يسوع المسيح بين المعرفة والجهل {ج 2 }

+ يسوع المسيح بين المعرفة والجهل +
==========================


الباب الثالث
---------------

ضلالات شيطانيـــــة والرد عليها
-----------------------------------


والآن بعد التأملات السابقة, ترى ما هو القول عن شخص المسيح المبارك؟

هل هو مجرد إنسان عادي؟

هل هو إنسان عبقري, ومعلم عظيم؟

هل هو نبي مقتدر ظهر على أرضنا مثله مثل العباقرة والأنبياء على السواء؟

هل هو ميخائيل رئيس الملائكة, أو أحد الملائكة؟

هل هو أسطورة خرافية لم يكن لها وجود في التاريخ؟

أم إن المسيح هو «الله» الذي تجسد في صورة إنسان؟

إن غرضنا الأساسي من هذه الدراسة هو فحص الأمور بأكثر تدقيق في هذه القضية الخطيرة, وكأننا نقول ما قاله هيرودس الملك للمجوس افحصوا بالتدقيق في هذه القضية عن الصبي (متى 8:2) . وبمعني آخر نفعل ما فعله, أهل بيرية «فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا» (أعمال 11:17) فندرك على أساس صحيح حقيقة شخص المسيح, حتى نجيب على كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا بوداعة وخوف (1 بطرس15:3) .

ولكي يكون فحصنا دقيقا وسليما لابد لنا أن نرجع إلى الكتاب المقدس لدراسة شخصيته العظيمة المباركة في أقواله وأعماله وأوصافه.

فإذا تبين لنا أن المسيح مجرد إنسان قبلناه كإنسان.

وإذا تبين لنا أنه عبقري عظيم قبلناه هكذا كما هو.

وإذا تبين لنا أنه نبي مقتدر وأعظم المرسلين قبلناه كنبي أو كرسول.

وإذا تبين لنا أنه رئيس الملائكة أو ملاك قبلناه هكذا.

أما إذا تبين لنا من كلمته الحية عن طريق أقواله ومعجزاته وأوصافه أنه هو «الله الذي ظهر في الجسد». أفلا يليق بنا أن نسجد له كل واحد منا في حضرته قائلا من قلبه وبأعلى صوته مع توما «ربى وإلهي» (يوحنا28:20) ؟!!

وسنتأمل في نهاية هذا الفصل في المقارنة العجيبة بينه وبين ميخائيل رئيس الملائكة والملائكة معا . وسيتضح لنا أن المسيح «ابن الله», ليس هو ميخائيل رئيس الملائكة, ولا هو ملاكاً .

إن كانت بعض الألسنة تتطاول فتقول إن المسيح شخصية خرافية لم يكن لها وجود في التاريخ. مثلما قالت جماعة ظهرت في بداية المسيحية يطلق عليها «جماعة دوكيون» فإننا نقول لهؤلاء القوم: كفاكم تضليلا بغير سند فالمسيح شخصية حقيقية تاريخية والأدلة على ذلك ما أكثرها نذكر البعض منها:

أولا :
---------
إن المسيح و لد من العذراء مريم في مدينة «بيت لحم». لم يظهر في عالمنا بغير أدلة أو مقدمات. وإنما سبق ظهوره الكثير من النبوات والتي تتكلم عن ولادته وكيفيتها ومكان حدوثها ورسالته ومداها وطريقة موته وقيامته وصعوده ومجيئه الثاني وملكه الأبدي السعيد.

ثانيا :
---------
إن المسيح شخصية حقيقية تاريخية تحققت فيه كل النبوات التي ذ كرت عنه في العهد القديم عند اليهود الذين رفضوه في مجيئه الأول كما يخبرنا العهد الجديد.

ثالثا :
-----------
إن السجلات التاريخية قد أثبتت حياة وتعاليم شخص المسيح, وكذلك أعداؤه وأصحاب البدع. تثبت أنه شخصية حقيقية وليست أسطورة.

رابعا :
--------------
وجود المسيحية وامتدادها. والنفوس التي يتعامل معها كل يوم من مختلف أنحاء العالم ويغير حياتها الفاسدة والتي تعتبر أكبر معجزة فهي تعبر عن أن المسيح شخصية حقيقية وليست أسطورة خيالية.

خامسا :
-------------
المبادئ السامية التي نطق بها لا يمكن أن تكون أقوال بشر, إن سمو ها يدل على سمو قائلها.

وأرجو من كل قارئ أن يعود بنفسه لقراءة إنجيل متى الأصحاح الخامس والسادس والسابع بتمعن وتأن ليكتشف بنفسه سمو هذه التعاليم والمبادئ ومن هنا نسأل:

ترى هل في وسع إنسان بشرى مهما كانت عبقريته أو سمت أخلاقياته, أن ينطق بمثل هذه المبادئ ويسلط نوره علينا فيكشف ما فينا من شر ونجاسة؟

ثم هل من نبي يستطيع أن يقول «قيل.... أما أنا فأقول»؟

كلا بل دائما الأنبياء يقولون «هكذا قال الرب».

لكن الرب يسوع وحده يقول «أما أنا فأقول لكم». يفهم من هذا أن المسيح ليس شخصية خيالية أو إنسانا عاديا أو عبقريا أو نبيا من الأنبياء ولكنه هو «الله الذي ظهر في الجسد» (1تيموثاوس16:3) .

ولقد لاحظنا في بداية الكلام في المقدمة من هم السائلون لهذا السؤال «من هو يسوع؟» ثم أقوال البشر بمختلف فئاتهم وأقوال الله بعد ذلك. وفي النهاية قد أدركنا أن يسوع هو الله, أقنوم الابن الذي ظهر في الجسد. هذه الحقيقة ينكرها الكثيرون من البشر؟ لكن لا ننس أن وراء كل نكران عملا شيطانيا لإبعاد النفوس عنه لأنه «ليس بأحد غيره الخلاص» (أعمال 12:4) .

ومن الملاحظ في كلمة الله أن الشيطان الذي يملأ قلوب المضادين بالنكران لشخص المسيح وعمله, هو بذاته الذي اعترف جهرا وقهرا بمن هو يسوع!!

فهو يعرفه لكنه يبعد الناس عنه ليكون نصيبهم في النار الأبدية. إنه عدو النفوس الكذاب, والقتال للناس (يوحنا44:8) .

فبالبحث نجد أن الشيطان قد اعترف وصرح بالآتي:



1 - في حادثة تحرير مجنون كورة الجدريين كانت اعترافات لجيئون (فرقة شياطين تقدر بنحو 5900 شيطان) عن يسوع هي:
-------------------------------------------------------------

أ - الاعتراف بناسوته:
----------------------------
إذ ناداه باسمه الذي لقب به كإنسان «يا يسوع».

ب - الاعتراف بلاهوته:
------------------------
إذ قال وهو يصرخ «ابن الله العلي» (مرقس14:5) مع ملاحظة أن الشياطين لا تخاف ولا تصرخ من الملاك أو حتى من رئيس الملائكة (دانيال 7:10 - 12) ورسالة (يهوذا9) لكنها تخاف وترتعب وتصرخ وتسجد أمام الله الخالق العظيم ولكون المسيح هو الله الابن, مكتوب «والأرواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة إنك أنت ابن الله» (مرقس11:3) وأيضا في (لوقا 41:4) «وكانت شياطين أيضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول أنت المسيح ابن الله».

فلقد عرفته الشياطين في ظهوره بالجسد في قولهم «أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا» (متى 9:8) . (رغم عدم إدراكها الكامل لشخصه العظيم لأنه «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متى 27:11) .


ج- اعتراف الشياطين بأنه ابن الله صاحب السلطان في القول «أطلب منك أن لا تعذبني» (لوقا 28:8) .
------------------------------------------------------

د - اعتراف الشياطين بأنه هو الذي يلقيهم في الهاوية «وطلبوا إليه أن لا يأمرهم بالذهاب إلى الهاوية» (لوقا 31:8) . لأنه -أي الرب يسوع بأمره سيقيد الشيطان ألف سنة في بداية ملكه (رؤيا 1:20) ثم يطرحه في بحيرة النار والكبريت بعد الملك والزمان اليسير (رؤيا 10:20) .

2 - في حادثة الرجل الذي كان في المجمع وبه روح نجس اعترف الشيطان:
-----------------------------------------------------------

أ - أنه ابن الله الديان كما هو في قوله «آه مالنا ولك يا يسوع الناصري أتيت لتهلكنا» (مرقس24:1) .

ب - أنه القدوس في قوله «أنا أعرفك من أنت قدوس الله» (مرقس24:1) ومعروف أنه ليس قدوسا غير الله (إشعياء 3:6) .

ج -الخضوع المطلق لسلطانه الفائق عندما قال له الرب يسوع:

«اخرس واخرج منه. فصرعه الروح النجس وصاح بصوت عظيم وخرج منه» (مرقس25:1, 26).



مما سبق يتضح لنا :

أن ما ينكره البشر بخصوص لاهوت المسيح وعمله عن طريق الشيطان. اعترف به الشيطان نفسه جهرا وقهرا . ولكنه جعل الناس ينكرونه بطرق متنوعة حتى إنه لم يكتف بما ذكرنا في التأملات الأولى, لكنه تسيد على أناس يطلقون على أنفسهم أنهم شهود يهوه ويهوه نفسه برئ منهم, وآخرون يطلقون على أنفسهم الأدفنتست أو السبتيين الذين يقولون إن المسيح هو ميخائيل رئيس الملائكة الذي أرسله الله, لذلك نسأل الآن سؤالا هو:

سؤال (4)
-------------------------
هل يسوع المسيح هو ميخائيل رئيس الملائكة؟ أو ملاك من الملائكة؟



وردا على ذلك نقول:

إن المسيح ابن الله لم يكن ملاكا أو رئيس ملائكة أرسل من ق بل الله بل هو يهوه بذاته بأوصافه وأسمائه وأفعاله.

فلا يمكن أن يكون هو ميخائيل رئيس الملائكة ولا ملاكا آخر, والأدلة على ذلك:

1 - في رسالة يهوذا9 قيل عن الملاك ميخائيل: «وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجا عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب». أما المسيح فهو صاحب السلطان. هو الذي قيد القوي (الشيطان) عندما دخل إلى داره (لوقا 22:11) وهو الذي هزمه في الصليب (يوحنا31:12) وهو الذي قريبا سيسحق الشيطان تحت أرجل المؤمنين (رومية 20:16) بل وسيطرحه إلى أبد الآبدين في بحيرة النار باعتباره الديان الذي كل الدينونة أعطيت له (رؤيا 10:20) , (يوحنا22:5) .

