينين: (1صم14: 27) رمز للاستنارة الحقيقية الداخلية التي يحصل عليها المؤمن من التناول... وهذا ما حدث لتلميذي عمواس حين كسرا الخبز فانفتحت أعينهما وعرفاه (لو24: 30، 31).

9) جمرة المذبح التي مَس بها السيرافيم شفتي إشعياء (إش6: 6، 7).

10) نبوات عديدة عن السر:

(مز23: 5) " تهيئ قدامى مائدة تجاه مضايقي، كأسك روتني مثل الصرف ".

(مز111: 4) " الرب حنان ورؤوف أعطى الذين يتقونه غذاء ذكر ميثاقه ".

(أم9: 1 – 6) " الحكمة بنت بيتها نحتت أعمدتها السبعة، ذبحت ذبحها، مزجت خمرها ... هلموا كلوا من طعامي واشربوا من خمرى التي مزجتها،اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم... "

(إش66: 20) ، (ملاخى1: 11) ، (حز16: 8-13) ، والعجل المسمن (لو15: 22).

ثالثا: أفكار حول التحول
1) قول الرب: هذا هو جسدي، هذا هو دمى.

2) " الخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي ابذله عن حياة العالم " (يو6: 51).

3) الذي حَول الماء لخمر ألا يستطيع تحويل الخبز إلى جسد.

4) الجهاز الهضمي وخاصية الامتصاص والتمثيل الغذائي تحول الخبز إلى جسد (لحم ودم).

5) " كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح والخبز الذي نكسره أليس شركة جسد المسيح " (1كو10: 16).

" في الليلة التي سُلم فيها اخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي " (1كو11: 23، 24).





أقوال الآباء في سر الشكر (الأفخارستيا)



+ قال القديس اغناطيوس الثيؤفوروس ] المتوشح بالله من آباء الجيل الأول الأنطاكى المستشهد عام 110 تقريبا [ :

} إن الرب يسوع المسيح جسداًً واحداً وهناك كذلك كأس واحدة للاتحاد بدمه ومذبح واحد وان تعدد في أماكن كثيرة {

(رسالة القديس إلى أهل فلادفيا فصل4).

+ وقال القديس يوسيفوس الشهيد ] (110 –115) م الجيل الثاني [ :

} نقدم باسمه ذبيحة قد أمر الرب يسوع أن تقدم وذلك في شكر الخبز والكأس ذبيحة مقدمة من المسيحيين في كل مكان على الأرض ذبيحة طاهرة ومرضية لله { (خطاب إلى تريفون TRUPHO فصل117).

+ يقول القديس إيريناوس أسقف ليون ] (120 / 140 – 202) م [ :

} إن المسيح علمنا ذبيحة جديدة للعهد الجديد .... فالكنيسة تسلمتها من الرسل وتقدمها في كل المسكونة بحسب نبوة أحد الأنبياء الإثني عشر وهو ملاخى حيث يقول " لا إرادة لي بكم .... " (ملا1: 10) وينادى بأن الشعب الأول (أي اليهود) سيكف عن أن يقدم لله ذبائح، وانه في كل مكان ستقدم ذبيحة طاهرة لاسمه الممجد في الأمم { .(إيريناوس: "الرد على الهرطقة 4: 17: 5").

+ ويقول القديس هيبوليطوس ] (170 – 230) م [ :

} إننا بعد صعود المخلص نقدم بحسب وصيته (ذبيحة) طاهرة وغير دموية { (هيبوليطوس: "في المواهب فصل 26").

+ ويقول القديس كبريانوس ] المتوفى 258م القرن الثالث [ :

} إن دم المسيح لا يقدم ما لم يكن في الكأس خمر، وتقديس ذبيحة الرب لا يتم قانونياً ما لم يكن قرباننا وذبيحتنا مطابقين لآلامه .... لأنه إذا كان إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح – وهو رئيس الكهنة العظيم لله الآب – قد قدم نفسه ذبيحة للآب وأمرنا أن نصنع ذلك لذكره، فلا يتمم الكاهن على الحقيقة عمل المسيح ما لم يعمل عمل يسوع المسيح نفسه، أعنى أن يقدم في الكنيسة للإله الآب الذبيحة الحقيقية بتمامها تابعاً في ذلك مثل المخلص نفسه { (رسالة 62 فقرة 2، 14).

+ وقال القديس يوحنا ذهبي الفم ] (347 – 407) م [ :

} ألسنا نحن نقدم كل يوم قرابين؟ نعم نقدم، وكنا نصنع تذكار موته. وهذه الذبيحة التي نقدمها كل يوم هي واحدة لا اكثر لأنه قدم مرة واحدة ... لأننا دائماً نقدم حملاً واحداً بعينه ولا نقدم الآن خروفاً وغداً خروفاً آخر، بل الحمل نفسه دائما فالذبيحة إذن هي واحدة أو هل المسحاء كثيرون لان الذبيحة تقدم في مجالات كثيرة؟ حاشا، لان المسيح واحد في كل مكان وهو هنا بكليته جسد واحد وكما انه يقدم في أماكن متعددة ولا يزال جسداً واحداً لا أجساداً كثيرة هكذا الذبيحة هي أيضاً واحدة {

(على العبرانيين مقالة 16: 23 ومقال 24: 4 على رسالة كورنثوس الأولى 10: 13 – 17).

انظر أيضا (1كو10: 15 – 17) " نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد لأننا جميعا نشترك في الخبز الواحد"

+ ويقول أيضا } أن رئيس كهنتنا العظيم قدم الذبيحة التي تطهرنا ومن ذلك الوقت إلى الآن نقدم نحن أيضاً هذه الذبيحة نفسها ... وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافذة (لأنها غير المحدودة) هي نفسها ستمم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلص "وهذا اصنعوه لذكرى " فيعلمنا إذن تذكار تلك لذبيحة على الصليب نتمم الذبيحة التي تممها رئيس الكهنة العظيم نفسهـا { (على عبرانيين 13: 10 مقالة 22: 3).

+ قال القديس امبروسيوس ] (340 – 397) م في القرن الرابع [ :

} كلما تناولنا القرابين المقدسة التي تتحول سرياً بالطلبة المقدسة إلى جسد المسيح ودمه، نخبر بموت الرب {

(في الإيمان 4: 10: 124).

+ وقال القديس غريغوريوس النيسى ] (335 – 364) م [ :

} إننا لا نقدم ذبيحة أخرى بل نتمم تذكار تلك الذبيحة الواحدة الخلاصية (أي يعنى الاستحالة) {.

+ وقال القديس كيرلس الكبير ] المعروف بالإسكندري في رسالته إلى نسطور والتي ثبتها مجمع أفسس الأول (المسكونى الثالث) عام 431 م [ :

} إننا نتمم في الكنائس الذبيحة غير الدموية وهكذا نقترب من الأسرار المقدسة المباركة ونتقدس باشتراكنا بالجسد المقدس، جسد يسوع المسيح مخلص العالم كله، وبدمه الكريم { (مجموعة Minge للآباء الذين كتبوا باليونانية Patr Graec الجزء 77، (أعمال القديس كيرلس الإسكندرى الجزء العاشر عمود 105 وما يليه)).

+ وقال القديس يوحنا ذهب الفم :

} (إن الخروف الفصحى) كان رمزاً لخروف آخر روماني وتلك النعجة كانت رمز إلى نعجة أخرى فكان ذلك ظلاً، وهذه هي الحقيقة فلما ظهرت شمس العدل تقلص الظل، وزال إزاء الشمس على مائدة واحدة ثم كل من الفصحين الرمز والحقيقة ... كان الفصح اليهودي فانحل .... وحل مكانه الفصح الروحي، الذي وصفه المسيح فبينما هم يأكلون ويشربون أخذ خبزا وكسر وقال "هذا هو جسدي ..... " { (عظة في خيانة يهوذا).

+ ويقول القديس أثناسيوس الرسولي:

} إن اتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه أسمى من كل اتحاد{.

+ وقال القديس أوغسطينوس:

} هذه التي نسميها جسد المسيح ودمه هي جوهر مأخوذ من أثمار الأرض ولكنها إذ تقدست بصلوات التقديس فهي تناول لنا لخلاص أنفسنا ولتذكار آلام المخلص وموته الذي احتمله من أجلنا { (في الثالوث، كتاب 3، فصل4، فقرة 10، القديس أغسطينوس (354 – 430) م ).

+ ويقول القديس ذهبي الفم :

} إنه لم يكتف بأن يصير إنسانا ويضرب ويٌذبح عنا بل أن يمزج ذاته فنيا، لا بالإيمان فقط بل بالفعل أيضاً جاعلاً إيانا جسداً له. فأي شئ ينبغي أن لا يكون اقل نقاوة من الذي يتمتع بهذه الذبيحة وأي شعاع شمس يجب أن لا يكون بهاءًا من اليد التي تقطع هذا الجسد والفم الذي يمتلئ من النار الروحانية واللسان الذي يصطبغ بالدم المخوف، فتأمل الكرامة التي كرمتها والمائدة التي تتمتع بها. إن الذي تنظر إليه الملائكة وترتعد ولا تجسر أن تحدق به بلا خوف من البرق الساطع منه. هذا نفسه نحن نغتذى به وبه نعجن وقد صرنا جسداً واحداً للمسيح لحماً ودماً ... من يتكلم بعظائم ويجعل تسابيحه مسموعة، أي راع يغذى خرافه بأعضائه ومالي اذكر الراعي. كثيراً ما دفعت أمهات أولادهن بعد أوجاعهن إلى مرضعات أخر وهو لم يطق أن يفعل ذلك بل شاء هو نفسه أن يغذينا بدمه ويجعلنا مرتبطين ومتحدين بذاته بكل الوسائط { (تفسير متى مقالة82: 5).

+ وقال القديس مارأفرايم السريانى ] المعروف بقيثارة الروح القدس (363 – 379) م [ :

} إن جسد الرب يتحد بجسدنا على وجه لا يلفظ به ودمه أيضاً الطاهر يصب في شرايننا-وهو كله بصلاحه الأقصى يدخل فينا { (جزء 3: 424).

+ وقال القديس اميروسيوس:

} هذا هو الجسد الذي تقدمه في سر الشكر قد جاء من البتول ولماذا تبحثون هنا وتطلبون العمل الطبيعي والموضوع هو جسد يسوع المسيح. أفلم يولد الرب نفسه من البتول بحال تفوق الطبيعة. هذه هي بشرة (جسد) يسوع المسيح المصلوبة والمدفونة فهذا هو إذن سر الجسد بعينه بكل الحقيقة (أي أن الأفخارستيا امتداد للصليب) { 0(في الأسرار 9: 53، 8: 27 و48).
ليتورجية القداس ووحدة الكنيسة

==========================


مقدمة


أولا: شركة دم المسيح وشركة جسد المسيح (فعل الاتحاد في حياة الجماعة).
ثانيا: ليتورجية القداس الإلهي شركة وعضوية وانتماء موحد.
ثالثا: ليتورجية القداس تقديس لجماعة المؤمنين معاً.
رابعا: ليتورجية القداس شركة متحدة بين الأرضيين والسمائين.
خامسا: ليتورجية القداس شركة المؤمنين مع القديسين المنتقلين.
سادسا: ليتورجية القداس شركة مصالحة وسلام مع الآخرين.
سابعا: ألحان القداس كعامل هام لتوحيد الكنيسة.


الأفخارستيا ووحدة الكنيسة


" كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح. الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح ... فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعا نشترك في الخبز الواحد " (1كو10: 16 – 17).


مقدمة:

ترتفع أنظارنا نحو المذبح فنجد جسد المسيح الواحد الذي يقدم في كل مكان بغير تعدد!! هكذا ندرك سر اتحادنا مع بعضنا البعض في المسيح يسوع وعمل كلمة الله في سر الأفخارستيا في القداس الإلهي هو إحضار العالم كله إلى واحد ... فبكسر الخبز نشترك الكل فيه " ونحن الكثيرين نصير جسداً واحداً للرأس واحد " فيكون لنا الأب الواحد والإبن الواحد ويصير الكل عائلة إلهية واحدة ...

يهبنا ربنا جسده ودمه في القداس الإلهي خلال كنيسته لكي يجدد حيويتنا في جسده (الكنيسة) وينعشها جاذباً إيانا من يوم إلى يوم إلى اتحاد أعمق مع الآب والإبن ومع بعضنا البعض يقول الرسول بولس " فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعاً نشترك في الخبز الواحد " ويعلق على ذلك القديس أغسطينوس بقوله } ينشأ سر سلامنا ووحدتنا فوق مذبحه { ويعلق القديس أمبروسيوس على وحدة الشعب في القداس الإلهي والمتجه نحو الذبيحة كوحدة واحدة بقوله } الشعب الذي تطهر وامتلأ بالمواهب العجيبة يبدأ بالسير نحو المذبح قائلين " إلى بيت الرب نذهب. الله يفرح شبابنا " انهم يسرعون جميعاً بروح واحد تجاه الوليمة الواحدة السمائية {.



أولاً: شركة دم المسيح وشركة جسد المسيح (فعل الاتحاد في حياتنا)
لقد قصد الرسول بولس بذلك (1كو10: 16) أننا جميعاً بالرغم من تعددنا ببعضنا البعض نصير واحداً عن طريق اتحاد كل منا بالمسيح وذلك بالأكل من جسده ودمه وذلك وفقاً للمفاهيم الآتية:

* كأس البركة التي نباركها: كأس البركة سميت هكذا لأنها تحوى دم المسيح الذي أهرق عنا على عود الصليب ولقد أطلق اليهود على الكأس الأخير التي يشربونها في عيد الفصح كأس البركة " التي نباركها " أي نتلو عليها البركة كما فعل السيد المسيح في عشائه الأخير مع تلاميذه.

* شركة دم المسيح: كلمة شركة في اليونانية (Koinonia) وتعنى اتحاد ... لذا قال " الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح " (1كو10: 16) بالأكل من الخبز الذي هو جسد المسيح نتحد به ...

* الشركة والدم: تعنى اتحاداً فعلياً بالمسيح على نوع ما وبكيفية تتناسب مع الإنسان ... وإن كنا لا ندرك هذا الأمر بعقولنا لأنه سر إلا أننا نعيشه ونلمسه (نلمس فعله في حياتنا) إنه اتحاد فعلى وليس شكلياً ففيه ننال غفران خطايانا " لان هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا " (مت26: 28) ونصير جميعاً تقدمه مقبولة للآب " فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد " (1كو10: 17) ... بل ونتعرف على الآب " لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبى أيضاً ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه ... الذي رآني فقد رأى الآب " (يو14: 7، 9) ... بل وأيضا نقتنى الحياة الأبدية معاً ونرتفع فوق الموت " الحق الحق أقول لكم إن لن تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم " (يو6: 53). إذاً الدليل الذي يؤكد فعل هذا الاتحاد في حياتنا هو اتحادنا ببعض فبالرغم من كثرتنا نصير واحداً في الأفخارستيا وفى القداس الإلهي ....



ثانياً: ليتورجية القداس الإلهي شركة وعضوية وانتماء موحد
إن الانتماء الواحد والموحد الحقيقي للكنيسة والحياة الأرثوذكسية الصادقة لا يتم من خلال الحياة الليتورجية وخصوصاً الأسرار وعلى الأخص في الأفخارستيا ... وهذا ما قصده الرسول بولس مما ذكر في (1كو10: 17) لذلك يقول القديس أغسطينوس } أنتم فوق المائدة. أنتم داخل الكأس والصينية { ....

وفى ليتورجية القداس الإلهي انتماء واحد حقيقي من الكنيسة للمسيح. لماذا؟
لان الكنيسة هي جسد المسيح لذلك فعندما يُقدم جسد المسيح على المذبح تكون الكنيسة كأنها تقدم نفسها قرباناً لله في اتحاد شديد به ومع بعضهم البعض وحدة واحدة بالتصاق كامل معه ... وهذا هو سر عضويتنا في الكنيسة: لان (العضوية الكنسية) في معناها اللاهوتي العميق هي مجموعة من المؤمنين تشترك معاً في الذبيحة بإيمان وقلب واحد لتتمتع بسر الخلاص والغفران .... لذلك فإن نجاح أي خدمة كنسية خاصة بالمؤمنين متوقف على قدرة الكنيسة – بكل كهنتها وخدامها وخادمتها – على ربط الشعب بالمذبح وتناولهم بصفة منتظمة من الأسرار المقدسة عن استعداد واستحقاق ... حقاً من اجمل مناظر هذه الليتورجية الرائعة دخول الكاهن مع شعبه ودخول الخادم مع أولاده والخادمة مع بناتها إلى هيكل الله ليأخذوا نصيبهم جميعاً معاً من الجسد والدم الاقدسين فيصيروا كلهم كياناً واحداً في المسيح يسوع لذا يقول القديس يوحنا ذهبي الفم } إن الكاهن يقف يكرز وسط شعبه لا كإنسان موهوب في البلاغة ولا كدارس للكتاب المقدس إنما كأبيهم الروحي الذي يدخل بروح الأبوة إلى مرعى الكنيسة الأقدس يقف على المنبر ليسكب حياته بالحب عن أولاده ثم يعبر بهم إلى المذبح الإلهي لكي يشبعوا بالذبيحة المحيية معاً {. والكنيسة ككل وحدة واحدة لا تكف عن شكر الله بنفس واحدة ... فنسمع في قسمة صوم الرسل يقول } نسبحك ونمجدك ونشكرك لأجل هذه النعم العظيمة { (قسمة صوم الرسل) ... وفى الحقيقة أن الكنيسة كلها معاً تستعرض في ليتورجية القداس حياة المسيح بالجسد ومعاملاته الخلاصية مع البشرية وافتقاده لنا بالخلاص من خلال هذه الذبيحة إنما نكون بذلك في حالة انسكاب قلبي وتمجيد وشكر وفرح وتهليل لا ينقطع (لذا كان هناك طقس السجود الجماعي في خدمة القداس) ....



ثالثاً: ليتورجية القداس تقديس لجماعة المؤمنين معاً
في ليتورجية القداس الإلهي يطلب الشعب معاً بلسان الأب الكاهن كنائب عن الشعب جميعاً بقوله } اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتاول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا لكي نكون جسداً واحداً وروحاً واحداً ونجد نصيباً وميراثا مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء .... { إذاً في الأفخارستيا ديناميكية إلهية سامية لتقديس الجماعة كيانياًً روحاً وفكراً وقلبًا وعاطفة ... وهذه أعظم مكاسب هذا السر العظيم الذي للتقوى أنه يهبنا القداسة من خلال اتحادنا بالرب القدوس " كونوا قديسين لأني قدوس " (1بط1: 16) لذا القديس كيرلس الكبير عمود الدين يؤكد هذا بقوله } أعطانا جسده الحقيقي ودمه لكي تتلاشى بهما قوة الفساد ونصير شركاء بالقداسة { لأن الأفخارستيا تعطينا من طبيعة الله المقدسة وتحمينا من فساد الخطية وعوامل الانحلال وهكذا تتنقى جماعة المؤمنين معاً من صفات الروح وهزالها ....



لذا كانت ليتورجية القداس ليس فقط تقدس كيان الجماعة الروحي لكنها أيضاً تعطى لأعضائهم الجسدية أن تتعفف وتتقدس لتكون شريكة مع الروح والعاطفة والقلب وكل ما في الجماعة المتحدة خلال الأفخارستيا المقدسة … بل أن الجماعة تتعبد وتعيش هذه الليتورجية وتمارسها في الكنيسة وتشترك فيها بهدف أساسي وهو إعداد هذه النفوس للملكوت والحياة الأبدية كغاية تصب فيها حياة كل المؤمنين …

لذلك في صلاة القسمة للقديس كيرلس صلاة ليتورجية معبرة تقول } عند أصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية من أعضائنا بنعمتك عند نزول مجدك على أسرارك ترفع عقولنا لمشاهدة جلالك عند استحالة الخبز والخمر إلى جسدك ودمك تتحول نفوسنا إلى مشاركة مجدك وتتحد نفوسنا بألوهيتك ... أخلق فينا يا ربنا وإلهنا قلباً طاهراً واسكن روحك في باطننا ... جدد حواسنا بقوتك وصيرنا أهلاً لموهبتك من كأس دمك نشرب – اعطنا مذاقه روحية لنستطعم مذاقه أسرارك المحيية .... املأنا من خوفك وألهب قلوبنا بشوقك الق فينا نعمتك طهر حواسنا برحمتك صيرنا هياكل مقدسة لحلولك وأواني مطهرة لقبولك. لكي نذوق جسدك نؤهل لحلاوة محبتك وكما انك واحد في أبيك وروحك القدوس نتحد نحن بك وأنتَ فينا لكي بدالة ندعو الله أباك أبا لنا ونقول: أبانا الذي في السموات.... {
ويلاحظ في هذه الصلاة الليتورجية المعبرة من معاني للتقديس بأسلوب الجماعة المتحدة كما يلاحظ ذلك في كل مردات الشعب وأيضا في الصلوات جميعها التي يرفعها الكاهن عن الشعب } ... شعبك وبيعتك ... يصرخون إليك ... ارحمنا ارحمنا .... { وباقي صلوات ليتورجية القداس.


رابعاً: ليتورجية القداس شركة متحدة بين الأرضيين والسمائين
الله يسمح لسكان الأرض البشريين أن يشتركوا مع السمائيين وأن يضموا أصواتهم إليهم و يختلط الاثنان معاً في سيمفونية مشتركة رائعة أي حب وأي عجب أكثر من هذا إنه إعجاز العبادة في كنيسة المسيح وروعة وجمال التسبيح فيها ... ففي قداس القديس غريغوريوس الثيئولوغوس ( الناطق بالإلهيات ) يقول } الذي أعطى الذين هم على الأرض تسبيح السيرافيم . أقبل منا نحن أيضاً أصواتنا مع غير المرئيين احسبنا مع القوات السمائية { ( القداس الغريغورى) ... لاشك أنه لا يوجد أحد ينكر هذه العلاقة الصحيحة بين ليتورجية التسبيح و بين الحياة والطبيعية الملائكية ... فإن الجماعة في الكنيسة تطلب أن يضم الله أصواتهم مع أصوات الملائكة في التسبيح كما يقبل الله أن يضمهم مع السمائيين لأنها ليتورجية سماوية الجميع ملتف حول العريس السماوي الخروف القائم المذبوح هدف الوليمة السمائية.


خامساً: ليتورجية القداس شركة المؤمنين مع القديسين المنتقلين
لا تكتفي الكنيسة بشركة المؤمنين معاً في خوارس التسبيح و الصلاة بل أيضاً تتمسك بضرورة حضور القديسين المنتقلين و الكل معاً مع الملائكة بكل رتبهم بل وطغماتهم ... لذلك خصصت لهم قطعاً في الصلاة (أوشيه الراقدين – المجمع ... الخ) وأرباع في التسابيح مع تماجيد و توسلات في كل مناسبة وسهرة وعشية وعيد وتذكار وما صور القديسين التي تزين الكنيسة (حامل الأيقونات) إلا أماكن رمزية خصصتها الكنيسة لحضور كل أصحابها وجعلتها في مقابل صفوف المسيحيين حتى يتيقن من الجميع من وجودهم ووحدتهم معنا في العبادة " أمام الملائكة أرتل لك, سبحوه في جميع قديسيه, في وسط الجماعة أسبحك " (مز138: 1, مز17 :1, مز22) ... إذن في ليتورجية القداس وفى تسابيح الكنيسة يشترك المؤمنين مع خورس كبير للملائكة و القديسين وكل الجمع } وكل الجمع غير المحصى الذي للقوات السمائية { ( القداس الإلهي).

إن وراء كل صوت فى الليتورجية يمتد صوت الخورس السمائى الهائل من ربوات القديسين و القديسات يقوده محفل الملائكة ويقول فى القداس الغريغورى } إذ قد طرحنا عنا كل أفكار الخواطر الشريرة .. نصرخ بما يرسله أولئك بأصوات لا تسكت و أفواه لا تفتر ونبارك عظمتك {.

سادساً: ليتورجية القداس شركة مصالحة وسلام مع الآخرين
" إن قدمت قربانك على المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك فأترك هناك قربانك قدام المذبح وأذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعالى و قدم قربانك " (مت5 :23 :24 ).

يتطلب التناول من القربان أن تكون في حالة صلح و سلام مع الله ومع أنفسنا و مع الآخرين فالقلب الذي سيحل فيه رب المجد يجب أن يكون قلباً نظيفاً خالياً من كل شوائب البغضة و الخصام وكذا الضغينة تجاه الآخرين ... لذلك يقول الكاهن في القداس الإلهي } اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقبل بعضنا بعضا بقبلة مقدسة لكي ننال بغير أنطراح في الحكم من موهبتك غير المائتة السمائية بالمسيح يسوع ربنا {.

وقديما كان يؤتى للكاهن بماء ليغسل يديه بعد خروج الموعوظين و قبل بدء قداس المؤمنين وكان يصيح الشماس مخاطبا الشعب } ولا يدع أحد في قلبه لأحد وٌخدا (أحيانا تذكر دغلاً){ أي حقد أو خصام و بغضه } ولا يقف أحد هنا برياء كونوا مستقيمين إلى الرب و لنقف بخوف و رعدة { (رسل 1-52 ) ولقد جاء في كتاب الديداكة فصل 14 ما يلي }وليكف الاجتماع معكم كل من كان في خلاف مع أخيه حتى يتصالحا معاً لكلى لا تتنجس ذبيحتكم لأن هذه الذبيحة هي التي قال عنها الرب " لأن في كل مكان وكل وقت قدموا لي ذبيحة طاهرة لأني ملك كبير يقول الرب وأسمى عجيب بين الأمم " (ملا 1: 11-14 ) { لذلك كانت ليتورجية القداس الإلهي توحد بين كل أفراد الشعب حتى من كانوا في عداوة أو خصام الكل يتقدس و الكل يتحد في جسد الرب ودمه الأقدسين …



سابعاً: ألحان الليتورجية (للقداس) عامل هام لتوحيد الكنيسة
إن اللحن و النغمات الليتورجية كحياة تسبيح سمه مميزة في الكنيسة وهو عامل هام لتوحيد الكنيسة كلها وجعلها جسماً واحداً بل مترابط الحركة و الأداء علاوة على بركة إثارة الحمية و الغيرة الروحية والحماس في صفوف العابدين والألحان و النغمات المصاحبة للطقس الكنسي بكل هزاتها وأوزانها وطرئقها هي تراث هي حياه دائمة قبلتها الكنيسة بطريقة راسخة عبر الأجيال بل أمانة تقليد ووحدانية الروح ... كما أن التسبيح لليتورجية القداس باعتبارها ليتورجية منسجمة متوافقة لها قوة عجيبة في تغيير الميول الرديئة و استبدال العواطف النجسة و تنقية الحواس الملوثة ... فيخرج اللحن من الكنيسة وقد امتلأ قلب جميع المؤمنين العابدين من تعزية الروح وتجديد النفس و انتعاش الروح القدس وتقديس الحواس ... كذلك تفارق الجماعة روح الحزن و الكآبة ويقتنوا فرح السيد المسيح الذي يكلل ويكمل بالتناول من الأسرار المقدسة في نهاية صلوات الأفخارستيا. يقول ذهبي الفم } بالتناول تشفى جراحات الجحود التي أصابت الإنسان{ ... هكذا كانت ليتورجية القداس الإلهي توحد الجميع في المسيح يسوع ربنا
"سر الشركة (سر الشكر)"
======================


إن أهم طقس فى الكنيسة القبطية.. طقس القداس الإلهى وفهم ما يحدث فى القداس هو أخطر ما يمكن وأهم ما ينبغى أن نعرفه.. كما أن طقس الكنيسة ليس فيه معضلات.. إلا واحدة وهى عدم فهم خلفية طقس القداس الخلفية الروحية واللاهوتية التى وراء كل طقس.. والقديس كيرلس الكبير وذهبى الفم والبابا أثناسيوس لهم أقوال توضح فهم سر الشركة وكيف يمتد ملكوت الله على حياتنا من خلال سر الشركة هذا.. لذا سنوضح فى قالب روحى الأمور اللاهوتية والطقسية فى القداس الإلهى..