2 - في سفر دانيال التمييز بين ميخائيل رئيس الملائكة وبين ابن الله الوحيد واضح جدا فقيل عن ميخائيل رئيس الملائكة «ميخائيل واحد من الرؤساء الأولين» (دانيال 13:10) وأما عن ابن الله فقد قيل «المسيح الرئيس» (دانيال 25:9) لاحظ أداة التعريف (ال) تدل على أنه هو المسيح ولقد جاء عن هذا القول في (لوقا 11:2) المسيح الرب أي الرب الوحيد وهذا ما لم يمكن أن نقوله عن ميخائيل رئيس الملائكة.

3 - من مطالعتنا لنبوة دانيال (12:10) قيل عن الملاك ميخائيل لدانيال «ميخائيل رئيسكم أي الرئيس الملائكي المقام من الله لخدمة بني إسرائيل فقط الذين هم شعب دانيال» وفي (دانيال 10:12) «ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك». أما ابن الله, يسوع المسيح فهو المخلص للكل والملك العتيد على الكل لذلك قيل عنه في (يوحنا52:11) عن طريق قيافا رئيس الكهنة الذي تنبأ قائلا «يسوع مزمع أن يموت عن الأمة (إسرائيل) وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين (في كل الأمم) إلى واحد». وأيضا في (يوحنا29:1) «حمل الله الذي يرفع خطية العالم» وفي (1تيموثاوس6:2) «الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع» وإن كان هكذا فلا يمكن لرئيس الملائكة الخاص بشئون الأمة الإسرائيلية فقط أن يكون هو الابن الوحيد, المدفوع له كل سلطان في السماء وعلى الأرض والموجود مع كل المؤمنين كل الأيام إلى انقضاء الدهر (متى 18:28 - 20).

4 - في كل المرات التي ذ كر فيها رئيس الملائكة ميخائيل لم يذكر عنه إطلاقا اسم من أسماء الله ولم يوصف بوصف من أوصاف الله, ولم ينسب له عمل من أعمال الله لكن أقنوم الابن له ذات أسماء الله وصفاته وأعماله كما سنرى فيما بعد.

5 - بينما يقال عن أقنوم الابن (رؤيا 5:12) إنه اختطف إلى الله وإلى عرشه مع ملاحظة ما قيل في (رؤيا 3:22) عن العرش إنه «عرش الله والخروف» قيل عن الملاك ميخائيل بعد الاختطاف «وحدثت حرب في السماء, ميخائيل وملائكته حاربوا التنين» (رؤيا 7:12) .

فبينما كان الابن الوحيد على عرشه الإلهي جالسا كان الملاك ميخائيل واقفا أمام الخروف والله محاربا إبليس وملائكته. إذا لا يمكن على الإطلاق أن يكون ميخائيل الجندي المحارب هو «ابن الله» الجالس في ذات الوقت مع الله أبيه في عرشه الإلهي.

6 - كل الملائكة بما فيهم رؤساؤهم وميخائيل معهم كلهم مخلوقون ويقال عن مجموعهم «بنو الله» (أيوب 6:1, 1:2, 7:38) ولا يقال عن أحدهم بمفرده «ابن الله, أو الابن الوحيد, أو العجيب, أو الحبيب مما يدل على أنه لا يوجد منهم من يتميز عن الآخر في بنوته., وفي حالة الإشارة إلى واحد منهم يشار إليه كعبد كما قال الملاك ليوحنا الرائي «أنا عبد معك» (رؤيا 10:19) ثم يكشف الوحي لنا أيضا أنهم أرواح بلا أجساد.

ففي (عبرانيين 7:1) يرد هذا القول «وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار» وفي عدد 14 من نفس الأصحاح يقول «أليس جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص».

أما عن الابن الوحيد فقد قيل عنه في (عبرانيين 2:1) «ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم».

كما أنه ليس مخلوقا لكنه الخالق «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» (يوحنا3:1) وهو ليس له بداية لكنه أزلي (ميخا 2:5) «مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل».

7 - وفي (فيلبى 6:2,7) قيل عن المسيح ابن الله هذا القول الخالد «الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد» من المعروف من الكلام السابق أن الملاك أصلا عبد ويقول عن نفسه أنا عبد (رؤيا 10:19) فكيف يقال عن الملاك وهو عبد «آخذا صورة عبد» فهذا دليل على أن الذي قيل عنه آخذا صورة عبد, لم يكن على الإطلاق عبدا . فكيف يقال بعد ذلك عن الابن إنه ملاك؟

نعم إنه ابن الله. الله المتجسد الذي بالتجسد أخذ صورة عبد لله وهو سيد الكون كله.

ثم يجب أن نلاحظ أيضا القول «وضع نفسه وأطاع» (فيليبي 8:2) الذي يدل على أنه لم يكن في مركز من يطيع بل من يطاع.أي لم يكن هو عبدا لله يطيع الله بل هو ذات الله, الذي يطيعه العبيد, ولكن حتى يكون هو نفسه مطيعا كان لابد له أن يضع نفسه في مركز العبيد مع أنه السيد العظيم. كقول الرسول بولس عنه «مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به» (عبرانيين 8:5) .

8 - في (عبرانيين 5:2 - 9) إن الآب لم يخضع العالم العتيد الذي نتكلم عنه لملائكة وإنما أخضعه للابن وهذا ما يميزه كل التمييز عن الملائكة لأنه صاحب السيادة من الأزل إلى الأبد تبارك اسمه إلى أبد الآبدين.

9 - في رسالة العبرانيين الأصحاح الأول يضع الرسول بولس مسوقا من الروح القدس مفارقة بين الابن الوحيد والملائكة. ليبرهن على أن أقنوم الابن قبل تجسده لم يكن ملاكا بل الله نفسه من حيث الأزلية والسجود له حتى من الملائكة إذ يقول ولتسجد له كل ملائكة الله (ع 6:1) فكيف يسجد ملاك لملاك بينما مكتوب في الوصية المقدسة «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» (متى 1:4) ثم من حيث الملك الأبدي الخاص به ع 8, ثم خلقه للخليقة ع 2, 10, ودوامه الأبدي في ع 11, 12.

نعم ما أمجده وما أعظمه هذا الشخص العظيم المعلن في كلمته الحية والذي لا يمكن أن يتساوى به أحد. إني أتعجب من شخص يقول لماذا الظلمة حالكة؟؟ بينما الشمس في كبد السماء وفي منتصف النهار ولا يوجد ما يحجب ضوءها, نعم إن السبب واضح فهو أعمى لا يرى النور.

هكذا كل من ينكر لاهوت ربنا يسوع المسيح ويجهله فهو يعيش في الظلام ويسلك في الظلمة والظلمة أعمت عينيه ومستعبد تحت سلطان الظلمة ونهايته الظلمة الأبدية ما لم يرجع إلى الرب من قلبه لأنه مكتوب عن الرب أنه «يصنع دينونة على الجميع (جميع الأشرار) ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار» (يهوذا 15).

10 - تميزه الخاص والواضح عن الملاكين اللذين ظهرا معه في (تكوين 18) لإبراهيم إذ استطاع إبراهيم أن يميزه عن الملاكين, ففي العدد الأول يقول «وظهر له الرب عند بلوطات ممرا». وفي العدد الثاني يقول «فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه». يظن البعض مخطئين أن الثلاثة هم الله في أقانيمه وهذا غير صحيح لأن كل الظهورات الإلهية هي لأقنوم الابن فالثلاثة رجال هم الرب الله الابن والاثنان الآخران هما ملاكان تابعان للرب صاحب المجد العظيم. لذلك فبعد الحديث مع إبراهيم بخصوص ولادة إسحق يقول في ع 22 وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم وأما إبراهيم فكان لم يزل قائما أمام الرب وفي الأصحاح 19 من نفس السفر يتضح أكثر أن من ذهب إلى سدوم هما الملاكان فجاء الملاكان إلى سدوم مساء ويواصل الكلام بعد ذلك عن حديث الملاكين مع لوط, وتتكرر كثيرا كلمة (الرجلان) عن الملاكين في ع 5, 8, 10, 12 وفي كلامهما عن القضاء قالا: «لأننا مهلكان هذا المكان إذ قد عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا الرب لنهلكه» ع 13 فهذان الأخيران هما طوع أمر الأول ومن هو الأول, هو العجيب الذي ميزه إبراهيم من وسط الثلاثة وسجد له وقال: «يا سيد إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك» نعم يسجد له ويمسك ويكرم بسببه الاثنين الآخرين, وهو الذي قال لإبراهيم «إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن». وهو الذي قال لإبراهيم عندما ضحكت سارة في باطنها وهي في داخل الخيمة لا ترى ولا يسمع صوتها مع أنها تكلمت في قلبها «لماذا ضحكت سارة؟ قائلة أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت» ع 13 وهو الذي أرادت سارة أن تخفي عنه إذ ظنته رجلا كسائر الرجال فقالت «لم أضحك» ع 15 «فقال لا بل ضحكت».

نعم هذا هو المسيح ابن الله الذي لا يمكن أن يكون ملاكا أو رئيس ملائكة. بل الله ذاته, يهوه القدير.

11 - إن كان المسيح له المجد رفع مركز المؤمنين به أعلى بما لا يقاس عن الملائكة فكيف يكون هو رئيس ملائكة أو ملاكا ؟!

فإن كان الإنسان في مقامه الأول مكتوب عنه في سفر المزامير (4:8,5), (عبرانيين 6:2) «وضعته قليلا عن الملائكة» لكن بالإيمان بالمسيح والاحتماء في دمه ر فع مقامه جدا فصار «ابنا لله ووارثا له» (رومية 16:8, 17). «الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا ورثة الله ووارثون مع المسيح».

لاحظ ووارثون مع المسيح بصفته «ابن الله» والوارث لكل شيء وهذا ما لم يمكن أن يكون لرئيس ملائكة أو ملاك, ثم إنه لم يذكر إطلاقا عن الملائكة أنهم ورثة الله بل هم خدام الله وعبيد له كما سبق الكلام وليسوا خداما له وحده بل أيضا للمؤمنين في (عبرانيين 14:1) «أليس جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص».

فإن كان ابن الله رفع مركز ومقام المؤمنين به فوق الملائكة بما لا يقاس نظير المقارنة بين الأبناء والعبيد, فكيف يتساوى هو أو يكون ملاكا ؟ بل مكتوب أيضا عن الأمور التي أعلن لنا عنها «إن الملائكة تشتهى أن تطلع عليها» (1 بطرس12:1) .

12 - ما تسببت فيه الخطية من دمار وخراب للإنسانية وانفصالها عن الله؟ هل يستطيع رئيس ملائكة أو ملاك أن يلاشيها؟

على سبيل المثال: نحن نعلم من رسالة يوحنا الأولى 4:3 أن الخطية هي التعدي ولذلك قيل في (رومية 1:5) «ونحن أعداء» ولكوننا هكذا, فهل نستطيع أن نقترب إلى الله ونصير أحباء ما لم يتم الصلح معه وهل يمكن أن يتم هذا التصالح ما لم يكن هناك مصالح أو وسيط؟ وهل المصالح والوسيط يمكن أن يكون أقل من أحد الطرفين. بالتأكيد لا.

وأنت تعلم أن الملائكة خلائق فكيف يتساوى المخلوق مع الخالق, وإن كان لا يتساوى فكيف يصلح أن يكون مصالحا ؟ وإن كان لا يصلح فكيف يكون «ابن الله». ملاكا أو رئيس ملائكة ونحن نعلم أن الله قد صالحنا بموت ابنه (رؤيا 10:5) ؟ إذا لا يمكن أن يكون ابن الله ملاكا أو رئيس ملائكة بل هو الله ذاته.

13 - خطية الإنسان كانت ذنبا عليه أمام الله ولإيجاد حل لتلك المشكلة, به يتمجد الله دون أن يفقد صفة من صفاته كان لا بد من وجود البديل الضامن هو الذي يطالب نيابة عن المضمون ويأخذ كل مسئوليته على نفسه فما يطالب الله به الإنسان يطلب من هذا البديل الضامن وبعبارة أخرى إن عدل الله كان لابد أن يأخذ كل حقوقه التي على الإنسان من هذا البديل الضامن لكي يطلق الإنسان حرا .

وهل من الممكن أن يكون هذا البديل الضامن عبدا أي ليس له حرية التصرف في شيء إطلاقا ؟

بالطبع لا, لذلك لا يجوز أن يكون الضامن من الملائكة لأنهم وإن كانوا ليسوا خطاة من نسل آدم إلا أنهم جميعا عبيد لله وليس منهم من هو حر لذاته بل وليس لهم حق التصرف في شيء بل كل شيء يعملونه بأمره والذين منهم من لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الله إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام (يهوذا 6).

ثم أيضا نظرا لمحدودية الملائكة مع أن «الدين» نتيجة الخطية ضد الله هو دين غير محدود, كان يلزم أن يكون أيضا وفاء الدين من غير محدود. وهذا ما لا يمكن أن يتوافر في الملاك أو رئيس الملائكة فكيف يكون بعد ذلك ابن الله ملاكا أو رئيس ملائكة؟.

نعم إن الأدلة والبراهين واضحة كوضوح الشمس في منتصف النهار على أن المسيح ابن الله لم يكن رئيسا للملائكة ولا ملاكا , لكنه هو ذات الله.

14 - من الملاحظ في رسالة يهوذا العدد التاسع أن ميخائيل رئيس الملائكة مكلف من قبل الله لدفن جسد موسى لكنه لا يستطيع أن يحييه. ولم يقرأ في الكتاب أو سمع عن ملاك أو رئيس ملائكة أنه أحيا وأقام ميتا إطلاقا بل هنا في هذه الرسالة: رئيس الملائكة مكلف من قبل الله لدفن جسد موسى.

وفي (لوقا 22:16) نرى الملائكة مكلفين من الله لحمل روح ونفس لعازر بعد موته إلى حضن إبراهيم. هؤلاء هم الملائكة ورئيسهم.

أما المسيح «ابن الله» فلم يرسل للدفن أو حمل الأرواح والأنفس , لكن أرسل ليعطى حياة أبدية لذلك يقول عن نفسه «أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل» جاء ليحيى الموتى ويخرجهم من القبور لذلك:

يذكر عنه أنه أقام الموتى بكلمة سواء بنت يايرس أو الشاب المحمول على الأكتاف أو لعازر الذي كان في القبر بعد أن أنتن. نعم ما أبعد الفارق بين هذا وذاك. أبعد هذا نقول: إن المسيح هو رئيس الملائكة ميخائيل أو ملاك!!!

15 - في (مزمور 6:89, 7) يقول أيثان الأزراحي, النبي الملهم «لأنه من في السماء يعادل الرب. من يشبه الرب بين أبناء الله إله مهوب جدا في مؤامرة القديسين ومخوف عند جميع الذين حوله».

نفهم من هذا أنه لا يمكن أن يشابه الله أو يعادله أحد سواء من بين الملائكة في السماء أو البشر على الأرض. لكن قيل عن الابن الوحيد ربنا يسوع (فيليبي 6:2) «إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله» وقال في (يوحنا18:5) عن نفسه إن الله أبوه معادلا نفسه بالله.

من هذا نستنتج أن أقنوم الابن المعادل لأقنوم الآب ولأقنوم الروح القدس لا يعادله كائن إذ ليس من م عادل له حتى بين أبناء الله الذين هم أسمى خلائقه.

16 - لذلك نلاحظ تمييز بنوته عن الملائكة أو البشر أو المؤمنين فهم جميعا محدودون.. أما هو فلأنه الله الابن الوحيد غير المحدود فقد قال «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء (يوحنا13:3) .. وأيضا : «ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (متى 20:28) وقال أيضا «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم» (متى 20:18) .

17 - مع أن الأقانيم (أقانيم الله) واضحة تماما في صيغة الجمع ولاسيما في العبارات:

«نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تكوين 26:1) . وأيضا

«هوذا الإنسان قد صار كواحد منا » (تكوين 22:3) .

لكن أضداد المسيح قالوا إن الله كان مخاطبا للملائكة جامعا وموحدا إياهم معه في عمل الإنسان. وهذا ما لا يمكن أن يقبله عقل للأسباب الآتية:

أ- لا يمكن للملائكة أن يشتركوا مع الله في الخلق لأن هذا ليس في قدرتهم كخلائق ولا من شأنهم لكن هذا ما قام به الآب والابن والروح القدس.

فقيل عن الآب إنه خالق الجميع بيسوع المسيح (أفسس9:3) وعن الابن إنه «الكل به وله قد خلق» (كولوسي 16:1) وعن الروح القدس إنه «روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني» (أيوب 4:33) .

وهذا سر الجمع في كلمة «نعمل».

ب - لا يمكن للملائكة أن يكونوا مشابهين الله في الصورة والشبه لأنهم مخلوقون أما الله فأزلي وهو الخالق لذلك قيل «من يشبه الرب بين أبناء الله» (مزمور 6:89) .

ج- إن كان الله قد خلق الملائكة أرواحا (عبرانيين 14:1) والله ذاته روح (يوحنا24:4) لكنه لا يمكن أن ينزل إلى مستواهم لأنه لا يمكن أن يتساوى المخلوق مع الخالق ولا يمكن أن يتساوى العبد مع سيده. ثم لا يمكن للملائكة أن يكونوا في مستوى الله في المعرفة. فكيف بعد ذلك يكون المتكلم معه الله قائلا «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» ملاكا أو رئيس ملائكة. نعم هذا ما يرينا الله الجامع في وحدانية أقانيمه.

18 - ويجب أن نلاحظ أن رئيس الملائكة قد خلقه المسيح ابن الله كما هو وارد في (كولوسي 16:1) فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق فالمسيح خالق للعروش والرياسات. فكيف يكون هو ميخائيل أحد الرؤساء الأولين؟!

==================================


الباب الرابع
==========

ضرورة الإيمان بلاهوت المسيح
----------------------------------


هل من سبب يجعلنا نؤمن أن المسيح هو الله؟؟

هذا ما سنتأمل فيه.

أولا - الإيمان بالله كما أعلن لنا ذاته في كلمته الحية:
-----------------------------------------------------

من الأمور التي يؤكدها الكتاب المقدس في (يوحنا18:1) «أن الله لم يره أحد قط». وأنه «الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدني منه الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية» (1تيموثاوس16:6) وفي القديم اشتاق موسى أن يرى الله فقال أرني مجدك» (خر 18:33) فأجابه الله وقال «لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش» (خر 20:33) وعلى هذا فلا يوجد بين البشر من يدعي أنه رأي الله وبالتالي ليس في مقدور أحد أن يخبرنا عن من هو الله؟ وما هي صفاته وسجاياه؟ إلا الله ذاته. ولقد تنازل إلينا بإعلان ذاته على صفحات الكتاب المقدس وأرانا أنه إله واحد في ثالوث, وأن وحدانيته ليست وحدانية مجردة ولا هي وحدانية مطلقة بل هي وحدانية جامعة فيها كل ما يلزم لكماله واستغنائه بذاته عن كل شيء في الوجود.

ثانيا - الإيمان بحتمية فداء الله للإنسان:
-----------------------------------------

الله عادل: كما هو مكتوب عنه (مزمور 7:11) «لأن الرب عادل ويحب العدل» وهو في ذات الوقت إله رحيم, كما هو مكتوب «الرب إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء حافظ الإحسان إلى ألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية ولكنه لن يبرئ إبراء» (خر 5:34 - 7).

ومع أنه تبارك اسمه قادر على كل شيء إلا أنه ملتزم بالعمل في حدود صفاته ولا يمكن أن يكون غير هذا إلا إذا تصور الإنسان بذهنه الفاسد أنه إله فوضوي بلا مبادئ, وهذا تصور خاطئ جدا وغير صحيح.

فلكي يخلص الله الإنسان الخاطئ, كان يتحتم عليه أن يوفق بين (عدله ورحمته) ومن هنا نرى كما هو مكتوب «الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلاثما» (مزمور 10:85) لأجل ذلك كانت هناك ضرورة الفداء. وإن كان الأمر هكذا فمن يكون الفادي ومن الفدية؟ إنه لا يمكن أن يكون مجرد إنسان!! لأن الإنسان خاطئ بطبيعته وتصرفاته كما تقرر كلمة الله ذلك ففي (مزمور 2:14,3) «الكل قد زاغوا وفسدوا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد» وفي (مزمور 9:62) «إنما باطل بنو آدم كذب بنو البشر, وفي الموازين هم إلى فوق هم من باطل أجمعون» وكما يقول عنهم في ميخا (4:7) «أحسنهم مثل العوسج وأعدلهم من سياج الشوك».

ويقول الرسول بولس «لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله» (رومية 22:3, 23) ومن جانب آخر ينبغي أن يكون الفادي معادلا لله ومشابها للإنسان لأنه ليس من البشر من هو كفء لفداء البشر لذلك لزم أن يأتي الله إلينا متجسدا لعمل الفداء.