والطقس ينبوع حى: والذى يستهين بالطقس يستهين بالحياة مع الله وفهم الطقس أمر منتهى الخطورة والأهمية والذى لا يفهم الطقس أو يؤدى الطقس بلا فهم فهو غريب عن الكنيسة حتى لو كان يحيا فيها لذا

يحطم الطقس نوعان:

1- الذى لا يفهم الطقس ومعانى الطقس ولا يلتزم بإتمام الطقس السليم.

2- الذى يدقق فى الطقس ولكن بدون نعمة.. كأنه عابد وثن أو فريسى.. فهو لا يفهم الأبعاد الروحية التى وراءه وهذا ينفر الناس من الطقس..

وهذا النوع الثانى انتشر فى الكنيسة فى فترات ضعف الكنيسة.. فريسية بلا روح أو جسد ميت بلا روح.. هذان السببان يحطمان الطقس فى أعين الشعب.. لذلك دراسة الطقس هامة بالنسبة للقادة..


"سر الشركة (سر الشكر)"

+ مفهوم سر الشركة: ما هذه الشركة.. وكيف تقوم شركتنا مع الله من خلال الطقس. القديس كيرلس الكبير يقول تعبيـر رائــع: قال الأفخارستيا هى حضور المسيح بالجسد وسط الكنيسة (حضور حقيقى حى).. ليس هو عبادة أو أن القداس ليس عبادة على مستوى الفكر والوجدان والمشاعر ولكن على مستوى التلامس الحقيقى:


+ الواقع المحسوس والملموس: ولكن بالحاسة الروحية.. ويقول القديس كيرلس الكبير: "تجسد الله مهم جداً ولولا تجسده لم تتلامس البشرية مع الله" والسيد المسيح عندما كان يشفى أحد كان لابد أن يتلامس مع الشخص الذى يشفى بقدر أن يشفيهم بالكلمة لكن يقول وكل الذين لمسهم.. شوفوا.. لذلك المراة التى وقف نزيفها فوراً تلامست مع هدب الثوب الذى كان يكسو الجسد الملئ باللاهوت.. فالتلامس لازم ولابد أن يكون تلامس حقيقى وليس على مستوى الفكر والمشاعر ولكن على مستوى التلامس الحقيقى آآخذ المسيح فىّ جسد ودم حقيقى وهذه بداية مفهوم الشركة يقول القديس كيرلس الكبير:

"الاشتراك فى سر الأفخارستيا هو اشتراك فى حياة المسيح له المجد شركة فى حياة المسيح.. إنها بذرة الخلود تفعل فينا كما تفعل الخميرة فى العجين لا يمكن للخميرة أن تخمر العجيب كله وهى خارجاً عنه لا تُحدث تغيير إلا إذا دخلت فيه".


يقول القديس كيرلس الكبير: "الأفخارستيا هى بذرة الخلود يأخذها الإنسان داخله وتسرى فى كيانه كله كما تسرى الخميرة فى العجين لذلك لابد أن الكاهن والشماس يعيشوا الشعب من خلال التسبحة والألحان والصلوات التى تتوج بالتناول بالحضرة الإلهية والتلامس مع المسيح كخميرة تدخل فى العجين.. فالكنيسة تُشبع بالفكر القراءات والوجدان بالتسابيح.. ولا تكتفى بهذا لكن تعطى الجسد والدم خميرة تخمر حياة الإنسان كلها.. إنها بذرة الخلود تمتد داخل حياتك كشجرة حتى تحيا الخلود قبل أن تبدأه فى الأبدية..


v كيف تعطى الأفخارستيا الخلود؟
1 - جسد القيامة: فالقيامة هى الخلود ولا خلود بلا قيامة لذلك ما نأكله هو جسد المسيح القائم من بين الأموات وليس الجسد اللحمى.. فالجسد فى سر الأفخارستيا هو الجسد القائم من بين الأموات بطبيعة مُمجدة وليست بطبيعة لحمية لا تحتاج أن تجتاز الموت فالسيد المسيح اجتاز الموت وقام ولو قلنا أن الخبز والخمر يتحول لطبيعة كجسدنا هكذا لابد أن يجتاز الموت ويكون المسيح لم يمت ولم يقم من الأموات (حاشا).. لكنه الجسد القائم من بين الأموات الجسد الروحانى الممجد لذلك يكون الدم فى الكنائس وحدة وممنوع أن الكاهن ينال الجسد مع الدم إلا فى حالة المرضى كلاً من الجسد والدم يقدم منفرداً.. الجسد القائم من بين الأموات جسد القيامة ودم المسيح المسفوك غفراناً للخطايا للعالم (دم الصليب).. لكن خلطهم معاً يعطى إحساس أنه جسد لحمى دموى.. لا جسد المسيح.. وهذا ما لا نقبله فلقد أخذ السيد المسيح الخبز وحده وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى وأخذ الدم وقال خذوا اشربوا هذا هو دمى.. يقول أحد الآباء: جسد القيامة والدم المسفوك على الصليب يجعلنا نلتصق بالمسيح كما يلتصق قطعتان من الشمع بواسطة النار" هذه هى الشركة لذلك نستخدم الكلمة اليونانيــة: (مبتاليبسس): أى (ميتا) = أعمق أو وراء الظـاهـر.. و(ميتاليبسس) أى: اشتراك له بعد أكثر من مجرد الاشتراك فى الأكل والشرب.. (ميتاآكسيس): أى شركة فعلية باليونانى يقول عنها القديس كيرلس الكبير: يقول عن (الميتاآكسيس): هذه هى الشركة هى اتحاد فائق اتحاد يفجر تيار النعمة الإلهية فى حياتنا الضعيفة المائتة.. فهى ليست شركة بالفكر والعاطفة والتأثير ولكنها شركة الحلول الحقيقى وليس على مستوى الفكر أو العاطفة أو التأثير..

وهنا يربط الـ (ميتااكسيس) بكلمتين يونانيتين مهمين جداً:

1- كلمة حلول باليونانى أى يحل = (إينوهى كاتين) أى الحلول الحقيقى أو الحلول ليس المعنوى لكن الحقيقى المستقر..

2- كلمة شركة (كينونيا) أى شركة الروح القدس..

وهنا يجمع بين كلمتين (شركة الروح القدس وحلول المسيح الحقيقى).. وهنا يستخـدم كلمة تعنى الاستقـرار (كاتويكاتين) أى باليونانى يستقر أو يسكن أو يحل حلول حقيقى..

إذن شركة الحلول الحقيقى وليس على مستوى الفكر أو العاطفة أو التأثير وعلى الجميع الاستجابة لتيار النعمة الذى يتفجر فينا بهذه الشركة الحقيقية (ميتااكسيس) الشركة الحقيقية للروح القدس الذى يُعدنا بالتوبة لكى يستقر ابن الله فى حياتنا وفى كياننا وفى جسدنا لكى يشع إشعاعات النور والحرارة فى حياتنا الضعيفة المائتة فى هذه الشركة..

إذن هى عملية إمداد للحياة التى تغلب الموت ولا يغلب الموت إلا المسيح القائم من بين الأموات والموت هنا هو أهواء الجسد.. وتطهر الإنسان من الخطية العاملة فى كيانه الجسدى "أرى ناموس آخر فى أعضائى يخالف ناموس الفكر.. ناموس الطبيعة البشرية (سلطان الجسد).. والجسد كالأسد له سلطان.. سلطان الأسد فى الغابة حياة الإنسان والأفخارستيا إمداد بالحياة لكى تغلب الموت أهواء الجسد التى تضاد الحياة الروحية..

إذ كان الجسد يجذب الإنسان لأسفل إلا أن التناول يعمل فى الإنسان لكيما يرفعه مثل كوريك السيارة التى يرفعها ليعالج الكاوتش.. وتيار النعمة يرفع الإنسان إلى فوق لكى ما يعالج ما فيها من اعوجاج داخلى بشرط التوبة لذلك ربطها بين الكينونيا وبين الإيثيوكانين أى استقرار المسيح وحلوله فى الإنسان..

الإنسان الغير تائب لا يشعر بهذه التيارات الغير روحية التى تعمل فيه.. والقديس كيرلس يبنى كلامه على أن السيد المسيح جاء ليعيد الإنسان إلى وضعه الأول ولإحياءه وجذبه.. بل يعيده إلى ما قبل السقوط القديم ويعطيه وضعه الجديد.. ونحن فى الأرباع الخشوعية نصلى ونقول: "بصليبه أعاد الإنسان إلى الفردوس مرة أخرى إلى طبيعته الأولى قبل السقوط.. وهذه هى قوة اللوغوس قوة الابن الكلمة التى تعمل فى الضعف البشرى. قوة إلهية تتسلط على حياة الإنسان لكى نحميه من قوة إبليس وسلطانه.. سلطان الجسد الذى يضاد الحياة الروحية.

النتيجة: أن الأفخارستيا يدخل فيها السيد المسيح حياة المؤمن ويستقر فيه ويسكن ويهدأ ناموس الخطية الذى يثور فى الجسد.. بل يعطى قوة حياة تضاد كل قوة شريرة تهدم وتحطم الإنسان.. فالسيد المسيح يهدم ويحطم أهواء الخطية فى الجسد ويشفى كطبيب للنفس والجسد والروح هذه هى الرعاية الصالحة التى فيها السيد المسيح يعصب الجروح جروح الخطية ونزيف الشر الذى يعمل فى الإنسان كل يوم.. يحرر من أمراض النفس والجسد.. لذلك الإنسان الذى يعيش فى الكنيسة بفهم ووعى وقريب من التناول يكون له أسلوباً فى الحياة مختلف.. إذ له تيار النعمة داخل حياته يجعله متميز عن باقى الناس.. أسلوبه وطريقة تفكيره مختلف عن الإنسان العادى.. والقديس كيرلس يضيف بعد أعمق يقول: أن هناك انفعالات داخلية فى الإنسان غير ملائمة للإنسان الجديد وهى تقاوم الحياة الروحية.. انفعالات الكرامة.. وانفعالات الغيرة الفاسدة وانفعالات أولوية الذات (الذات البشرية) هذه الانفعالات لا يقيم المؤمن فيها ويتقوى روحياً إلا إذا حفظ فى ذاته مرضاة الله من خلال المائدة السرية". هذه هى القوة التى تقاوم النزوات التى يفتكها الشيطان من خلال الانفعالات فى حياة الإنسان.. والطب يقول فى مراكز فى المخ تحرك كل أعضاء الجسم.. فكر الشهوة مثلاً يحرك انفعالات معيناً يحرك عضواً معيناً والمسألة تبدأ بالفكر والانفعال.. والشيطان كقوة شريرة خفية يدخل للإنسان ويحركه.. يحرك انفعالات وشرور ممكن تقود بعد ذلك لأفعال لا ترضى الله.. ولا تكون للإنسان قوة روحية أخرى تقاوم هذه الانفعالات وتحمى الإنسان كمظلة واقية بدون الأفخارستيا..

وهذا هو فعل المسيح فى سر الأفخارستيا.. هذه هى الشركة أن تكون حياتنا شركة بيننا وبين المسيح وليس وقفاً علينا لئلا نكون فريسة للشيطان لذلك أسموها سر الأفخارستيا..

والشركة تكون مظلة واقية تحمى حياة الإنسان من الضياع فى الانفعالات غير المحمودة العواقب.. لذلك القديس سرابيون له ليتورجيا فى قداس القديس سرابيون يقول: يا إله الحق كلمات معانيها فى كامل الروعة والجمال يقول:

"يا إله الحق ليأتى كلمتك القدوس على هذا الخبز وليصبح هذا الخبز جسد الكلمة وعلى هذه الكنائس لكى يصبح الكأس دم الحق واجعل الذين يتناولون فيها يتلقون دواء الحياة لشفاء كل عاهة ولتقوية كل نمو وكل فضيلة لا لدينونتهم يا إله الحق.. لا تحكم علينا ولا تخزنا.. فحوى الصلاة أن الهدف من الجسد والدم الذى نأخذهم أن الذى يتناولهم يتلقى دواء الحياة (المظلة الواقية) لكى يمنع دخول الموت عن طريق الفكر والانفعالات بالتيار الذى يصنعه الشيطان التيار الشرير.. والأفخارستيا مظلة الحياة الواقعية من الموت لشفاء كل عاهة روحية مثل الذى له عين ضاعت تكون عاهة البصر العماء عاهة والشيطان يعمى البصيرة الروحية إذ لو أن إنسان يقتل أخيه هذا ليس أعمى؟!! لكن بصيرته عمياء لا يرى.. فقد البصيرة التى يميز بها (مثل أب يعتدى على ابنته)؟!!! هذه عاهات موجودة فى الناس وتحتاج لعلاج وهنا ننتقل لنقطة عملية وهى:

+ لابد أن يدخل فى وعى الناس أن التناول لابد أن يكون عن احتياج (احتياج للمظلة الواقعية التى تهب الإنسان حياة تضاد الموت).. وليس عن استحقاق.. مثل إنسان داخله روح المعصية يريد أن يطيع لكن داخله تيار يجعله عنيد هو متعرض لتيار شرير ينزع عنه فعل الطاعة.. تعرض لإشعاعات دنسة تهيج فيه الكرامة والذاتية .

وهناك ملحوظة: نجد أن الإنسان أول ما يربط بفكر شرير فوراً يبعد عن التناول ممكن يحضر الكنيسة ولا يتنــاول.. (يقول التناور نور ونار) لذلك كقائد إذا وجدت مخدوم يقف بعيداً عن التناول اسأل لماذا؟ قد يكون أسير فكرة دخلت له غصب عنه.. تحطم فيه معانى جميلة أو تكون فيه عاهات مثل واحد يمسك أذن آخر يقطعها يمنع عنه السمع أو يكسر رجله أو يعوق مسيرته.. بسبب ضعف المسيرة له..

لذلك يقولك اجعل الذين يتناولون منها يتلقون دواء الحياة لشفاء عاهة ولتقوية كل نمو وكل فضيلة لا لدينونتهم يا إله الحق. لا تحكم علينا ولا تخزنا..

+ الشركة مع المسيح (ميتاليبسس) اشتراك (ميتاإكسيس) شركة (إيتكابتين) أى حلول المسيح داخل الإنسان هذه اصطلاحات تساعد على فهم المعنى (كانوكانين) أى استقرار المسيح فى المؤمن حلوله واستقراره.. الحلول غير الاستقرار..

الروح القدس كان يحل فى العهد القديم لكن لا يستقر كان حلول وقتى لكن هذا استقرار.. الشركة القائمة على الاتحاد فى الحياة شركة الحياة بينى وبين المسيح لأنه يعمل هذه المظلة التى تحمينى من تيار الشر..

مع المسيح

مع المؤمنين

+ نقطة أخرى تخص الكنيسة كجسد المسيح: (الوحدة بين المؤمنين والمسيح) توجد بين المؤمنين والمسيح فى الأفخارستيا.. فهناك الاتحاد بين الرأس مع المسيح والاتحاد الأفقى فى الكنيسة.



وهذا هو صليب الاتحاد: اتحاد رأس مع المسيح واتحاد أفقى مع المؤمنين..

والاتحاد الأفقى: بين المؤمنين.. الذين يكونون جسداً واحداً لها مصطلح يونانى: (يتحوى) أى تعبير ليس الجسد..

فالجسد: (سوما) أو (ساركس) تعبير لجسد الإنسان.

(ساركس): الجسد الخاضع لتيار الاثم – الجسد اللحمى الذى ممكن أن يسقط لكن جسد المسيح له العصمة معصوم من الخطأ.

(سوما): يخص الجسد القائم من بين الأموات لذلك نقول على جسد المسيح: بى سوما اثئواب.. الجسد القائم من بين الأموات تظهر فيه الدرجات الروحية فى أقصى درجاتها..

لكن الجسد الواحد (الكنيسة) ونحن كأعضاء اسمه الشعب الذى يكون أعضاء الجسد وكل واحد عضو فى الجسد يؤدى دور معين.

(إبنسيس فيزيقا): أى الاتحاد الطبيعى والمسيح عندما يحل فى المؤمنين يكون نوع من الاتحاد الطبيعى الذى ينتج عن التناول.



v ما أهمية الجسد الواحد للمؤمنين (جسد المسيح الواحد)؟!
كل واحد له كيان وفكر وحياة خاصة فلماذا نكون جسد واحد؟!!

والقديس كيرلس الكبير يوضح الفكرة بقوله:

علاقات الناس من خلال سر التناول تختلف عن علاقات الناس بعيداً عن سر التناول فلا خصام ولا زنى ولا قتل ولا سرقة ولا خطية يفعلها أحد بالآخر لأن الأعضاء فى الجسد الواحد لا تؤذى بعضها البعض أى تيار الفضيلة الذى يسرى فى المؤمنين لابد أن يكون جسداً واحداً.. الكيان الواحد..

والمسيح هو أصل الاتحاد بين الله والإنسان.. لأن المسيح فيه الطبيعتان الطبيعة الإلهية عن طريقها وحدنا بالآب ولأن فيه الطبيعة الإنسانية وحدنا بعضنا ببعض.. ويقول القديس كيرلس: "هذا هو البعد الكرستولوجى الذى نلمسه فى حياتنا ككنيسة.. الوحدة الروحية والوحدة الكيانية لشعب الله المبارك كرستولوجى: أى طبيعة المسيح اللاهوتية التى توحدنا بالله وطبيعة إنسانية توحدنا ببعضنا..

الوحدة الروحية يسموها (إبنمايتكوس) مصطلح يونانى..

الوحدة الجسدية فى المسيح: (سوماتيكوس).. لذلك يقول القديس كيرلس: نحن جميعاً واحد فى الآب والابن والروح القدس من خلال الشركة فى الجسد المقدس.. هى شركة روحية من خلال الشركة الجسدية أى فى جسد المسيح لكى تكون جميعاً جسد واحد. والقدس أثناسيوس يؤكد هذا المعنى بقوله: الرب حاضر ويحيى حياتنا ونحن نحيا فى حياته أى أن الله حاضر على المذبح ومن خلال حياته نحن نحيا.. لأنه يحيا حياتنا ونحن نحيا حياته..

(قصة الأخوان فى سفينة كادت أن تغرق)..

فالخلاص يتحقق بالكامل فى حضور الرب لأن فى شخصه تحيا الكنيسة باستمرار كوحدة واحدة معه من خلال الذبيحة المقدسة وكوحدة للكنيسة كلها..

وبذلك تكون درسنا اليوم:

1- فعل التناول من خلال الشركة مع المسيح ومن خلال التناول والمظلة الواقية التى تفيد من هو مستعد للتناول فى حياة توبة.

2- الوحدة التى تحدث فى شعب الله فى كنيسته المقدسة من خلال التناول المقدس..

يبقى ثلاث نقاط..



v علاقة الأفخارستيا بملكوت الله:
فى صلوات القداس الإلهى نتكلم بوضوح عن ملكوت الله نقول: اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قداساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا لكى يكون لنا نصيباً وميراثاً مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ البدء.

وأيضاً الجزء الذى نقول فيه: ففيما نحن أيضاً نصنع ذكرى آلامه المقدسة وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمينك أيها الآب. وظهوره الثانى المخوف المملوء مجداً. والظهر الثانى هو يوم القيامة (تحقيق ملكوت الله).

ثم فى آخر القداس يقول الكاهن: لأنه مالم تره عين ومالم تسمع به أذن ومالم يخطر على قلب بشر ما أعده الله… وهو حامل الصينية يقول: هذا أعلنته لنا نحن الأطفال الصغار الذين فى كنيستك المقدسة (أعلنه لنا كيف؟؟ أعلنه لنا عن طريق التناول "الافخارستيا") والكاهن يردد هذا الكلام نيابة عن الشعب كله وهو يحمل الصينية على رأسه ويقول: فمنا امتلأ فرحاً ولساننا تهليلاً لأن مالم تره عين ومالم تسمع به أذن.. هذا أعلنته لنا نحن الأطفال الصغار الذين لكنيستك المقدسة.. ما أعددته يا الله لمحبى اسمك القدوس هذا أعلنته لنا.. هذا الحديث عن ملكوت الله الأبدى.



v ملكوت الله الحالى:
فى الجزئية التى تقول: وعلمنا طرق الخلاص وجعلنا له شعباً مجتمعاً وسيرنا أطهاراً بروحك القدوس.. أى أنه لما ملك الروح القدس على قلب الشعب فى الكنيسة هذا يمثل ملكوت الله على الأرض لأن كنيسة الله هى ملكوته على الأرض..

والقديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات يقول فى القسمة:

"اصنعنا لك شعباً مجتمعاً مملكة وكهنوتاً وأمة مقدسة يعتبر اصنعنا لك أى هذا غير ممكن لدينا نحن بأشخاصنا لا يمكن نصل إليه لولا أنك تصنعنا.. وصنع الشئ هو إيجاده من جديد.. المادة الخام ممن تكون موجودة لكن التصنيع نفسه عملية التصنيع نفسها أى تجعل الشئ مختلف عن المادة الخام الأصلية (مثال: الملابس – من القطن – الصوف.. الخ).

وفى صلاة الاستعداد يقول الكاهن: اجعلنا مستوجبين بقوة روحك القدوس أن نكمل الخدمة بغير وقوع فى دينونة أمام مجدك العظيم.. نقدم لكَ صعيدة البركة مجداً وعظم بهاء فى قدسك.. هذه الصلوات بالذات تربط بين الملكوت الأبدى والحالى.. يقول اجعلنا مستوجبين وتعبير مستوجبين أى غير مستحقين.. وكلمة مستوجب أى له الحق التلقائى.. اجعلنا مستوجبين بقوة روحك القدوس أى الملكوت الحالى أن نكمل الخدمة بغير وقوع فى دينونة تخص الملكوت الأبدى أمام مجدك العظيم..

v ومن هذه الصلوات نخرج بثلاث نقاط هامة وهى:
1- الذبيحة تحيينا ملكوت الله: وبدون الافخارستيا لا نعيش ملكوت الله على الأرض وإحياء ملكوت الله على الأرض عن طريق سر الأفخارستيا وبما أنه هو المسيح الممجد إلى الأبد الذى سيدين الأحياء والأموات فى الملكوت الأبدى يكون الملكوت الحالى ظل الملكوت الأبدى أو عربون له.. ويقول القديس كيرلس: السيد المسيح ربط مكافأة الرسل وأخذهم للأبدية بالأفخارستيا فى جلستهم حوله على مائدة الأفخارستيا والسيد المسيح فى لوقا قال للتلاميذ أنا أجعل لكم كما جعل أبى لى ملكوتاً لتأكلوا وتشربوا على مائدتى فى ملكوتى وتجلسون على عروشاً وتدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر (لو30:22) ففيما السيد المسيح جالس بين تلاميذه على مائدة الافخارستيا كلمهم عن العروش التى يجلسون عليها فى الأبدية وقال لهم أنا أجعل لكم كما جعل أبى فى ملكوتى.. أى الذى يحدث عن المائدة هو ظل أو مثال لما سيحدث (وكلمة مثال أقرب للمعنى) " حين تجلسون على العروش إذ تأكلون فى ملكوتى وتدينون أسباط إسرائيل الإثنى عشر، وفى" (مت28:19) يقول لهم: لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتى ملكوت الله يقول ذلك صراحة، وفى (مر25:14) يقول لهم: "لا أشرب من نتاج الكرمة.. لأعود أشرب من نتاج الكرمة إلا حين أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى".

ويقصد بتاج الكرمة (دمه الذكى الكريم عصارة الحب الإلهى).. أى يريد أن يقول لهم أنا شربته معكم لم أشربه معكم مرة ثانية على الأرض إلا أن أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى.. وهنا ربط واضح بين الذبيحة وملكوت الله لذلك حديث السيد المسيح عن العروس والأكل فى الأبدية كان قبل سر الأفخارستيا مباشرة.. وبعد الأكل قال لهم: لا أشرب من نتاج الكرمة إلى أن أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى.

v لذلك هدف أساسى فى عمل الأفخارستيا هو أن تكون ضمن ملكوت الله وأن يكون لنا نصيب فى ملكوت الله.. لذلـك يقول: اجعلنا مستحقين يا سيدنا أن نتناول من قدساتك.. لكى نكون جسد جسداً واحداً وروحاً واحداً ونجد نصيباً وميراثاً مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ البدء.. هنا نرى فى الأفخارستيا صورة حقيقية لملكوت الله ولذلك الذى يثبت خطأه يُحرم من التناول لأنه لا يدخل ملكوت الله إنسان خاطئ متمسك بخطأه لذلك بدون التوبة والاعتراف لا نناول أحد وأذكر عبارة جميلة قالها ذهبى الفم: "أن دينونة الخطاة فى يوم الدينونة العامة، أما الدينونة للقديسين فهنا أمام المذبح" بمعنى أن القديسين الذين يعيشون حياة التوبة والاعتراف يدينوا أنفسهم ويقروا بخطئهم أمام الأب الكاهن فيستحقوا التناول من المذبح.. لذلك الإنسان لا يمكن أن يُحاكم مرتين على شئ واحد (خطأ واحد) فإذا حُوكم وحاسب نفسه على خطأه يتبرأ من الحكم لذلك "ليست خطية بلا مغفرة إلا التى بلا توبة".. وذهبى الفم يعتبر أن "التوبة والإقرار بالخطأ هو دينونة القديسين، يدانوا هنا حتى يتبرأوا فى الأبدية السعيدة وينالوا الملكوت الدائم..

من كل ذلك نجد أن الذبيحة هى التى تحيينا ملكوت الله وخارج الذبيحة لا نعيش ملكوت الله.. اخوتنا البروتستانت يقولوا حين نجلس إلى المائدة المقدسة يرسم فى أذهاننا صورة المسيح وهو مع الإثنى عشر يعطيهم جسده ودمه مجرد يرسم فى الأذهان وليس حياة حقيقية.. مجرد ذكرى تاريخية..



v التذكارات فى الكنيسة تلتقى فى أربع مسميات:
1- الذكرى التاريخية: ذكرى المنتقلين القديسين..

2- الذكرى التعبدية الخاصة بحياتنا اليومية: مثل تذكار القيامة فى باكر ، تذكار حلول الروح القدس فى الثالثة، تذكار صلب المسيح فى السادسة.

3- الذكرى السيدية: أى الأعياد السيدية وترتفع أكثر وتصل إلى أن تحيا الثلاث تذكارات فى:

4- الذكرى السرائرية: (الـ Mestical "مستيكل") أو Skramltin "سكراملتن") تيموريكل أى تذكار تاريخى.. و Historical أو Timorical "تيموريكل".