ثالثا - ضرورة التجسد لإعلان الله عن ذاته يجعلني أؤمن أن المسيح هو الله:
-----------------------------------------------------------


منذ القدم والإنسان يشتاق أن يرى الله فقال أيوب «من يعطني أن أجده فآتي إلى كرسيه» (أيوب 3:23) وقال موسى «أرني مجدك» (خر 18:33) وقال فيلبس «أرنا الآب وكفانا» (يوحنا8:14) وربما قائل يقول إننا نستطيع أن نرى الله في الطبيعة التي خلقها «السموات تحد ث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه» (مزمور 1:19) لكن قدرة الله الظاهرة في الطبيعة تشعر الإنسان بتفاهته أمام عظمة الله, وبالتالي ببعد الله عنه كما قال داود في (مزمور 3:8) «إذ أرى سمواتك عمل أصابعك القمر والنجوم التي كونتها. فمن هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده» وإزاء هذا رأي الله أن يعلن ذاته للإنسان بالتجسد ليعرف الإنسان ويدرك أن الله قريب منه ويحبه. ويؤكد له عن اهتمامه ورعايته ويشبع في ذات الوقت أشواق قلبه.

بل إن أشواق وحنين البشرية هي أن تتعامل مع إله قريب منظور. لهذا فإن أهل لسترة عندما أقام الرسول بولس الرجل «المقعد» قالوا عن بولس وبرنابا شريكه في الخدمة «إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا» (أعمال 11:14) .

منذ الأزل كانت لذة الله مع بني آدم (أم 31:8) وعندما أرسل الله ابنه متجسدا في ملء الزمان سبح الملائكة قائلين «المجد لله في الأعالي... وبالناس المسرة» (لوقا14:2) واليهود كذلك آمنوا بإمكانية الظهور الإلهي ففي سفر التكوين يذكر أن الله ظهر لإبراهيم عدة مرات لكن نكتفي بتكوين (تكوين 1:18) .

كما ظهر لمنوح وامرأته في صورة رجل (قض 10:13 - 22).

ولكن في العهد الجديد حقق الله أشواق البشرية. فظهر المسيح لكي يعلن عن ذات الله وصفاته للناس كما قال بولس: «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد» (1تيموثاوس16:3) وفي إنجيل يوحنا (18:1) «الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر». وفي (2كورنثوس5:4,6) «لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح». وكما قال هو بنفسه «الذي رآني فقد رأي الآب» (يوحنا9:14) .

ومنذ القديم يسأل البشر عن الله فيقولون: هل الله قدوس؟ وجاء المسيح إلى أرضنا فرأينا في شخصه القدوس أن الله قدوس كما قال عنه كاتب رسالة العبرانيين «قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات» (عبرانيين 26:7) وسألوا أيضا .

هل الله قادر على كل شيء؟ هل يمكن أن ينتصر على الطبيعة والمرض والموت وقوات الظلام؟

ورأينا المسيح يهدئ الريح فيسكن البحر ويشفى كافة أنواع الأمراض ويقيم الموتى ويحرر الناس من أسر الشيطان.

لكن الناس لم يكتفوا بهذا لكنهم سألوا قائلين: هل يحب الله الإنسان؟

وجاء المسيح ليعلن لنا محبة الله للبشر (يوحنا16:3 - 18). فالمسيح جاء وهو الله ذاته وليس شخصا إلهيا لأن هناك فارقا كبيرا بين العبارتين فالعصريون يؤمنون بألوهية المسيح بمعني أنه شخص إلهي ولكنهم لا يؤمنون بلاهوت المسيح بمعني أنه (الله, الابن الذي ظهر في الجسد).

ولقد سمي المسيح بالكلمة (يوحنا1:1) وهذا الاسم يعني أنه هو الأقنوم المعبر عن الله في قدرته وقداسته ومحبته ولولاه ما كنا قد عرفنا شيئا عن الله الكلمة الذي يعبر عن الله في الخلق (يوحنا3:1) .

ويعبر عن الله في الفداء (يوحنا14:1 - 18).

ويعبر عن الله في الدينونة (رؤيا 13:19) .

فالكلمة اسم من أسماء المسيح التي ينفرد بها وحده ولم يلقب بها أحد سواه فموسى قيل عنه إنه «كليم الله» وإبراهيم دعي «خليل الله» وداود دعي «نبي الله». لكن لم يطلق على واحد من سائر الأنبياء أنه الكلمة أو كلمة الله.

ومن الملاحظ أن كافة المخلوقات ليست هي «كلمة الله» لكنها خلقت بكلمة الله لذلك لا يمكننا أن نقول عنها كلمة الله, لكننا نقول إنها أثر كلمة الله.

أخيرا نقول إن المسيح نفسه قد شهد عن نفسه إنه هو

ابن الله والمعلن لله (يوحنا35:9, 9:14, 18:1).

وأنه الكائن (يوحنا18:8) ,

البداية والنهاية (رؤيا 13:22) ,

والموجود في كل مكان وزمان (متى 20:18, 28, 20),

وغافر الذنوب والخطايا (لوقا 48:7) ,

وأنه الديان للأحياء والأموات (يوحنا25:5) .

وقبل العبادة والسجود من البشر (متى 33:14)

وقبل الاعتراف بأنه الرب والإله (يوحنا29:20)

وقد شهد أنه الطريق والحق والحياة (يوحنا6:14) .

ومما سبق يتضح لنا أنه هو الله ذاته.

=================================


الباب الخامس
============

براهين ألوهية المسيح
=============

الفصل الأول
---------------

أسماؤه الإلهية
--------------------
1 - أسماؤه في العهد القديم.
------------------------------
2 - أسماؤه في العهد الجديد.
--------------------------------
3 - التأمل في بعض أسمائه.
--------------------------------


1 - أسماؤه في العهد القديم
================

من المعروف لدينا أن الله له أسماء في العهد القديم, هذه الأسماء تعبر عن العلاقات الخاصة والصفات المختلفة التي بها يعلن الله نفسه للإنسان منها:

ألوهيم :
--------

هذا الاسم يظهر الله في كمال قدرته ولاهوته الذي لا يحد ولا يدرك «الله لم يره أحد قط» نسمع صوته ونرى أعماله في الخليقة, أما شخصه فلم يره أحد قط ولا يقدر أن يراه لأنه ساكن في نور لا يدني منه.

وهذا الاسم, كما سبق الكلام في فصول سابقة يرد في صيغة الجمع أي الله في أقانيمه (تكوين 1:1) «في البدء خلق (ألوهيم) السموات والأرض».



يهوه :
-------------

ويرد هذا الاسم في (تكوين 2) لأن الإنسان ظهر على المسرح فيبين هذا الاسم علاقته كالرب مع الإنسان.

وفي (تكوين 16:7) نرى الاسمين معا في القول «والداخلات دخلت ذكرا وأنثى من كل ذي جسد كما أمره الله (ألوهيم). وأغلق الرب (يهوه) عليه» فالله في قضائه كان مزمعا أن يهلك كل المخلوقات الحية, وهذا مرتبط بالاسم (ألوهيم). ولكن في نعمته الغنية أغلق على نوح باب الفلك قبل نزول الدينونة, وهذا مرتبط بالاسم (يهوه).

وأيضا في (1صم 46:17, 47) قال داود «حتى تعلم كل الأرض أنه يوجد إله (ألوهيم) لإسرائيل, وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب (يهوه) لأن الحرب للرب وهو يدفعهم ليدنا».

وفي (2 أخ 31:18) «فلما رأي رؤساء المركبات يهوشافاط قالوا إنه ملك إسرائيل فحاوطوه للقتال فصرخ يهوشافاط وساعده الرب (يهوه) وحولهم الله (ألوهيم) عنه».

أدوناي :
------------

وهذا الاسم يعني «السيد». في (مزمور 2:16) «قلت للرب (يهوه) أنت سيدي (أدوناي)».

أيليون :

وهذا الاسم يعني «الإله العلي». وجاء هذا الاسم في (تكوين 22:14) «فقال أبرام لملك سدوم رفعت يدي إلى الرب الإله العلي (يهوه أيليون) مالك السموات والأرض».

شدأي :
-----------

وتعني «القدير» في (تكوين 1:17) «وظهر الرب لأبرام وقال له أنا الله القدير (شداي) سر أمامي وكن كاملا».

ولقد جاءت هذه الأسماء مجملة في (مزمور 1:91, 2) «الساكن في ستر العلي (أيليون) في ظل القدير (شداي) يبيت. وأقول للرب (يهوه) ملجأي حصن إلهي (ألوهيم) فأتكل عليه».

يهوه صباءوت:
---------------------

وهى تعني «رب الجنود». في (1صم 3:1) «وكان هذا الرجل (ألقانة) يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود (يهوه صباءوت) في شيلوه».

إن كانت هذه الأسماء السابقة هي أسماء الله, والدارس لكلمة الله يلاحظ أن المسيح له كل المجد له ذات الأسماء السابقة.

1 - أدوناي وكما قلنا تعني «السيد» أو «المالك» أو (الرب الملك).

وجاء عن الرب يسوع في العهد الجديد أنه السيد. فقد قال لتلاميذه «أنتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لأني أنا كذلك. فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم» (يوحنا13:13, 14). وفي رسالة (يهوذا 24) «السيد الوحيد».

2 - أيليون وكما قلنا إن هذا الاسم يعني الإله العلي.

ولقد جاء عن المسيح ذات الاسم في العهد الجديد. ففي بشارة لوقا يقول الملاك للعذراء مريم «وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يدعي» (لوقا 31:1, 32) والاسم «ابن العلي» مثل الاسم «ابن الله» في المعنى أي ذات العلي والمعلن له. وفي (رومية 9:5) «المسيح الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد. آمين». وفي (فيليبي 9:2) «وأعطاه اسما فوق كل اسم» وفي (مزمور 27:89) «أنا أيضا أجعله بكرا أعلى من ملوك الأرض».

3 - شداي والتي تعني «القدير», «والذي فيه كل كفايتنا».

ففي (إشعياء 6:9) قيل عنه «ويدعى اسمه... إلها قديرا» وفي (رؤيا 3:15) «أيها الإله القادر على كل شيء» وفي (رؤيا 6:19) «فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء».

4 - يهوه صباءوت والتي تعني رب الجنود.

وواضح من كلمة الله أن الرب يسوع هو رب الجنود في معركة حياتنا (راجع أفسس1:6 - 3) مع (2كورنثوس3:10 - 5).

5 - يهوه ولقد جاء في العهد الجديد عن الرب يسوع نفس ما ورد عن يهوه في العهد القديم.

أ - في (مزمور 18:68) يخاطب داود الرب الإله قائلا : «صعدت إلى العلاء سبيت سبيا ... أيها الرب الإله».

وفي العهد الجديد يقول الرسول بولس عن المسيح: «لذلك يقول إذ صعد إلى العلاء سبى سبيا وأعطى الناس عطايا... الذي نزل هو الذي صعد» (أفسس8:4) .