الذكرى السرائرية: تجمع فيها كل التذكارات.. تذكر الذكرى التاريخية للقديسين فى القداس وقراءات القداس تسير مع القديس صاحب الذكرى للقديسين فى القداس وقراءات القداس تسير مع القديس صاحب الذكرى وتختلف القراءات إذا كان شهيد أو راهب أو راهبة.

والتذكارات التعبدية تسبق القداس (لابد من صلوات الأجبية قبل القداس ونفس القداس يعد ذكرى تعبدية.. مثال ما صنع المسيح مع التلاميذ.. كذلك الذكرى السيدية: كل الأعياد السيدية فيها قداسات وكل هذا تجمعه الذكرى السرائرية وكلمة سرائرية معناها فوق الزمن.

v الذكرى السرائرية أو القداس الإلهى فوق الزمن:
فالقداس الإلهى هو عمل لا يحده زمن ولا يقاس بالزمن.. ويلاحظ أن معظم الحركات (انتيقلوكيت) عكس عقارب الساعة نجد دورة أبونا حول المذبح عكس عقارب الساعة والبخور أما الهيكل عكس عقارب الساعة لماذا؟؟.

لأنها لا تخضع لزمن.. لا تسير مع الزمن وكذلك أبونا يحرك إصبعه على فوهة الكأس عكس عقارب الساعة ويرشم الجسد بالدم عكس عقارب الساعة.. كل حركات القداس تقريباً عكس عقارب الساعة لا تخضع للزمن، لذلك نقول فى الصلاة قبل السجود ولكى يحل الروح القدس على الأسرار.. ففيما نحن أيضاً نصنع ذكرى آلامه المقدسة وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمينك أيها الآب.. هذه كلها حدثت فى الماضى والآتى لم يحدث وظهوره الثانى الأتى من السموات المخوف المملوء مجداً .. مع أن ظهوره الثانى لم يحدث بعد لم يحدث كيف نصنع ذكرى شئ لم يحدث؟؟

التعليل الوحيد والسبب الواحد.. أننا نصنع ذكرى فوق الزمن.. كل ما حدث من التجسد إلى القيامة العامة وظهوره الثانى الآتى من السموات المخوف المملوء مجداً لذلك نقول هنا دينونة القديسين لكن دينونة الخطاة أمام كرسى الديان العادل فوق..

يُلاحظ باستمرار أن الأمور التعبدية كلها تشير إلى استمرار البركة المأخوذة من المناسبة الأصلية بنفس القوة.. نقول فى الساعة السادسة وبالمسامير التى سمرت بها أنقذ عقولنا من طياشة الأعمال الهيولية والشهوات العالمية إلى تذكارات أحكامك السمائية كرأفتك.. صليب المسيح أو المسامير التى تعمل فى الإنسان تجعله يطرد الأفكار الشريرة وينقى الفكر من عمل الطياشة، كذلك حينما نذكر حلول الروح القدس فى الساعة الثالثة أو موت المسيح فى الساعة التاسعة نذكر كل البركات والعطايا الممنوحة لنا لأنها تدوم عبر الزمن لأنها لا تخضع لزمن تأثيرها وبركتها موجودة عبر الزمن.



+ يقول يواقيم جيرمينانوس (روم أرثوذكس) من العلماء الروحيين:

التذكار الأفخارستى هو تذوق مسبق للملكوت الآتى بصورته المكتملة بطريقة سرائرية أى أننى فى التناول أذوق الملكوت الآتى بصورة كاملة بطريقة سرائرية لا يدركها إلا الإنسان العائش عمق الحياة الروحية ويستوعب العمل السرائرى ليس كل إنسان هكذا..

v الفرق بين العمل العادى والسرائرى:
العادى يشعر به الكل أما السرائرى لا يشعر به كل إنسان لكن حسب اتساعه ليس الطول والعرض وليس الاتساع الفكرى لكن الاتساع الروحى مدى قوة الإنسان الروحى الذى يعيش وبداخله قوة روحية وقوة إيمانية..

العمل السرائرى فيه الإيمان فنحن نتناول الجسد والدم تحت أعراض الخبز والخمر ولكن يلزم الإيمان لأن الفرق بيننا وبين البروتستانت أن البروتستانت يؤمنوا أن الخبز والخمر يتحول فى المؤمن إلى جسد ودم المسيح لكن إيماننا نحن الأرثوذكسى أن الذى على المذبح هو الجسد والدم سواء أنا أكلته أم لا؟ البروتستانت يؤمنوا إيمان ضعيف أن الخبز والخمر يكونا فى المؤمن بعد تناوله جسد ودم لكن على المذبح هو خبز وخمر فقط.. لكن إيماننا نحن الأرثوذكسى أن الذى على المذبح هو الجسد والدم حتى لو أكلته أم لا؟ لذلك أبونا يمسك الجسد فى يده ويقول الجسد المقدس وكل الشعب يقول: نسجد لجسدك المقدس..، ويقول الكاهن: ولدمك الكريم ويرد الشعب: ولدمك الكريم..

يقول الأخ يواقيم جيرمينانوس:

أننا نذكر الخروف القائم الذى دائماً مذبوح وهذه هى خبرة الكنيسة فيما قاله سفر الرؤيا.. أن المسيح قائم دائماً مذبوح ودائماً نعيشه باستمرار فالتذكار الأفخارستى هو تذوق مسبق للملكوت الآتى بصورته المكتملة بطريقة سرائرية كل إنسان حسب اتساعه..

وفى الأبدية القديسين لا يشعرون بالأبدية نفس الشعور لكن كل واحد على قدر قامته الروحية.. لذلك واحد فى القداس يشعر أنه أخذ طاقة روحية بخلاف الآخر وآخر يحضر القداس ولا كأنه حضر؟ كأنه فى جلسة عادية.. تعتمد على مدى الاتساع الروحى.. وهذا ما حاوله السيد المسيح أن يعيشه مع التلاميذ فترة الأربعين يوم والذين نذكرهم فترة الخماسين المقدسة.. أنه عاش معهم على مستوى سرائرى وليس مستوى عادى مادى.. عاشوا معه وكان قائم من بين الأموات وظهر لهم بجسد القيامة وهم فى جسد التراب وهم فى الجسد الروحانى ويلتقوا ويعيشوا فى الافخارستيا بطريقة سرائرية.. ونحن نعمل مثل التلاميذ كما فعل معهم السيد المسيح فترة الأربعين يوماً قبل صعوده.. المسيح فى جسد القيامة ونحن فى الجسد الترابى على المستوى السرائرى ونحن نشعر أن فى كل مرة نخدم فيها الأفخارستيا إنما نضع أمامنا حادثة الصليب والقيامة موضع ديمومة الذبح وديمومة القيامة.. الدم يشير إلى الذبح والجسد هو جسد القيامة..

ولذلك اللحن الذى يُقال قبل آآنشف وقسم أو قسمة أو وذاقه على الكأس لها لحن يفيد ديمومة الذبح وكما قال القديس يوحنا الحبيب فى الرؤيا: خروف قائم (إشارة للقيامة) كأنه دائماً مذبوح أى عملية الذبح نفسها مستمرة جراحات الصليب تعلن استمرارية عملية الذبح وهنا نرى أن فترة وجود السيد المسيح فى الأربعين يوم هى فترة تمثل تأسيس ملكوته على الأرض وهو فى جسد القيامة الذى يخص الملكوت الأبدى.. وفيما هو يؤسس ملكوته على الأرض كان يعلن ملكوته الأبدى.. ففى جسد الحياة الأبدية التى كان فيها.. واضح الربط الشديد بين الملكوت (ملكوت المسيح على الأرض وملكوته الأبدى)..

والسيد المسيح بعدما سجل انتصاراً على الشيطان من خلال المسيح والقيامة لكى يعلن أن موته مؤسس على النصرة على الشيطان من خلال الصليب والقيامة ولذلك نعيشه فى الأفخارستيا.. إنه اغتصاب للملكوت الذى كان الشيطان معتدى عليه.. لذلك فى الافخارستيا نعيش النصرة الدائمة على الشيطان والعالم والجسد ولذلك الإنسان المهزوم للشيطان والعالم والجسد لا يقدر أن يأخذ الأفخارستيا..

وأول خطوة فى النصرة هى القيامة الأولى فيها تسجيل للنصرة وفيها نتعرض لعبارة ذكرى فى (1كو 16: 23) وهى كلمة ما رآن آسا = الرب قريب كانت تقولها الكنيسة من ألفين سنة وتظل تقولها وهى عبارة يقول الآباء عنها أنها عبارة ليتورجية أفخارستيا آخروية.. لأنها تمثل جزء من العبادة.. ولأنها تمثل ملكوت الله الدائم هنا وفوق (آتى – قريب) لاستعلان ملكوته الأبدى.. وهى آخروية لأنها تمثل الأبدية وهى تنطبق على ما بدأناه من ملكوت على الأرض من خلال سر الأفخارستيا.



3- إعـلان الملكوت:

أن التعبير اليونانى الآبائى عن القداس كلمة سيناكزيس وكانت تطلق على اجتماع الآباء كل يوم أحد فى الدير لتناول جسد الرب ودمه وكلمة سيناكزيس: اجتماع دورى دائم إلى الأبد بصورة منتظمة وكأننا حينما نجتمع من أجل سر الأفخارستيا إنما نجتمع فى اجتماع دائم إلى الأبد نبدأه هنا ولا ينتهى حتى فى الأبدية..

كتاب التذاكية أو التذاكى: وهو الذى يعلم عن السيد المسيح والرسل يقول فيه: "كما أن هذا الخبز المكسور كان متناثراً فوق الجبل وقد جُمع معاً فصار واحداً هكذا اجعل كنيستك تجتمع معاً من أقاصى الأرض كلها إلى ملكوتك".. يشير إلى المن الذى كان ينزل من السماء متناثراً على الجبل هكذا قوة الكرازة فى الافخارستيا تجمع من أطراف الأرض إلى ملكوت الله ويكمل القديس فى كتاب التذاكية ويقول: إنه اجتماع المؤمنين أبناء الله المتفرقين إلى الواحد الرب المسيح وفى رسالة الرسول إلى أفسس يقول: "الذى سنجتمع معه يوم مجيئه فننتهى جميعاً إليه" (أف 4: 13).

لذلك ونحن نجتمع فى الكنيسة فى القداس نظهر أمام الله ونظهر أمام العالم أننا نحيا سر ملكوت الله السرائرى هنا وفى الأبدية الذى أتى بقوة الله.. "لن الجيل إلى أن تروا ملكوت الله قد أتى بقوة" ويقصد حلول الروح القدس الذى أسس الملكوت الذى سيدوم إلى الأبد.. وهكذا نرى أن الافخارستيا هى دخول بالكنيسة إلى ملكوت الله تبدأ هنا وتستمر إلى الأبد لذلك ونحن أمام المائدة المقدسة نصرخ ونقول: "واهدنا يارب إلى ملكوتك" وهذه نقولها بعد المجمع وأولئك يارب.. الخ.

من هنا نرى أن الافخارستيا المقدسة هى حياة فى ملكوت الله واستعلان مبكر للملكوت الأبدى لذلك من لا يتناول نسميه خارج الشركة – شركة الملكوت.. بل أنه لا يريد أن يشارك فى ملكوت الله.

التدريب العملى هنا: أن العضوية الحقيقية للمؤمن هى عضويته فى الأفخارستيا وإلا أصبح عضو خارج الشركة يبتر نفسه بنفسه من شركة الملكوت..


v أمور تحدث فى القداس عملياً ترتبط بما قيل:
1- القربانة المستديرة: تمثل ملكوت الله الدائم – تصنع من الدقيق الأبيض النقى وملكوت الله لا يدخل فيه إنسان نجس أو شرير لا هنا ولا فى السماء.

2- الإسباديكون حوله 12 صليب: وهو رقم يشير لملكوت الله والصليب يجمع الذبح والقيامة والسيد المسيح كان فيه قوة القيامة وهو يموت على الصليب بدليل تفتح القبور وقيام كثير من أجساد القديسين.. قوة قيامة غلبت الموت وهو يموت..

3- الخبز المختمر: يكشف عن المسيح القدوس الذى حمل خطايانا.. الخميرة هنا تشير للخطية والخاطئ نجس وحامل الخطية هو قدوس بلا شر ولولا حمل المسيح للخطية التى فينا ما كان ممكناً أن ندخل إلى ملكوته..

4- الخبزة الواحدة: مجموعة حبات القمح التى تشير للمؤمنين الذين جمعهم المسيح فى ملكوته.. والسيد المسيح اختار الخبز والخمر بالذات لأن الخبز يجمع حبات القمح والمختمر أى عصير الكرمة المخمر عبارة عن مجموعة حبات العنب كلها عصرت وصارت فى كأس واحدة فى ملكوت الله الواحد.. والقديس كبريانوس يقول: أن سر الأفخارستيا يمثل ملكوت الله الحى داخل الكنيسة الذى عبر عنه المسيح حينما أخذ الخبز والخمر وأعطى تلاميذه..

5- عماد القربانة: يعنى انفتاح السماء كما فتحت السماء لحظة عماد المسيح وهنا الكنيسة من أول القداس وبعد اختيار الحمل مباشرة وتعميد القربانة تحكى انفتاح السماء على الأرض وتعلن ما حدث على الأرض وفى السماء والملكوت الممتد من الأرض للسماء..

6- دوران الكاهن حول المذبح: سواء بالبخور أو البشارة والإنجيل أركان المذبح تمثل أركان المسكونة إشارة لعمل الله السرى فى توصيد المسكونة فيه لمن يريد.. إن الإمكانية مفتوحة للكل لمن يريد أن يلتصق به ويتحد بملكوته..

7- الكاهن يضع إصبعه ويده يكون على شكل ألفا والامجا: الأول والآخر شكل يد الكاهن وهو يرشم تعلن ملكوت الله الأبدى وكل الرشومات.. خاتم الأبدية أو الملكوت على الخبز والخمر..