ب - في (مزمور 1:97, 7) «والرب قد ملك... اسجدوا لله يا جميع الآلهة».وهنا نلاحظ سجود كل الآلهة للرب (يهوه).

وفي العهد الجديد جاء عن المسيح في (عبرانيين 6:1) : «وأيضا متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله».

ج - في (أم 4:30) يقول أجور عن الله «من صعد إلى السموات ونزل» ويقول المسيح عن نفسه في العهد الجديد: «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنا13:3) .

د - في (إشعياء 1:6 - 10) يتحدث إشعياء عن السيد الملك, رب الجنود, ويقتبسه البشير يوحنا في كلامه مطبقا إياها على الرب يسوع (يو 38:12 - 41).

« ليتم قول إشعياء النبي الذي قاله يا رب من صدق خبرنا ولمن إستعلنت ذراع الرب. لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا.لان إشعياء قال أيضا. قد أعمى عيونهم واغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فاشفيهم. قال إشعياء هذا حين رأى مجده وتكلم عنه »

ه - - في (إشعياء 22:45, 23) يتكلم الله قائلا «بذاتي أقسمت, لي تجثو كل ركبة ويحلف كل لسان».

وفي العهد الجديد جاء عن المسيح: (رومية 11:14) «لأنه مكتوب أنا حي يقول الرب إنه لي ستجثو كل ركبة وكل لسان سيحمد الله» وفي (فيليبي 10:2, 11) «لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب».

و - في (إشعياء 12:48, 13) «أنا هو (أي الكائن بذاته) أنا الأول والآخر. ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السموات».

وفي العهد الجديد في سفر الرؤيا يقول المسيح عن نفسه3 مرات «أنا هو الأول والآخر» (17:1, 8:2, 13:22).

ز - في (إرميا 10:17) «أنا الرب (يهوه) فاحص القلب ومختبر الكلى, لأعطى كل واحد طرقه حسب ثمر أعماله».

وفي العهد الجديد في (سفر الرؤيا 22:2) قال المسيح: «ستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله».


وهناك أسماء أخرى للرب يسوع مرتبطة بخدمات خاصة قائم بها لأجلنا مثل:

1 - يهوه يرأه :
-------------------

والتي تعني «الرب يدبر» أو «يجهز لنا» (تكوين 14:22) .

ولقد قيل عن المسيح في (فيليبي 19:4) «فيملأ إلهي كل احتياجاتكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع» وفي (متى 6:2) «مد بر يرعى شعبي إسرائيل».

2 - يهوه رفا (مزمور 26:15) :
----------------------------------

وتعني «الرب شافينا». وسنذكر فيما بعد قدرة المسيح على شفاء كافة الأمراض الجسدية, والنفسية والروحية.

3 - يهوه نسى :
-----------------------

وهى تعني الرب «رايتي» أو «المنتصر لنا» (خر 15:17) .

ولقد قيل في (1كورنثوس57:15) «ولكن شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح».

4 - يهوه شلوم (قض 24:6)
--------------------------------

وتعني «الرب سلامنا».

ولقد جاء عن المسيح أنه سلامنا في (أفسس14:2) .

5 - يهوه روعي (مزمور 1:23)
------------------------------------

وهى تعني «الرب راعينا».

ولقد جاء عن الرب يسوع أنه الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف في (يوحنا11:10 - 14). وأنه راعي الخراف العظيم في (عبرانيين 20:13) . وأنه رئيس الرعاة في (1 بطرس4:5) .

6 - يهوه صدقينو (إرميا 6:23)
---------------------------------

وهى تعني «الرب برنا».

ومكتوب عن الرب يسوع في (1كورنثوس30:1) «قد صار لنا برا وقداسة».

وفي (2كورنثوس20:5) «جعل الذي لم يعرف خطية (المسيح) خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه».

7 - يهوه شمة (حز 35:48)
-----------------------------------

وهى تعني «الرب هناك».

ولقد قال الرب يسوع عن نفسه في (متى 20:18) «وحيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم».

8 - شيلون (تكوين 10:49و يش 1:18)
---------------------------------------------

وتعني «سلام أو صانع السلام» كما في (أفسس15:2) صانعا سلاما .

وقال الرب في (متى 20:28) «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر».

نعم ما أمجد هذا الشخص العجيب الذي لا مثل له بين الورى ولا نظير له في السموات ليتبارك ويتعال اسمه جدا .

------------------------------------

2 - أسماؤه في العهد الجديد
-------------------------------

1 - يسوع:
----------------
ويعني «يهوه يخلص أو المخلص» (متى 21:1, مرقس1:1, لوقا31:1, يوحنا17:1, أعمال 5:9, رؤيا 5:1, 6).

2 - عمانوئيل:
---------------
ويعني «الله معنا» (متى 1 : 23) مع (إشعياء 14:7, 8:8 - 10).

3 - ابن الله:
----------------
(متى 15:2, 33:14, مرقس1:1, 11 , لوقا35:1, يوحنا34:1, أعمال 37:8). وأيضا ابن الله الحي (متى 16:16, يوحنا69:6).

والابن الحبيب (متى 17:3, 5:17, لوقا13:9, كولوسي13:1).

وابن الله العلي أو ابن العلي (كولوسي 7:5, لوقا32:1).

ابن الله الوحيد (يوحنا14:1, 18 , 16:3, 18).

ابن الآب (2 يوحنا3).



4 - الرب:
---------------
(متى 3:3, 3:21, 42:22 - 45 , مرقس3:1, 3:11, لوقا4:3, 8:5)

وأيضا رب داود (مرقس37:12, لوقا42:20, 44 , أعمال 34:2)

ورب السبت (لوقا 5:6)

الرب (لوقا76:1)

وينادى بالقول يا رب في (لوقا8:5, 46:6, يوحنا68:6, 15:21, 21 , أعمال 6:1, 6:9, 10, 13)

ورب الكل (أعمال 36:10, رومية 12:10)

ورب المجد (1كورنثوس8:2, يع 1:2)

ورب السلام (2تسالونيكي 16:3) .

5 - قدوس الله
----------------------

(مرقس24:1, لوقا35:1, لوقا34:4)

القدوس البار (أعمال 14:3) .

6 - المسيح ابن المبارك
--------------------------
(مرقس61:14, 62)

والمسيح الرب (لوقا11:2)

ومسيح الرب (لوقا26:2, 20:9, أعمال 27:4)

ومسيح الله (لوقا20:9)

والمسيح ابن الله (يوحنا49:1, متى 16:16).

7 - الملك
--------------------
(متى 5:21, 11:25 - 13 , 2:2).

8 - الكلمة
-------------
(يوحنا1:1, رؤيا 11:19 - 13).

9 - الله جاء
------------------
عن المسيح حوالي (11) مرة (يوحنا1:1, أعمال 19:4, 34:16, رومية 5:9, عبرانيين8 :1,1 تيموثاوس16:3, يهوذا 4).

10 - الرب يسوع المسيح
-------------------------------
(أعمال 21:1, 24 , 59:7, 60 ,1تسالونيكي 11:3, 12 , يعقوب 1:1, رؤيا 20:22, 21).

11 - البكر
------------------
(عبرانيين 6:2) مع (كولوسي 15:1) .

12 - رئيس الرعاة
-------------------------
(1 بطرس4:5) .

13 - الحياة الأبدية (1 يوحنا2:1, 20:5).
-------------------
14 - الإله الحق (1 يوحنا20:5) .
------------------
15 - السيد الوحيد (يهوذا 4).
-------------------
16 - الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر (رؤيا 11:1,
--------------------------------------------------
6:21, 13:22).

إننا أمام هذه الأسماء الإلهية التي لقب بها المسيح يسوع والتي تدل على أنه هو الله ذاته وغيرها من الأسماء الموجودة في كلمة الله والتي لم نكتبها هنا لا يسعنا إلا أن ننحني ونقدم له السجود والعبادة تبارك اسمه إلى الأبد.



3 - التأمل في بعض أسمائه الإلهية
====================

بعد أن أوردنا البعض مما تذكره أسفار العهد الجديد من الأسماء الإلهية التي لربنا يسوع المسيح, نتخير الآن بعض هذه الأسماء لنتحدث عنها.

1 - الله
------------
«الله» اسم علم للذات الإلهية لا يمكن أن يلقب به سواه.

ونحن نعلم أن اللاهوت واحد ولا ينقسم ولا يتجزأ على الإطلاق.

فقد قال الوحي عن الآب «إنه الله أبونا» (2تسالونيكي 16:2) وعن الروح القدس أيضا إنه «الله» (أعمال 3:5 - 5).

أما عن المسيح ابن الله فقد جاء عنه هذا الاسم «الله» في مواضع مختلفة نحو 11 مرة في العهد الجديد. فلا ريب إذا أن المسيح هو «الله» ونذكر البعض منها الآن:

في (يوحنا 1:1) «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. والكلمة صار جسدا وحل بيننا» (يوحنا14:1) .

في (متى 21:1 - 23) «ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره (الله معنا) اقرأ (إشعياء 14:7) .

في (1تيموثاوس16:3) «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد».

في (1تيموثاوس11:1) يقول الرسول بولس لتيموثاوس «حسب إنجيل مجد الله المبارك» ومعروف أن الإنجيل هو إنجيل المسيح ومجد الله هو المسيح أيضا (عبرانيين 3:1) . فالمسيح إذا هو الله.

في (عبرانيين 8:1,9) «وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور» ولقد جاء نفس القول في (مزمور 5:45, 6).

ويؤيد ذلك أيضا قول المسيح في (يوحنا30:10) «أنا والآب واحد».

ولقد ارتبط بهذا الاسم العظيم أسماء أخرى مثل:

«الله العظيم» (تيطس 13:2) .

«الله القدير» (إشعياء 6:9) .

«الله المبارك إلى الأبد» (رومية 5:9) .

2 - الإله :
---------------

هذا الاسم «الإله» لقب به الله وحده دون سواه باعتباره فوق الكل ويعبد من الكل ويكرم من الكل. وكذلك لقب به المسيح وهذا دليل على أنه هو الله بذاته.

ونذكر هنا بعض الآيات:

في رسالة (كولوسي 9:2) «فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا» فكل اللاهوت بجوهره ومجده وجلاله حل في المسيح جسديا . وعلى هذا فهو الإله.

قال عنه توما عندما رآه بعد قيامته «ربى وإلهي» (يوحنا28:20) .

وفي (يهوذا 24, 25) «يوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد».

وفي (الرؤيا 6:22) «الرب إله الأنبياء القديسين» قارن هذه الآية مع الآية 16 من نفس الأصحاح.

وفي (رؤيا 7:11, 6:19) «الرب الإله القادر على كل شيء».

وفي رسالة (1يوحنا20:5) «ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية». (أو الله الحقيقي).

3 - الرب :
-----------------

وهذا الاسم أكثر شيوعا بالنسبة للرب يسوع. فجاء عنه هذا الاسم حوالي (650) مرة في العهد الجديد وهذا الاسم أيضا لقب به أقنوم الآب أنه «رب السماء والأرض» (أعمال 24:17) وعن الابن أنه «رب الكل» (أعمال 36:10) وعن الروح القدس أنه هو «الرب» (2كورنثوس17:3) .

وهذا يقودنا إلى الإيمان بأن المسيح هو الله والرب والإله.

فلقد جاء عنه بخصوص هذا الاسم:

في (لوقا11:2) «ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب».

وفي (لوقا43:1) قول أليصابات للعذراء مريم «من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي». وهذا الكلام لم تقله من ذاتها لكن قالته إذ امتلأت من الروح القدس.

قول اللص التائب «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك» (لوقا42:23) .

في (أعمال 36:10) في قول بطرس للسامعين في بيت كرنيليوس «يبشر بالسلام بيسوع المسيح هذا هو رب الكل».

في سفر (الرؤيا 16:19) «له على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب».



ويرتبط بهذا الاسم الكريم أيضا أسماء أخرى مثل:

«رب المجد» (1كورنثوس8:2, يع 1:2).

«رب الأرباب» (رؤيا 14:17, 16:19).

«رب الكل» (أعمال 36:10) .

«رب السبت» (متى 8:12, مرقس28:2, لوقا5:6).

«ربي» (لوقا43:11, يوحنا28:20, في 8:3).

4 - ابن الله :
----------------

جاء عنه في الوحي حوالي 50 مرة هذا الاسم:

فلقد قال عنه الآب في (2 بطرس17:1) وشهد عنه الروح القدس في (مرقس1:1) .

وقال هو عن نفسه في (يوحنا35:9, 36:10).

وذكره عن الملاك جبرائيل في بشارته للعذراء (لوقا32:1, 35).

وقد اعترف تلاميذه وجاهروا به في (متى 16:16, يوحنا34:1, 27:11).

وأيضا الملاحظون لأحداث الصلب مثل قائد المئة في (متى 54:27) .

وكذلك الشياطين عرفته (مرقس17:5) .

ويرتبط بهذا الاسم كما سبق ذكره أسماء أخرى مثل: الابن الوحيد وقد ورد هذا الاسم 5 مرات. وهذا باعتباره الابن الأزلي موضوع محبة الآب والذي لا يشاركه في التسمية آخر (يوحنا14:1, 18 , 16:3, 18 ,1 يوحنا9:4).

البكر وقد سبق الكلام عن هذا الاسم. ولقد ذ كر أيضا 5 مرات (رومية 29:8, كولوسي15:1, 18 , عبرانيين 6:1, رؤيا 5:1).

5 - يسوع :
------------------

هذا هو الاسم الذي كان أكثر شيوعا وينادى به أيام جسده على أرضنا أكثر من الأسماء الأخرى.

والعهد الجديد يبدأ بهذا الاسم ويختم به.

ففي بشارة متى أول العهد الجديد ص 1:1يقول: «كتاب ميلاد يسوع المسيح».

وفي سفر الرؤيا آخر سفر وفي الأصحاح الأخير والعدد الأخير يقول: «نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم» (رؤيا 21:22) .

ولقد سمي بهذا الاسم من الملاك قبل أن حبل به في البطن (لوقا21:2) إذ قال «فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» (متى 21:1) .

وكلمة يسوع تتكون من مقطعين «ياه شوع» في اللغة العبرية وهي تعني «يهوه المخلص» ومعروف أن اسم «يهوه» هو اسم الله في العبرية وهي تعني أيضا «الرب يخلص» فهذا الاسم مرتبط بعمله لذلك قيل «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» لذلك قالت العذراء مريم بعد بشارة الملاك «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي» (لوقا46:1, 47).

وقال زكريا أبو المعمدان بعد أن انفتح فمه فتكلم, بعد ولادة يوحنا ابنه إذ ملأه الروح القدس «مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه» (لوقا68:1, 69).

وفي يوم مولده قال الملاك في بشارته للرعاة: «لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. أنه و لد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لوقا10:2, 11).

وبعد أن كملت أيام تطهير العذراء مريم حسب شريعة موسى صعدوا بالطفل يسوع إلى أورشليم ليقدموه للرب ولكي يقدموا ذبيحة (لوقا22:2 - 24).

كان رجل في أورشليم اسمه سمعان وكان هذا الرجل بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه, فعندما دخل بالصبي يسوع أبواه, أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال «الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» قال هذا بعد أن حمل ونظر الصبي يسوع (لوقا25:2 - 32).

وقيل بالوحي في (يوحنا17:3) «لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم».

وقال هو بنفسه للتلميذين يعقوب ويوحنا عندما قالا له «يا رب أتريد أن نقول أن تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضا هذا القول عن سكان إحدى قرى السامريين بعد أن أعلنوا عدم قبولهم له فالتفت يسوع وانتهرهما وقال: «لستما تعلمان من إي روح أنتما لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص» (لوقا51:9 - 56).

وقال أيضا في بيت زكا «اليوم حصل خلاص لهذا البيت... لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا9:19, 10).

وقالها مرة أخرى في بشارة يوحنا للجمع «لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم» (يوحنا47:12) وهذا ما صر ح به أيضا بطرس الرسول أمام شيوخ إسرائيل ورؤساء الشعب «وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أعمال 12:4) .

وهذا ما أجاب به الرسول بولس وسيلا للسجان في (أعمال 30:16, 31) «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك».

وحري بنا أن نعرف أنه بهذا الاسم «يسوع» بعد قيامته وصعوده كانت تجرى المعجزات فعلى سبيل المثال:

في معجزة شفاء الأعرج عند باب الهيكل: الذي يقال له الجميل قال بطرس له «ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع الناصري قم وامش» (أعمال 6:3) .

وفي الحال تم الشفاء إذ يقول الكتاب «ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه فوثب ووقف وصار يمشى ودخل معهما (أي مع بطرس ويوحنا) إلى الهيكل» (أعمال 7:3, 8).

وأيضا في شفاء إينياس المضطجع على سرير منذ ثماني سنوات: إذ كان مفلوجا قال بطرس له «يا إينياس يشفيك يسوع المسيح قم وافرش لنفسك فقام للوقت» (أعمال 34:9) .

وبولس الرسول عندما ضجر من الروح النجس روح العرافة قال: «أنا أمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها فخرج في تلك الساعة» (أعمال 18:16) .

كما أننا يجب أن نلاحظ أن الاسم «يسوع» هو الاسم المعبر عنه كالإنسان الذي جاء لأجل الناس. لذلك يقول الرسول بولس في (1تيموثاوس4:2 - 6).

«الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع» وأيضا يقول في (2 تي 9:1, 10).

«الله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة, لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل».

كما يجب أن نلاحظ أن كرازتنا جوهرها «يسوع المخلص» ففي (أعمال 26:8 - 38) في تقديم البشارة من فيلبس المبشر للخصي الحبشي يقول الوحي إن الخصي كان يقرأ النبي إشعياء وبصفة خاصة الأصحاح 53 «ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع».

وفي بيت كرنيليوس كانت بشارة بطرس الرسول لهم عن يسوع (أعمال 37:10 - 43).

وأيضا بسبب هذا الاسم يضطهد المؤمنون ففي (أعمال 40:5 - 42) قال الكهنة ورؤساء الشعب للرسل بعد أن جلدوهم «أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم. وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل في البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح».

وقاوم شاول الطرسوسى كل من آمن به من رجال ونساء, حتى أظهر له الرب ذاته وقال له «أنا يسوع الذي أنت تضطهده» (أعمال 1:9 - 6).

فقال في اختباره أمام الملك أغريباس «فأنا ارتأيت في نفسي أنه ينبغي أن أصنع أمورا كثيرة مضادة لاسم يسوع الناصري» (أعمال 9:26, 10).

وقال أيضا بعد تجديده واختباره للرب «لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت» (2كورنثوس11:4) .

وأخيرا أقول ما جاء في (عبرانيين 8:13) «يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد».

وهو الأزلي والأبدي. هو الذي أعلن ذاته لشاول المضطهد والمجدف «أنا يسوع» (أعمال 5:9) .

ولقد خلص شاول عندما التقى به الرب وصار لا مضطهدا بل رسولا وخادما ليسوع المسيح. ولذلك يقول «بولس عبد يسوع المسيح» (رومية 1:1) .

وهو بذاته الذي قال في نهاية الإنجيل في (رؤيا 16:22, 17) «أنا يسوع... ومن يعطش فليأت ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجانا».

هذا هو يسوع غير المتغير في ذاته وفي محبته وفي انتظاره على الخطاة والمم جد فينا على اسمه.

فهل ترجع إليه نادما على ما صدر منك ضده فيقبلك ويخلصك ويضمن لك سعادة الحياة هنا في الزمان وفي الأبدية أيضا ؟

ولا ننس أن يسوع هذا هو الديان للجميع بصفته ابن الله (يوحنا27:5) .

لذلك فالذين ينكرون اسمه الآن ولاهوته سيأتي الوقت قريبا ويعترفون به, أرادوا أو لم يريدوا.

كما هو مكتوب «لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (فيليبي 6:2 - 11).



وهناك بعض الأسماء الوظيفية المرتبطة بهذا الاسم المجيد مثل:

رئيس جند الرب (يش 4:5) .

رئيس الإيمان (عبرانيين 2:12) .

رئيس السلام (إشعياء 6:9) .

رئيس الكهنة (عبرانيين 14:4) .

رئيس الرؤساء (دانيال 25:8) .

رئيس الحياة (أعمال 15:3) .

رئيس الخلاص (عبرانيين 10:2) .

رئيس الرعاة (1 بطرس4:5) .

رئيس ملوك الأرض (رؤيا 5:1) .



6 - المسيح:
---------------

هذا الاسم يعني الممسوح, وهو أيضا للدلالة على تكريمه لله. وفي العهد القديم كان يمسح الأنبياء , والكهنة, والملوك قبل توليهم مناصبهم. وهذه الوظائف الثلاث هي نبويا للرب يسوع. فلقد جاء عنه في (مزمور 6:2) «أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي».

وأيضا في (مزمور 7:45) «أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك».

وفي (مزمور 1:2 - 3) «لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل. قام ملوك الأرض, وتآمر الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه قائلين لنقطع قيودهما ولنطرح عنا ربطهما».

وفي العهد الجديد تحقيقا لهذا. ففي (لوقا10:2, 11) قال الملاك للرعاة: «لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه و لد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب».