8- تسبحة السيرافيم قبل أوشية الإنجيل: قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى.. الذى ولد والذى تألم (صلب عنا) والذى قام وصعد هذه تمثل مرحلة الملكوت فعل الملكوت.. لقد ولد فشابهنا وتألم فعبر بنا وقام عبر بنا وغفر الخطية وصرنا نشابهه للأبد أخذ زمنيتنا لكى يمنحنا أبديته.

9- ما يحدث فى القداس الإلهى فى صلاة الصلح: الكاهن يمسك اللفافة المثلثة أمام عيناه وتتذكر الكنيسة قبل الصلح الحجاب الحاجز الذى كان يمنع ملكية الله على الإنسان والصليب أمامه فى الناحية الأخرى من المذبح لأن الحجاب شق بالصليب ويشير لدخول الله فى حياة الإنسان ودخول فى ملكوته..

فى التناول منظر الكاهن وهو يمسك الصينية ويحمل الجسد والدم والشماس يمسك اللفافة المثلثة.. الشماس يمثل الملائكة الذين لا يستطيعون النظر إلى المسيح.. لقد أعطانا الله ما تشتهى الملائكة أن تنظره والكاهن يشير لملكوت الله والبشر الذين دخلوا ملكوت الله الذى دخلوه وهم مستحقين أن يأكلوا من الجسد ويشربوا من الدم فى ملكوت الله هذا هو الطقس الرائع.

إذا فهم الإنسان الطقس أصبح بسهولة يعيش الملكوت على الأرض
ليتورجية القداس ووحدة المؤمنين
==========================


ليتورجية – خدمة المذبح – الخدمة الكهنوتية

+ القداس الإلهى سر الاتحاد بين:

1) المؤمنين والله 2) المؤمنين وبعضهم البعض

أولاً: ليتورجية القداس سر اتحاد المؤمنين بالله:
1- ليتورجية القداس تعرف على الله (تعبد)..

2- ليتورجية القداس تقدس المؤمنين ليتحدوا بالله..

ثانياً: ليتورجية القداس سر اتحاد المؤمنين معاً:
1- وليمة مشتركة – حياة واحدة – عائلة واحدة.

2- سر شركة الكنيسة ووحدتها (عضوية وانتماء موحد)..

3- الكنيسة تصلى عن العالم كله..

4- وحدة بين المؤمنين والقديسين المنتقلين..

ثالثاً: ملامح هذه الوحدة بين المؤمنين والله والمؤمنين وبعضهم البعض.
ملامح الوحدة هى:

1- وحدة الهدف..

2- وحدة المصالحة والسلام مع الجميع..

3- وحدة القراءات والفكر الواحد..

4- وحدة الألحان والنغمات الليتورجية..

5- ليتورجية سماوية ملائكية قوية..


" ليتورجية القداس ووحدة المؤمنين "


مقدمة: تعريف:

كلمة "ليتورجية" فى اليونانى الكلاسيكى تعنى خدمة عامة تؤدى لأجل الجماعة إذ هى مشتقة

من كلمتين:"ليور" أو "ليؤس" وتعنى الجماعة .

"أرجيا" أو "أرجيؤو" وتعنى عمل .

ولقد وردت نفس الكلمة فى سفر العبرانيين بمعنى "خدمة المذبح" أو بمعنى "الخدمة الكهنوتيــة" (عب 8: 6، 9: 21).. ولقد استخدمت الكنيسة هذه الكلمة منذ العصر الرسولى للتعبير عن العبادة التى نظمتها الكنيسة قانونياً والتى يقدمها جميع أعضائها أو تقدم بإسمهم جميعاً.. ولكن بمرور الزمن صارت كلمة "ليتورجية" تطلق على سر الأفخارستيا وحده بالرغم من وجود كثير من الليتورجيات الأخرى مثل ليتورجية "قداس" العماد وليتورجية الزواج.

v القداس الإلهى أو ليتورجية القداس هو سر الاتحاد بين:
1- المؤمنين والله… نظرية الدائرة (كلما اقتربت من المركز اقتربت من بعضها).

2- المؤمنين وبعضهم البعض… كيف ذلك؟

أولاً: ليتورجية القداس سر اتحاد المؤمنين بالله:


هذا السر الأفخارسيتى كما يراه القديس ذهبى الفم تجد فيه الكنيسة سر وجودها وشركتها واتحادها مع الرأس.. فيه سر تقيدها المقبول لدى الآب سر تقديسها المستمر وجمالها الروحى.. لذا يقول القديس بولس الرسول: "كأس البركة التى نباركها أليست هى شركة دم المسيح.. الخبز الذى نكسره أليس هو شركة جسد المسيح.." (1كو 10: 16).. لهذا يعبر القديس ذهبى الفم بقوله: "جعلنا أعضاء جسده ومن عظامه ليس خلال الحب وحده وإنما بالفعل ذاته.. هذا يتحقق بالطعام المجانى الذى قدمه لنا مريداً أن يعلن حبه لنا.. من أجل حبه مزج نفسه بنا عجن جسده بجسدنا لكى نصير معه واحداً نصير جسداً واحداً متحداً بالرأس" بل ويؤكد القديس ارتباط سر الأفخارستيا بسر الكنيسة (المؤمنين كجماعة) بدعوة الكتاب المقدس للاثنين بتعبير (جسد المسيـح).. (كو 5).. ويظهر ذلك من التحام الاثنين معاً من ارتباط الكنيسة كجماعة المؤمنين بالمذبح فى ذهن القديس ذهبى الفم.. ونجد أيضاً فى القداس الباسيلى يقول بعد الرشومات: اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا.. لكى نكون جسداً واحداً وروحاً واحداً ونجد نصيباً وميراثاً مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء".. لذلك كانت ليتورجية القداس الإلهى تجعل من المؤمنين المتحدين بالله وحدة واحدة وذلك لأن:


1- ليتورجية القداس تعرف على الله .. (تعبد)..


فالتعبد فى المفهوم الكنسى ليس مجموعة من المراسيم تنفذ أو تسابيح تُرنم أو صلوات تُتلى أو أصوام يمارسها الإنسان مرضاة لخالقه أو قرابين تقدم إنما هى أولاً وقبل كل شئ "تعرف على الله محب البشر".

وفى سر الأفخارستيا أى سر الاتحاد بالله يحمل ابن الله رئيس الكهنة وحده – كنيسته فيه سرياً مقدماً معرفة حقه لله أباه.. وهكذا ندخل فى المسيح يسوع إلى معرفته محققين مفهوم العبادة الذى فشلت البشرية قبلاً فى ممارسته.. كذلك فى سر الأفخارستيا قام آدم الجديد رأس الكنيسة كلها بإعادة توجيه البشرية كلها إلى الله خلال معرفته لأبيه عملياً فإن كان آدم الأول خلال رفضه التعرف على ملكوت الله قد خرج بالإنسان إلى التغرب عن الله فإن آدم الجديد تقرب به لديه.. وعندما سلم الرب كنيسته هذا السر خرج إلى البستان يناجى أباه لحسابنا قائلاً: "هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك..." فلقد بلغنا الأبدية خلال الاستنارة بالمعرفة فنعرف الآب الذى ".. أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد" ونعرف الابن الذى "أطاع حتى الموت.." لكى يقبل عنا الحياة الجديدة فنختبر فيه ومعه القيامة من الأموات ونعرف الروح القدس المرسل من الابن القائم من الأموات لنعيش بروحه..

لهذا فى القداس الإلهى يمثل ذروة كل عمل تعبدى تعتز به الكنيسة بكونه عمل المسيح نفسه الذى يقدمه للآب باسمها "فاتحاً قلبها لمعرفته".. يقول القديس أغسطينوس: "حينما نصبح شركاء وحدة جسد المسيح فأى عائق مضاد يزول ونأخذ الحرية لمعرفته" وفى قداس الأسقف سرابيون يقول: "لتتبارك نفوسهم بالفهم والمعرفة والأسرار لكى يشتركوا فيها ليتبارك الكل معاً خلال الابن الوحيد يسوع المسيح" (قداس الأسقف سرابيون)..

إن الذى يساعد على اتحاد المؤمنين بالله تلك المعرفة والفهم الروحى الذى نناله خلال التناول من الذبيحة المرفوعة فى القداس الإلهى.. لذا فى قداس الأسقف سرابيون أيضاً يقول: "هب لأجسادنا نمواً فى النقاوة ولنفوسنا نمواً فى الفهم والمعرفة خلال تناولنا الجسد والدم لك المجد والسلطان بالابن الوحيد فى الروح القدس إلى أبد الأبد أمين"..


2- ليتورجية القداس تقدس المؤمنين ليتحدوا بالله:


إذا كان القداس الإلهى (سر الأفخارستيا) يدخل بالمؤمنين إلى معرفة جديدة خلالها يتدرب الكل على تقديم ما للابن للآب كأنه منهم.. عبادة تقوم لا على روح العبودية والخوف بل بروح النبوة التى يمارسها المؤمنين خلال ثبوتهم فى الابن الوحيد الجنس..

إلا أن هذه الجماعة لا يمكن أن تتحد بالابن إلا بعد أن تتقدس.. ففى الذبيحة المقدسة تختفى الكنيسة فتظهر حاملة قداسة المسيح وبره.. تصير عروساً بلا عيب للعريس القدوس يقول القديس ذهبى الفم: "بهذه العطية تتزين نفوسنا ورباط ذهننا وأساس رجائنا وخلاصنا ونورنا وحياتنا".. وفى القداس الإلهى طلبة تقول: "اجعلنا يا سيدنا مستحقين أن نتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأرواحنا وأجسادنا".. فالدم المقدس يجعل صورة ملكنا واضحة فينا ويجلب علينا جمالاً لا ينطق به ولا يسمح بانتزاع سمونا بل يرويه دائماً وينعشه.. يقول الشيخ الروحانى: "لماذا تشرب كأس دم مخلصنا كمن لا يفهم إن فى شربه يختلط به سر الاتحاد. مائدة الروحانيين جسد المسيح ودمه الكريم".. لهذا فالله (المسيح) القدوس قدم نفسه ذبيحة طاهرة مقدسة مقبولة لدى الآب فيرانا الآب فى سر الأفخارستيا جسد ابنه القدوس الذى بلا خطية فنصير فى عينيه مقدسين وعباداً حقيقيين.. يقول القديس إيريناؤس: "الكنيسة الجامعة هى وحدها التى تستطيع أن تقدم لله الذبيحة المرضية لديه ذبيحة الأفخارستيا التى أعلن عنها الأنبياء".. وفى القداس الباسيلى يصلى الكاهن: "ففيما نحن نصنع ذكر آلامه المقدسة وقيامته نقرب لك قرابينك من الذى لك"..

وفى صلاة حلول الروح القدس يقول: "ليحل روحك القدوس علينا وعلى هذه القرابين ويظهرها قدساً لقديسيك".

من ذلك نجد أنه لا يمكن عزل السيد المسيح عن كنيسته (المؤمنين) فهما واحد لهما رسالة واحدة وغاية واحدة يقول الأب يوحنا من كرونسفادت: "الكنيسة واحدة مع الرب هى جسده من لحمه وعظامه".. ويقول القديس إيريناؤس: "إذ نحن نقدم ماله نعلن على الدوام تبعيتنا واتحادنا بالجسد والروح".. من هنا كانت ليتورجية القداس الإلهى هى اتحاد للمؤمنين بالله عن طريق معرفة الله وعن طريق تقديسهم لذلك يصرخون فى القداس الباسيلى بقولهم: "افتنينا لك يا الله مخلصنا لأننا لا نعرف آخر سواك. اسمك القدس هو الذى نقوله فلتحى نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا نحن عبيدك موت الخطية ولا على كل شعبك".. وأما الأب ميثوديوس من أولمبيا يقول: "تنمو الكنيسة يوماً فيوم فى القامة والجمال خلال تعاونها واتحادها مع "اللوغوس" الذى ينزل إلينا حتى الآن ويستمر نزوله إلينا فى ذكرى آلامه".. وفى خولاجى الأسقف سرابيون يقول: "نقدم لك هذا الخبز.. وهذه الكأس.. اجعل كل المشتركين فيها أن يتناولوا دواء الحياة شفاء لكل ضعف وسنداً لكل تقدم وفضيلة وليس دينونة علينا".. لذا يقول القديس أغسطينوس "الأفخارستيا خبز لك يومى تناوله حياة لنفسك وجسدك وقوة إلى الوحدة"..

من كل ما سبق نجد أنه من جهة الشركة فإن الكأس التى نباركها هى شركة واتحاد بدم المسيح والخبز الذى نكسره هو شركة جسد المسيح المبذول وأنه بتناولنا إياهما نصير واحداً مع المسيح الذبيح وننعم بشركة أيضاً مع بعضنا البعض كمـا سنـرى (1كو 10: 15 – 17) كل هذا مع الجسد الواحد فى كل موضع.. فالمسيح واحد فى كل مكان. كامل فى كل موضع.. جسد واحد يجمع الكل ليصير الكل واحد فيه..


ثانياً: ليتورجية القداس سر اتحاد المؤمنين معاً:


1- إذ يشتركون جميعاً فى "وليمة مشتركة" بل فى طعام واحد وهذا يحمل بالنسبة لهم معنى خاص.. إنهم يشتركون معاً فى طعام واحد الذى هو مصدر الحياة وكأنه قد صارت لهم حياة واحدة بل أنهم ينتسبون إلى عائلة واحدة رأسها هو شخص السيد المسيح له المجد.. هذه هى وليمة مصالحة أو وليمة إقامة قرابة فيما بينهم..

".. فإننا نحن الكثيرين خبز واحد. جسد واحد لأننا جميعاً نشترك فى الخبز الواحد" (1كو 10: 17).. فالذبيحة فى القداس الإلهى تجعل الكل واحد لذلك يقول القديس أغسطينوس: "كل من يفصل نفسه عن الكنيسة ولا يجتمع مع الجماعة وقت تقديم الذبيحة فهو يحسب مذنباً"


2- سر شركة الكنيسة ووحدتها: (عضوية وانتماء موحد)

فى سر الأفخارستيا يجتمع المؤمنون بروح الشركة والوحدة فيكون لهم ولصلواتهم فاعلية لهذا كان القديس ذهبى الفم يحزن من أجل الذين يستمعون العظات ولا يشتركون فى ليتورجيا الأفخارستيا لذا يقول ذهبى الفم: "قد تقول: أستطيع الصلاة فى بيتى لكنى لا أقدر أن أسمع عظمة فى بيتى.. إنك تخدع نفسك يا إنسان فإنك وإن كنت تقدر بالحقيقة أن تصلى فى البيت لكن ليس بذات الكيفية التى تتم فى الكنيسة حيث أنه يشترك كثير من الآباء الروحيين وترتفع صلوات مشتركة أمام الله".. نستطيع أن نقول أن من يرى الكنيسة إنما يرى ويعاين السيد المسيح رأسها هى سر المسيح الذبيح وجسده فإذ نفكر فى الكنيسة يليق بنا أن نتطلع إلى وجودها السرى بكونها "جسد المسيح" أى "أفخارستيا"..

.. والكنيسة منذ نشأتها نتطلع إليها كجماعة أفخارستية وتبقى هكذا عبر الأجيال لأنها هى جسد المسيح تتطلع إلى المذبح فتجد أيضاً جسد المسيح الذبيح تجد فيه مركز حياتها وعلة وجودها خلاله تبدد تغرب الأمم عن الله كقول الرسول: "فلستم إذن بعد غرباء ونزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله وخلاله تمتعت باتحادها مع المسيح وقيامها جسداً حياً له.. إذن نحن ممثلون فى الأفخارستيا لا بصورة رمزية فحسب بل كأعضاء بالنسبة للرأس وأغصان فى الأصل".. يقول القديس أغسطينوس: "أنتم فوق المائدة.. أنتم داخل الكأس".. لذا كان سر الأفخارستيا هو سر وحدة الكنيسة معاً كما أوضح ذهبى الفم أنه إذا كان الخبز يحوى حبوباً (الخبز هو حبات حنطة متحدة، والخمر حبات عنب متحدة) كثيرة متحدة معاً فلا تظهر الحبوب بعد.. هى موجودة فعلاً لكن لا يظهر اختلافها بسبب اتحادها معاً هكذا نرتبط مع بعضنا البعض فى المسيح فليس هو جسداً لشخص وآخر لشخص آخر.. بل هو جسد واحد يتغذى به الكل إنه شركة فى جسد الرب شركة مع المسيح نفسه.. يقول القديس أغسطينوس: كل مدينة مفدية أى كلها مجمع المؤمنين وكل جماعة القديسين هى ذبيحة جامعة يقدمها الكاهن الأعظم الذى قدم نفسه بالآلام من أجلنا لكى نصير جسداً لرأس عظيم كهذا.. هذه هى ذبيحة المسيحيين حيث يصير الكل جسداً واحداً فريداً فى المسيح يسوع..

حقاً توجد أمور كثيرة تربطنا معاً: مائدة واحدة معدة للجميع.. مشروب واحد مقدم للكل.. بل نشرب من كأس واحدة الأمر الذى يصدر عن حب متسع.. يقول القديس أغسطينوس: "ينشأ سر سلامنا ووحدتنا فوق مذبحه" لذا فى كل مرة نرفع أنظارنا نحو المذبح نجد جسد المسيح الواحد الذى يقدم فى كل مكان بغير تعدد!! هكذا ندرك سر اتحادنا مع بعضنا البعض فى المسيح يسوع وعمل كلمة الله فى السر هو إحضار العالم كله إلى واحد بكسر الخبز الواحد فيكون لنا الآب الواحد والابن الواحد ويصير الكل عائلة إلهية واحدة تربطها شركة الإخوة واتحاد الروح بالكلمة برباط الحب الواحد لذا يقول فى أوشية السلامة: "اذكر يارب سلامة كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية".. وكذلك فى قانون الإيمان نقول.. وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية من هنا كانت شركة المؤمنين معاً تحمل العضوية الكاملة فى الكنيسة المقدسة والانتماء الدام لبيت الله الذى هو مصدر حياة لكل أعضاءه.

3- الكنيسة تصلى عن العالم كله: (الكنيسة فى المسيح يسوع) (الأواشى والمجمع)

تحوى صلاة عن الراقدين والمسافرين والمرضى والرؤساء وسلامة العالم وسلامة الكنيسة وعن الآباء والرسل بل تشمل صلوات الليتورجية ما هو ابعد من ذلك إذ تصلى عن المياه والزروع والأهوية ونجاة الإنسان والحيوان والقرابين والاجتماعات.. وكل ما هو لازم لحياة الإنسان المستقرة والآمنة.. كذلك تطلب الكنيسة فى الليتورجية لأجل الشيوخ والشباب والأرامل والمتزوجين والبتوليين عن الحاضرين والغائبين والمسجونين والمقيدين والقائمين والساقطين والتائبين.. الخ.

4- وحدة الليتورجية بين المؤمنين والقديسين المنتقلين:

إنها وحدة قائمة فى كل ليتورجية بين الكنيسة المجاهدة والكنيسة التى أنهت جهادها بسلام.. الكنيسة المنتصرة.. نصلى لأجلهم بل أننا نطلب شفاعتهم عنا فى القداس الباسيلى وكذا الكيرلسى نصلى: "وهؤلاء يارب وكل أحد الذين ذكرنا أسماءهم والذين لم نذكرهم الذين فى فكر كل واحد منا والذين ليسوا فينا.. الذين رقدوا وتنيحوا فى إيمان المسيح.. وكذلك تصلى الكنيسة فى الليتورجيا مجمع الآباء القديسين وتقيم التذكارات للآباء والكهنة والعلمانيين وجميع الشعب الأرثوذكسى (الكنيسة المنتصرة) بل تطلب بركتهم معنا.. لذا نصلى لحن بركاتهم المقدسة تكون معنا. آمين..

وكذلك تجد فى باقى أنواع القداسات مثل قداس الأسقف سرابيون يقول: نتوسل إليك أيضاً يارب من أجل الذين رقدوا الذين فى فكرنا (تذكر الأسماء).. قدس كل هذه النفوس فإنك تعرف جميعها. قدس كل النفوس التى رقدت فى الرب.. احسبهم فى عداد قواتك المقدسة واعطهم موضعاً ومسكناً فى ملكوتك.. من كل هذا نجد أن ليتورجية القداس الإلهى وهى سر الاتحاد الذى يوحد بين المؤمنين (المجاهدين) وبين الراقدين (المنتصرين) وكذا تطلب نياحاً عاماً للك الراقدين فى حضن أبينا إبراهيم وإسحق ويعقوب.


ثالثاً: ملامح هذه الوحدة بين المؤمنين والله وبين المؤمنين وبعضهم:
1- وحدة الهدف: لاشك أن الهدف الواحد لكل جماعة المؤمنين هو عماد هذه الوحدة وأساسها فالكل يجتمع لأجل الثبات فى المسيح "من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىَّ وأنا فيه.. وكذلك يقول القديس إيريناؤس: "إذ نحن نقدم ما له نعلن على الدوام تبعيتنا واتحادنا بالجسد والروح".. فالهدف الواحد الذى هو تبعية الله وكذا الاتحاد به ومعه يشغل كل المؤمنين لذا يقول القديس أغسطينوس "كل من يفصل نفسه عن الكنيسة ولا يجتمع مع الجماعة وقت تقديم الذبيحة فهو يحسب مذنباً" بل يقول ذهبى الفم: "من لا يشترك فى الأسرار إنما يجلس فى وقاحة"...

2- وحدة المصالحة والسلام مع الجميع:

يقول الكتاب المقدس: "إن قدمت قربانك على المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شئ عليك فاترك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعالى وقدم قربانك" (مت 5: 23 – 24) فإن كانت هذه هى الوصية المطلوب تنفيذها لتكون تقدمة القربان مقبولة لدى الله فبالأحرى يتطلب التناول من القربان أن نكون فى حالة صلح وسلام مع الله ومع أنفسنا ومع الآخرين.. فالقلب الذى سيحل فيه رب المجد يجب أن يكون قلباً نظيفاً خالياً من شوائب البغضة والخصام والضغينة تجاه الآخرين.. لذلك يقول الكاهن: "اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقبل بعضنا بعضاً بقبلة مقدسة لكى ننال بغير انطراح فى الحكم من موهبتك غير المائتة السمائية بالمسيح يسوع ربنا".. وكان قديماً بعد غسل الكاهن يديه وخروج الموعوظين وقبل بدء قداس المؤمنين كان الشماس يصيح للشعب قائلاً: "ولا يدع أحد فى قلبه لأحد وجداً (أحياناً تذكر "دغلاً" أى حقد أو بغضة أو خصام) ولا يقف أحد هنا برياء كونوا قديسين مستقيمين إلى الرب ولنقف بخوف ورعدة" (رسل 1 – 52).. وهنا يقول القديس يعقوب السروجى: الملائكة يحجبون وجوههم لئلا ينظروا إليه والطين الحقير يكشف وجهه حين ينظر فيه"..

3- وحدة القراءات والفكر الواحد:

تقدم ليتورجية القداس الفكر الواحد والذى يكون ملمح من ملامح الوحدة لكل جماعة المؤمنين إذ لا تكف الكنيسة فى الليتورجية عن الصلاة لعريسها لكيما يلهمنا خلال القراءات والعظات إعلاناً رسولياً للخلاص.. بطريقة مثمرة.. فالكنيسة إذ تختفى فى الرب يسوع لكى يعلن من خلالها الإنجيل الحى للجميع.. ويلاحظ كل يوم وجود خط روحى قاسم مشترك بين قراءات اليوم.. إذ تتفق القراءات جميعاً فى إعلان شخص مخلصنا يسوع وعمله الخلاصى ومركزه فى حياتنا ولكن بطريقة منظمة فأحياناً تقدم الليتورجية قراءات يومية احتفالاً بشهيد أو قديس فى أيام التقويم العادية وأحياناً تحدثنا عن التجسد أو الصليب أو القيامة أو الصعود أو المجئ الثانى وأحياناً عن حياة الفضيلة من خلال القدوة والقديسين وأحياناً تقدم لنا حياة السيد المسيح وكذا خدمته ومعجزاته وتعاليمه اللازمة لكل نفس فالكل يشغله الفكر الواحد الذى يربط كل الأذهان فى وحدة واحدة. يقول القديس إيريناؤس "بالرغم من انتشار الكنيسة فى كل المسكونة لكنها تعمل باجتهاد كأنها تسكن فى بيت واحد وبالإجماع تؤمن بهذه الأمور الإيمانية كأن لها روح واحد وقلب واحد!! إنها تعلن هذه الأمور والتى تكرز بها وتنادى كما لو كانت تتحدث بفم واحد"..

4- وحدة الألحان والنغمات الليتورجية..

إن اللحن الواحد والنغمات المتناسقة سمة مميزة لحياة التسبيح فى الليتورجيات بصفة عامة وليتورجية القداس بصفة خاصة إذ أنها تمثل عامل هام لتوحيد الكنيسة كلها وجعلها جسماً واحداً مترابط الحركة والأداء علاوة على بركة إثارة الحمية والغيرة المقدسة الروحية والحماس فى صفوف العابدين والألحان والنغمات التى تصاحب التسبيح فى هذا الطقس يعطى ملمح الوحدانية بكل ما يحمل من هزات وأوزان وطرائق هى تراث حى قبلته الكنيسة بطريقة راسخة عبر الأجيال من أجل أمانة التقليد ووحدانية الروح..

وكذا فإن الجماعة فى الكنيسة تطلب أن يضم الله أصواتهم مع أصوات الملائكة فى التسبيح كما يقبل الله أن يضمهم مع السمائيين.


5- ليتورجية سماوية ملائكية قوية: (احسبنا مع القوات السمائية)

لاشك أن من ملامح وحدانية المؤمنين انضمام الطغمات السمائية لهم إذ تحضر الطغمات الملائكية بل يشترك العلويين مع المؤمنين فى وحدة واحدة والصلاة فى الجماعة هى أكثر قوة وهى فرحة لا يعبر عنها يقول أحد الآباء: "تنضم القوات الملائكية إلى جماعات المؤمنين إلى حيث تحل قوة ربنا ومخلصنا نفسه وحيث يجتمع الكل حتى الذين رحلوا..".

ويقول القديس يعقوب السروجى: "يصرخ الملائكة كالبعيدين مبارك هو ويأكل البشر كالقريبين من مائدة". إنها مشاركة من القوات والطغمات السمائية فى حقل العروس.. ويقول القديس ذهبى الفم: تأمل من يشترك معك؟! فإن هذا يكفى لجعلك تسهر.. أذكر أنك وأنت فى الجسد مرتبط به صرت أهلاً أن تحتفل مع القوات المتجسدة لسيد واحد للجميع بل أن القديس ذهبى الفم يتوسل بقوله: أتوسل إليكم: انظروا إنها مائدة ملوكية قد أعدت لنا!! الملائكة تحدمها والملك جالس بنفسه فهل تقفوا متثابئين ؟! ففى هذه الليتورجية يشترك العلويين هنا لذلك نقول فى القداس الإلهى: "وكل الجمع غير المحصى الذى للقوات السمائية" يقول القديس ذهبى الفم: "كما أن الإنسان يقطع أغصان شجر الزيتون ويلوح بها أمام الملوك ليذكرهم بهذا العطف والمحبة هكذا تقدم الملائكة فى هذه اللحظة جسد الرب ذاته عوض أغصان الزيتون ويتضرعون إلى الرب من أجل جنس البشر وكأنهم يرددون قائلين نصلى إليك من أجل الذين حسبتهم أهلاً لحبك فوهبتهم حياتك"..