ولنلاحظ أن كلمة «مسيا» الواردة في الإنجيل هي كلمة يونانية لها ذات المعنى لكلمة «المسيح».

وواضح أيضا أن «المسيح» هذا كان منتظر الأمة الإسرائيلية كلها بكافة فئاتها, والدليل على ذلك ما قيل عن طريق الأشخاص:

سمعان الرجل البار التقى الممتلئ من الروح القدس «كان قد أوحى إليه الروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب» (لوقا26:2) .

أندراوس بن يونا الصياد جاء عنه «هذا وجد أولا أخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيا. الذي تفسيره المسيح» (يوحنا41:1) .

ونثنائيل المتعبد قال «يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل» (يوحنا49:1) .

اليهود في سؤالهم ليوحنا المعمدان عن طريق الكهنة واللاويين الذين أرسلوهم إليه قائلين له من أنت؟. «فاعترف ولم ينكر وأقر أني لست أنا المسيح» (يوحنا19:1, 20). فسألوه وقالوا له «فما بالك ت عم د إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي» (يوحنا25:1) .

المرأة السامرية التي كانت تعيش حياة الشر ولم يكن لديها النور الكافي عن الأمور الإلهية قالت للمسيح: «أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء» (يوحنا25:4) وقالت لأهل مدينتها «هلموا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح» (يوحنا29:4) .

والسامريون أيضا «قالوا للمرأة السامرية إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم» (يوحنا42:4) .

وأهل أورشليم قالوا «أليس هذا هو الذي يطلبون أن يقتلوه وها هو يتكلم جهارا ولا يقولون له شيئا ألعل الرؤساء عرفوا يقينا أن هذا هو المسيح حقا .. ولكن هذا نعلم من أين هو. وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو» (يوحنا25:7 - 27).

وجمهور اليهود في شكايتهم لبيلاطس قالوا «إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا إنه هو مسيح ملك» (لوقا2:23) .

والكتبة قال عنهم يسوع وهو يعل م في الهيكل «كيف يقول الكتبة إن المسيح ابن داود» (مرقس35:12) .

ورئيس الكهنة قال له في المحاكمة «أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله» (متى 63:26, مرقس61:14).

والملاك السماوي الذي بشر الرعاة لقبه «المسيح» (لوقا11:2) .

يسوع نفسه قال عن نفسه للتلاميذ بعد قيامته «أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده» (لوقا26:24) .

وسمعان بطرس عندما سأل الرب التلاميذ قائلا «وأنتم من تقولون إني أنا» أجاب قائلا : أنت هو المسيح ابن الله الحي» (متى 15:16, 16).

والتلاميذ الاثنا عشر قالوا له «نحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي» (يوحنا69:6) .

وكثيرون من الجمع لما سمعوا كلامه «قالوا هذا هو المسيح» (يوحنا41:7) .

ومرثا أخت مريم ولعازر قالت له «أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم» (يوحنا27:11) .

وشاول الطرسوسى بعد مقابلة الرب به قيل عنه «وأما شاول فكان يزداد قوة ويحير اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح» (أعمال 22:9) راجع أيضا (أعمال 3:17) .

وقال البشير يوحنا في رسالته الأولى (1:5) «كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد و لد من الله».

حتى الشياطين كانت تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول «أنت المسيح ابن الله» (لوقا41:4) . فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه أنه المسيح.

مما سبق يتضح لنا أن هذا الاسم «المسيح» كان معروفا وهو الشخص المنتظر أي الملك الموعود به (راجع دانيال 25:9مع يوحنا 41:1, 25:4).

ولذلك قال الملاك عند البشارة بالحبل به للعذراء مريم «ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية» (لوقا32:1, 33).

ومن دراستنا لكلمة الله يتضح لنا أن اليهود كانوا يعرفون أن (المسيح) يسمى «ابن الله» والدليل على ذلك شهادة الكثيرين مثل:

نثنائيل (يوحنا49:1) «يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل».

بطرس (متى 16:16) «أنت هو المسيح. ابن الله الحي».

مرثا (يوحنا27:11) «أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم»

رئيس الكهنة (متى 63:26) «أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله» و ينبغي لنا أيضا أن نلاحظ أن القول «يسوع المسيح» يعني يسوع المولود من العذراء هو الملك الموعود به.

وفي بشارة الملاك للعذراء شمل هذه الأسماء فقال لها.

«وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك (المسيح) على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية» (لوقا31:1 - 33).

والرسل بعد قيامة الرب وصعوده ونزول الروح القدس لما بدأوا يبشرون بيسوع كانوا يقررون أن هذا هو ذات المسيح. على سبيل المثال راجع قول بطرس الرسول في خطابه الأول لأمة اليهود في (أعمال 29:2 - 31, 36) والتي نذكر منها عبارة واحدة «أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربا ومسيحا (ملكا )».

ومن الملاحظ أيضا أن كثيرين يؤمنون بيسوع لكنهم لا يؤمنون أنه هو «المسيح», والملك المنتظر, وابن الله. فهؤلاء يكون نصيبهم الطرح في جهنم النار حيث يصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين.

أما الذين يؤمنون به فكل واحد منهم يستطيع أن يقول: «لي الحياة هي المسيح» (فيليبي 21:1) .

وفي كل رحلة حياته يستطيع أن يقول أيضا «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (فيليبي 13:4) . والنهاية حياة أبدية ومساكنه دائمة مع المسيح. «لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا» (فيليبي 23:1) .

وبعد الاختطاف سوف ن ظهر جميعا أمام كرسي المسيح «لنوال المكافأة».

7 - الكلمة :
----------------

من ضمن الأسماء التي هي لأقنوم «الابن» هذا الاسم الذي جاء عنه في كتابات يوحنا الرسول «الكلمة».

فجاء عنه في (رؤيا 13:19) «وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله».

وفي بشارة يوحنا (1:1, 14). «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله (مع الله) وكان الكلمة الله, والكلمة صار جسدا وحل بيننا».

وفي العهد القديم جاء عنه «بكلمة الرب صنعت السموات» (مزمور 6:33) وأيضا أرسل (الله) كلمته فشفاهم» (مزمور 20:107) .

ويجب أن نلاحظ ما يقصد ب«الكلمة» فاللفظ أو العبارة أو المقالة ترد بصيغة المؤنث وبالتالي فالمفروض أن تكون الأفعال والصفات والضمائر الخاصة بها مؤنثة أيضا .

لكن «الكلمة» هنا المقصود بها ليس معني من المعاني, بل كما يتضح من النصوص السابقة هو «الله ذاته» أو بالحري أقنوم من أقانيمه. ولذلك يأتي الفعل المستعمل معها مذكرا وليس مؤنثا .

والاسم «الكلمة» في اللغة اليونانية هو «لوغوس», ويراد به «المعلن لله» أو «العقل المنفذ لمشيئة الله». وهذا الاسم لم يسمى به أحد سوى المسيح.

فموسى مثلا لم يدع «كلمة الله» (بل كليم الله).

وداود دعي «نبي الله» (أعمال 30:2) .

وإبراهيم دعي «خليل الله» (يعقوب 23:2) .

كما أن الخليقة لم تسم «كلمة الله» لكن قيل في (مزمور 6:33) «بكلمة الرب صنعت» ثم إن الكلمة هي «لسان حال» صاحبها الذي يعلنه ويظهره, لذلك دعي أقنوم الابن الذي يعلن الله منذ الأزل «الكلمة».

ونحن لم نعرف من هو الله في قداسته المطلقة ومحبته اللامحدودة إلا بأقنوم «الكلمة» فهو الأقنوم المعبر عن الله من الأزل وإلى الأبد, ولا يمكننا أن نعرف الله إلا عن طريق «الكلمة».

8 - أنا هو :
---------------

وهذا الاسم يعني «الكائن بذاته». ولم يقل أبدا أنا كنت أو أنا سأكون بل «أنا هو» السرمدي غير المتغير «يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد» (عبرانيين 8:13) .

والاسم «أنا هو» هو نفس الاسم «أهيه» في العهد القديم (خر 3 :14), الذي قاله الرب لموسى عندما سأله عن اسمه «فقال الله لموسى أهيه الذي أهيه».

ولقد قال المسيح مرارا وتكرارا عن نفسه هذا القول «أنا هو».

فقال في (يوحنا24:8) لليهود «إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم».

وفي (ع 27) «متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو».

ثم قال لهم مزيلا كل غموض في (ع 58) «الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» وعندئذ تأكد اليهود بما يعنيه من القول «أنا هو», لذلك «رفعوا حجارة ليرجموه» وفي حادثة أخرى أظهر ذاته بهذا الاسم, فعندما جاءوا ليقبضوا عليه في بستان جثسيماني, سأل هؤلاء القوم قائلا من تطلبون؟ أجابوه يسوع الناصري. قال لهم يسوع أنا هو. فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض» (يوحنا4:18 - 6).

فلم يقدروا على الوقوف أمام قوة كلمته ومجد شخصه.

ولقد قالها الرب كثيرا في بشارة يوحنا لكننا نكتفي بذكر ثمانية منها:

1 - أنا هو خبز الحياة (يوحنا35:6, 41, 48, 51).

2 - أنا هو نور العالم (يوحنا12:8, 5:9).

3 - أنا هو الباب (يوحنا7:10, 9).

4 - أنا هو الراعي الصالح (يوحنا11:10, 14).

5 - أنا هو القيامة والحياة (يوحنا25:11) .

6 - أنا هو الطريق والحق والحياة (يوحنا6:14) .

7 - أنا (هو) الكرمة الحقيقية (يوحنا1:15, 5).

8 - أنا هو لا تخافوا (يوحنا20:6) .

==================================


الباب الخامس
=============

براهين ألوهية المسيح
=================


الفصل الثاني
-----------------
صفاته الإلهية
----------------------
1 - الأزلية الأبدية
----------------------------
إن معني كلمة «أزلي» هو لا بداية أيام له؟ وكلمة «أبدي» تعني لا نهاية أيام له والاثنان يقال عنهما سرمدي.

وهذه الألفاظ لا يمكن أن تقال عن أي مخلوق من سائر المخلوقات لكنها تقال عن الله وحده.

فقد جاءت عن الله في (دانيال 26:6) «القيوم إلى الأبد». وعن الروح القدس في (عبرانيين 14:9) «روح أزلي» وعن الابن في (رؤيا 12:22, 13) «أنا الألف والياء والبداية والنهاية. الأول والآخر».