بل أنه فى القداس الغريغورى نصلى ونقول: "لأنك أقمت على الأرض تسبيح السيرافيم.. اقبل منا نحن أيضاً أصواتنا مع غير المرئيين إحسبنا مع القوات السمائية.. ولنقل نحن أيضاً مع أولئك إذ قد طرحنا عنا كل خواطر الأفكار الشريرة نصرخ بما يرسله أولئك بأصوات لا تسكت وأفواه لا تفتر ونبارك عظمتك".. (القداس الغريغورى).

لاشك أن كل هذه الملامح إنما تعبر عن وحدانية المؤمنين فى ليتورجية القداس الإلهى..

وأخيراً ليكن لنا جميعاً ونحن متحدين معاً كمؤمنين فى وحدة كاملة مع الله ومع أنفســـنا ومع بعضنا البعـض أن نقول مع القديس أغسطينوس دائماً: أريد أن أمد فمى إلى الينبوع الذى لا يعرف الجفاف إليه سبيلاً (جسدك ودمك الأقدسين).


أقوال بعض الأباء القديسين
"حول وحدة المؤمنين"


الإفخارستيا (الجسد والدم) ووحدة المؤمنين:
v لماذا حمل واحد وكأس واحد: يقول القديس اغناطيوس: "كونوا متمسكين بالإفخارستيا الواحدة فإن جسد ربنا يسوع المسيح واحد ويكون لكم كأس واحدة توحدنا بدمه".

v لماذا اختار الرب الخبز والخمر كمادتين للسر؟ تقول الدسقولية:

"إن السيد المسيح الذى هو رأس جسده الكنيسة يضمنا فى جسده كما تضم الخبزة حبات كثيرة من القمح وأيضاً يضم العصير حبات كثيرة من العنب".. أما القديس كبريانوس فيقول: "عندما دعا الرب الخبز (الذى هو حصيلة اتحاد كثير من حبات الحنطة) جسده أشار إلى شعبه الذى حمله إذ صاروا فى وحدة.. وعندما دعى بالخمر (الذى هو حصيلة كثير من حبات العنب) دمه عنى بهذا قطيعه الذى يرتبط معاً بامتزاج الجموع فى وحدة معاً"..


تابع أقوال الأباء فى أن ليتورجية القداس تحمل وحدة سماوية كملمح

ليتورجية القداس تمثل وحدة المؤمنين وبعض هذه الملامح أنها خدمة سماوية يشترك فيها المؤمنين مع الطغمات السماوية..

v يقول القديس كيرلس الأورشليمى: "إذ نترنم بهذه التسبحة اللاهوتية التى جاءت إلينا عن السيرافيم نشارك القوات العلوية تسبيح الحمد".

v ويقول البعض: "أن هذه التسبحة (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذى لا يموت ارحمنا) مكررة ثلاث مرات أعلنت برؤيا إلهية فى القسطنطينية فى أيام البطريرك بروكلس 424 – 446 بكونها تسبحة يتغنى بها الملائكة فى السماء.

كما يعتقد بعض الكنائس الشرقية أن أصل هذه التسبحة يرجع إلى دفن السيد المسيح عندما كان نيقوديموس ويوسف الرامى يكفنان السيد المسيح إذ دهشا من هذه التسبحة للملائكة وهى ما نشترك معهم فيها فى الليتورجيا..

v ويقول القديس أمبروسيوس: "نحن معشر البشر لا يمكننا أن نجد ما نمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه (قدوساً) كما تسبحه الملائكة بكل طغماتها هكذا بنفس الكلمة نرفع قلوبنا لنشارك الملائكة تسبيحهم حتى نستحق الاشتراك فى الخبز الواحد لكى نكون جسداً واحداً وبنياناً واحداً مقدساً لله"..

v ويقول القديس أغريغوريوس: "إننا نترنم بهذه التسبحة علامة مصالحتنا مع الملائكة واتحادنا معهم واتفاقنا معاً فى التسبيح دلالة على أننا وهم صرنا كنيسة واحدة"..
سر الأفخارستيا
=================

( تفريغ محاضرات )
------------------------------------

بعض المفاهيم والمصطلحات


ميتاليبسيس
ميتا إكسيس
انويكائين
كاثويكائين
كينونيئا
سيســـــــــوموى

إنيوســيس فيــــزيكا
: اشتراك.

: شركة.

: حلول المسيح.

: استقرار المسيح في المؤمن.

: شركة مع الروح القدس .

: جسد واحد.

: اتحاد طبيعي للمؤمن.


شركة قائمة على اتحاد في العمل ( الحياة).


الأفخارستيا وفاعليتها الروحية


ما هي الأفخارستيا؟ هي جسد الرب ، جسد ذلك الذى هو حى بالطبيعة ... أي جسد الله لإبن الكلمة الذى هو الحياة إذ فيه ملء قوة الابن الكلمة – القوة التى تهب الحياة لكل الخليقة، ولإصلاح الخليقة ...

يقول القديس كيرلس الكبير: إن الجسد المقدس الذي هو جسد الابن الكلمة الخاص هو مزود بفاعلية قوته ومزروع فيه القوة الإلهية التي للابن ، لذلك فلنتمسك به بواسطة الافخارستيا السرية لكي يحررنا من أمراض النفس ومن هجمات الشيطان .

\ ليس هو مجرد جسد إنسان وإنما هو الجسد الخاص الثابت في الابن الكلمة بكل فاعلية ومجد وكرامة وقوة الإبن الكلمة...

ويكمل القديس كيرلس : إن الرب دخل بيت بطرس ولمس يدها فنالت الشفاء من جسده الإلهي الذي يملك قوة الشفاء لأنه جسد الله وكان ممكناً أن يقول لها كإله قومي ولكن لمسها. وهذا ورد في (لو8: 15) ...

إننا في الأفخارستيا لا نلتقي بالله على مستوى القلب والفكر فقط بل نقبله على مستوى الاتحاد الجسدي الفعال فينا ... وحينئذ يطفى حمى اللذات غير اللائقة ويقيمنا من موت الخطية كما أقام الموتى ويجعلنا أقوياء حتى في الأمور الروحية وبذلك فقط نفعل ما نرضيه ...

إنها لمسه تطرد الأمراض الروحية والنفسية وتحل قوة الشيطان وتأثيره كما تحل النار الشمع ولكن بموافقتنا واشتياقنا والقديس كيرلس والآباء يشبهون جسد الرب بما فيه من قوة إلهية إنه بمثابة الروح للجسد ( للحياة الإنسانية )..

أى فيه قدرة الروح المحيية التى هى سر حياة الإنسان ..

لكن الروح تهب الحياة الأرضية للجسد بينما جسد الرب يهب الحياة الروحية القوية.


فاعلية الافخارستيا

1- هي شركة في حياة المسيح

بمعنى أننا نأخذ جسد الرب ودمه الحقيقيين اللذين عاشا بهما حياة نقية بارة مقدسة كإنسان مثالي وصل إلى قمة الحياة المقدسة .

لذلك يقول القديس كيرلس : إنها بذرة محييه بذرة الخلود، تعمل فينا كما تعمل الخميرة في العجين ، وتأثيرها فينا ليس فقط تأثيراً روحياً وإنما أيضاً تأثيراً جسدياً بمعنى أن تذوق الجسد المقدس والدم الكريم هو تلامس واتحاد مع المسيح واهب الحياة. وهذا هو المعنى المباشر لعبارة القديس بولس : أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في...

كما تمزج قطعتين من الشمع معاً لتكمل البقاء بدل الفناء...

والمقصود بشركة الحياة ، شركة الفكر والمنطق والنفس والروح بكل الهبات الروحية التي يمنحنا الله إياها في هذا السر المقدس ..

شركة الغلبة والنصرة على كل حرب ، وكل نقص، وكل انحراف وكل تخلف عن الركب المقدس...

يقول القديس كيرلس : إن الرب يغرس ويزرع حياته فينا لكي تأتى بثمر روحي. إنها عطية النعمة على أعلى مستوى من عطائها ، وبأعلى نسبة فاعلية فينا .. فالنعمة تعنى منحه إلهية مجانية تعطى للإنسان كل ما ينقصه من فضائل يجاهد لأجلها، وتساعده على الوصول إلى المرتبة الروحية والصفات الحميدة التي يحاول الوصول إليها.

لذلك بالتناول ينال المؤمن الحقيقي عطايا روحية جزيلة تسهل له طريق التقوى الملئ بالأشواك والآلام والأتعاب الكثيرة والمحاربات والضعفات البشرية والعثرات المحيطة بالإنسان ...إلخ.

لذلك يقول القديس كيرلس : إن الأافخارسيتا تحقق أسمى نموذج للاتحاد الممكن مع المسيح، إنها تحقق المشاركة في حياة الكلمة المتجسد.


2- هي إعادة الإنسان لوضعه الأول ولإحيائه وتجديده

إن حياة الإنسان المسيحى فى جملتها صراع فى معركة لا تهدأ ضد قوى البشر، وضد أهواء الجسد ... لذلك فمائدة الافخارستيا مجال لإعادة الإنسان لوضعه قبل السقوط بمعنى استحيائه بقوة تنصره فى هذه المعركة ... فهي قوة مجدده ومصلحة تريحه من طبيعته القديمة التى تود أن تثور فيه مستخدمة كل غرائز وطبائع الجسد وهى أيضاً قوة غامرة تريح الإنسان من عناء الاحساس بالذنب .. إذ يحصل بتوبته واعترافه وتناوله على العفو والغفران . إن المذبح هو مكان قوة اللوغوس لمجابهة نزوات الجسد للتغلب عليها ، إنه المكان الذى يتسلط فيه القوة الروحية الإلهية ضد كل قوى إبليس ومعاونيه وضد قوى الشر الكامنة فى الجسد فى الافخارستيا يدخل المسيح حياة المؤمن ويُسكن ذلك الناموس الذى يثور فى أعضاء الجسد ويُضرم ويُشعل روح التقوى والورع ومخافة الله فى الجسد ويُحطم كل الأهواء، ويشفى كل الأمراض وكرعى صالح يعصب ويضمد جراح من يتعرض للهلاك ويقيم من يسقط.

إن التلامس مع الراعي الصالح من خلال الأفخارستيا يفتح القلوب والعقول فيطفئ حمى الانفعالات غير الملائمة بأن يقيم النفس ويقويها فتتمكن من حفظ نفسها من الشر والانتصار عليه...

لذلك يقول القديس كيرلس: إن المائدة السرية جسد المسيح تمدنا بالقوة ضد النزوات وضد الشياطين ذلك لأن الشيطان يخاف من هؤلاء الذين يشتركون في الأسرار بوقار وتقوى ...

ويقول القديس سرابيون: يا إله الحق ليأت كلمتك القدوس على هذا الخبز وعلى هذه الكأس ليصبح جسد الكلمة ودم حق وأجعل الذين يتناولون منه يتلقون دواءً للحياة لشفاء كل عاهة ولتقوية كل نمو وكل فضيلة لا لدينونتهم، يا إله الحق وللحكم عليهم أو لخزيهـــم . (من ليتورجية القديس سرابيون).

\ الأفخارستيا قوة تعيد الإنسان إلى حالة البر قبل معرفة الشر وذلك بسيطرة الخير على الشر والقضاء على بذور الشر فيه.


3- الافخارستيا توحد المؤمنين معاً

بسبب اشتراك المؤمنين في الجسد الواحد متحدون معاً كأعضاء في هذا الجسد وهنا يظهر نوعان من الاتحاد: الأول رأسى بين المؤمن والمسيح في اتجاه عمودي ... والثاني : أفقي بين المؤمنين بعضهم ببعض.

وهنا يتساءل القديس كيرلس قائلاً: مَنْ يقدر أن يفصل أو يفرق هذا الاتحاد الطبيعي بين المؤمنين بعضهم وبعض ، هؤلاء الذين من خلال جسد المسيح الواحد المقدس ارتبطوا باتحاد مع المسيح...

إن هذه الوسيلة التي اختارها ابن الله (حكمة الله) أقنوم الحكمة لكي يرتبط المؤمنين معاً ويكونوا في اتحاد مع الله ومع بعضهم البعض بالرغم من تميزهم الواحد عن الآخر كأفراد كتميز أعضاء الجسد الواحد في الإنسان فالعين غير الأذن غير اللسان وهكذا بقية الأعضاء ولكنها جميعاً جسد واحد متحدة بعضها ببعض .

وهذا يسميه الآبـاء الاتحـاد النسبى أي اتحاد بنسبة معينة وليس اتحـاداً مطلقاً كاتحـاد الناسوت باللاهوت مثلاً... فالحقيقـة هي : المسيح له المجد هو أصل الاتحاد .. كيف ؟

إن كون المسيح له نفس جوهر الآب هذا يجعله أساس الاتحاد بين الله والإنسان وكون المسيح قد اتخذ طبيعتنا البشرية واتحد بها فهذا يجعله أساس الاتحاد بين الإنسان وأخيه الإنسان..


الروح يوحد المؤمنين معاًً: يقول القديس كيرلس: كما أن قوة الجسد المقدس تجعل هؤلاء الذين تحل فيهم أعضاء في نفس الجسد هكذا أيضاً يفعل الروح الواحد غير المنقسم والذين يسكن فينا جميعاً فهو يربط المؤمنين جميعاً في وحدة روحية.


وبهذا نرى الوحدة المتكاملة:

فقوة الجسد المحيى تخلق جسداً واحداً لهؤلاء الذين يشتركون فيه ( الأفخارستيا) وروح الله الواحد غير المنقسم الذي يسكن فينا جميعاً يدخل نفس البشر في وحدة روحية وهذا يعبر عن الوحدة التي يخلقها المسيح في سر الأفخارستيا عندما يعمل روحياً في النفس البشرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010