وحيث إن الروح أزلي وهو «روح الآب», «روح ابنه» فبالتالي الآب والابن يكونان أزليين. يظن البعض أن ولادة المسيح هي بدء وجوده كأي إنسان آخر. ومن هنا تبدأ المشكلة في أذهانهم فيفهمون أننا جعلناه إلها وهو إنسان بينما الحقيقة عكس ذلك فهو الله قبل أن يكون إنسانا , وقد تنازل ليصير إنسانا دون أن يحدث أي تغيير في لاهوته, وهذا بحسب قدرته الفائقة. ولقد أوردنا في فصول سابقة آيات كثيرة من العهد القديم والعهد الجديد تثبت أنه هو الله قبل أن يكون إنسانا .

إن العقيدة الصحيحة هي أن «المسيح ابن الله» هو أقنوم إلهي كائن منذ الأزل, ولكن في الوقت المعين اتخذ ناسوتا ظاهرا ليس له مثيل بطريقة معجزية, اتخذه ليجئ إلى عالمنا هذا ظاهرا في الجسد, لغرض عظيم وهو تمجيد الله الذي أهانه الإنسان بعصيانه والتكفير عن خطايا البشر.

ولإثبات أن المسيح ابن الله هو الله الأزلي قبل أن يكون إنسانا دعنا نفتش معا في كلمة الله لنرى هذه الحقيقة:

1 - الإعلان الصريح في مزمور 7:2

في قول الرب لمسيحه «أنت ابني» وهذا هو إعلان في الكتاب المقدس عن الابن في بنوته الأزلية واسمه الشخصي. ولم يذكر هنا متى بدأت هذه البنوة, أو كيفية حدوثها هل بالولادة أم بالخلق. لأنها أزلية بوجود الله.

ومن حيث إنه لا بداءة له ولا هو مولود ولا مخلوق فهو ابن الله الأزلي. ثم إن اسم الآب يطلق على الله قبل أن نولد نحن منه روحيا وقبل أن نوجد, لذلك يقول الرسول بطرس «المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق» (1بطرس 1:1 ,2) يقول الابن في صلاته للآب في (يوحنا5:17) «والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم».

وهذا يؤيد جليا أن بنوة الابن للآب قبل تجسده هي بنوة في اللاهوت منذ الأزل بغير ولادة. لذلك لا يقال عنه «ولد الله» ولا يقال عن الآب «والده» وفي الإرسالية لا يقال إن الله أرسل ولده بل يقول «أرسل الله ابنه» (غلاطية 4:4) . بعد أن يقول «أنت ابني» يقول «أنا اليوم ولدتك».. وهذه الولادة لم تكن في الأزل لأنه لم يكن في الأزل زمان أو أيام أو يوم, فالمقصود بها هنا ولادته في الزمان بالجسد من العذراء والتي سطر عنها كثيرا في العهد الجديد. قيل «ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب» (لوقا11:2) وهذا ما قاله الملاك للرعاة. وأيضا ما قاله الرسول بولس «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة» (غلاطية 4:4) . وأيضا القول في (لوقا35:1) في بشارة الملاك للعذراء «القدوس المولود منك يدعى ابن الله».

2 - الإعلان الصريح في ميخا 2:5:
--------------------------------------
حيث يقول «أما أنت يا بيت لحم أفراتة, وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا, فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل» هذا هو كلام الآب عن ابنه الذي هو وحيده والواحد معه ومع الروح القدس كالله الواحد منذ الأزل وإلى الأبد.

لنلاحظ كلمة «مخارجه» والمقصود بها دائرة وجوده الأصلية فهي ليست بيت لحم التي على الأرض في فلسطين والتي لها بداية. لكن مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل وهنا يجب أن نلاحظ أن الأزل ليس هو أياما . لأن الأيام مرتبطة بالزمان وهي هنا على الأرض نتيجة دوران الأرض حول الشمس, لكن يقصد بها الأزل ذاته الذي كان هو فيه مع الآب والروح القدس في شركة سرمدية عجيبة, لكنه بالولادة من العذراء مريم في بيت لحم في الزمان خرج ليرى في العالم.

3 - الإعلان الصريح من شهادة يوحنا المعمدان
---------------------------------------------------
الذي و لد قبل ولادة الابن بالجسد من العذراء (لوقا26:1, 31, 32):

في (يوحنا26:1 - 27) يقول المعمدان للمرسلين من الفريسيين الذين سألوه عن شخصه قائلين له «من أنت» (يوحنا19:1) . «فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي؟» (يوحنا25:1) أجابهم يوحنا قائلا «أنا أعمد بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامى الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه» (يوحنا26:1, 27) وأكد هذا في الغد عندما رأي يسوع مقبلا إليه فقال «هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي (أي متقدم عليه في المقام والمنزلة) لأنه كان قبلي» (يوحنا30:1) .

وهنا كان قبلي يقصد بها طبيعته الإلهية لأنه و جد بطبيعته الإنسانية على الأرض بعد المعمدان بستة شهور.

وهنا نلاحظ أن المعمدان لم يحدد بدءا لأسبقية المسيح عنه مما يدل على أنه المسيح «الأزلي» كما نلاحظ أن المعمدان لم يقل يولد بعدي لكن قال «يأتي بعدي» دلالة على وجود المسيح بلاهوته قبل تجسده.

4 - الإعلان الصريح في قول المسيح في (يوحنا56:8 - 59):
--------------------------------------------------------
بعد النقاش الذي كان بينه وبين اليهود قالوا له «ألسنا نقول حسنا إنك سامري وبك شيطان» (يوحنا48:8) فإذ به يعلن لهم هذه الحقيقة «الحق الحق. أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد» مما أثار فيهم الغيظ والغضب فقالوا له «الآن علمنا أن بك شيطانا . قد مات إبراهيم والأنبياء وأنت تقول إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يذوق الموت إلى الأبد, ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك» (يوحنا52:8, 53) فأجابهم يسوع في ختام جوابه «أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأي وفرح» ونحن نعلم أن إبراهيم كان قبل المسيح حسب الجسد بنحو ألفى سنة «فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد. أفرأيت إبراهيم؟ أجابهم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن فرفعوا حجارة ليرجموه» (يوحنا56:8 - 59).

هنا لم يقل قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت بل يقول «أنا كائن» دون أن يحدد بدءا لكينونته هذه السابقة لإبراهيم إذ هو الكائن بلا بدء أو الكائن الأزلي.

يمكن لأي مخلوق سابق لإبراهيم مثل ميخائيل رئيس الملائكة أن يقول: أنا كنت قبل إبراهيم أو خلقت قبله لكنه لا يستطيع أن يقول «أنا كائن»أي كائن أزلي لأن هذا من صفات الله وحده. أما الابن فهو الوحيد الذي يستطيع أن يقول «أنا كائن» وهذا التعبير هو التفسير لاسم الجلالة العبراني «أهية» الخاص به له كل المجد والذي لم يستعمل لغيره, والدال على التفرد بالذات والوحدانية. لذلك إذ فهم اليهود ما يعنيه من قوله يقول الكتاب «فرفعوا حجارة ليرجموه». نعم لقد قال الرسول بولس عنه هذا القول المبارك «المسيح. الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد» وفي الأصل الله المبارك إلى الأبد. آمين (رومية 5:9) .

5 - الإعلان الصريح عن أزلية المسيح في سفر الرؤيا:
-----------------------------------------------------------
يظهر جليا في سفر الرؤيا أنه هو الله السرمدي الذي قال عن نفسه في (رؤيا 8:1) إنه «الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء» والذي قال عن نفسه (رؤيا 13:22) «إنه الألف والياء والأول والآخر» هو الذي قال عن نفسه أيضا «إنه الأول والآخر الذي كان ميتا فعاش» (رؤيا 8:2) وقال عن نفسه أيضا «أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتا وها أنا حي إلى أبد الآبدين. آمين» (رؤيا 17:1, 18) فالذي مات وقام (الابن المتجسد) هو الألف والياء البداية والنهاية الأول والآخر الكائن والذي كان والذي يأتي والقادر على كل شيء.أي الأزلي الأبدي أي الله السرمدي.

6 - الإعلان الصريح في إنجيل يوحنا (1:1 - 2) عن أزليته:
------------------------------------------------------------
«في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله» من الجدير أن نلاحظ في هاتين الآيتين أنه لم يقل: في البدء خلق الكلمة أو في البدء تكو ن الكلمة أو في البدء و جد الكلمة بل يقال: «في البدء كان الكلمة»أي إنه لما وجد البدء كان الكلمة كائنا فهو لم يوجد مع البدء بل يفهم من هذا أنه سابق للبدء, إن كان هناك بدء يقصد به في هذه الآية. والسابق للبدء هو الأول أي أن الكلمة أزلي وليس أزلي إلا الله.

فالكلمة أقنوم الابن هو الله الأزلي, هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يقول عنه «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» فإنه كان هو مصدر كل شيء وخالق كل الأشياء فماذا يعني هذا البدء في (يوحنا 1:1) هو بلا شك بدء لا بدء له أي الأزل. لذلك قيل عن المؤمنين إن الله اختارهم من البدء (2تسالونيكي 13:2) .

وبالتطابق مع القول «اختارنا فيه (أي في الابن) قبل تأسيس العالم» (أفسس4:1) فيكون هنا البدء قبل تأسيس العالم أو الأزل, لذلك قيل عن وجوده السابق لكل شيء. «الذي هو قبل كل شيء» (كولوسي 16:1) مع ملاحظة أن كلمة «العالم» هنا لا تتضمن الجماد والنبات والحيوان والبشر فقط بل والملائكة أيضا . وهذا واضح من قول الرسول بولس عن نفسه مع الرسل «صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس» (1كورنثوس9:4) ولذلك يقال عنه «كون العالم به» (يوحنا10:1) وأيضا في (دانيال 9:7) «وجلس القديم الأيام» وفي (تثنية 27:33) «الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت».

فالأولى تعني الذي لا بدء له. والثانية تعني الدائم أو الأزلي.

كما يجب أن نلاحظ القول «والكلمة كان عند الله» تدل بوضوح على أن الكلمة كان ملازما لله لأنه أحد أقانيم اللاهوت أزليا . وبما أن الله لا بدء له فبالتالي يكون الكلمة لا بدء له حيث إنه ملازم لله, كما إن كلمة «عند» لا يقصد بها المكانية أو الملكية بل يقصد بها الكينونة الأزلية التي لله ولكلمته, لذلك تأتي في اللغة الإنجليزية بمعني (مع) وهي تدل على الارتباط والتوافق.

7 - الإعلان الصريح في إشعياء 16:48في قول الابن:
----------------------------------------------------------
«منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه». التواجد معا في وقت واحد أي الله الأزلي. «منذ الأزل إلى الأبد أنت الله» (مزمور 2:90) .

8 - الإعلان الصريح في سفر الأمثال:
--------------------------------------------

من (أم 20:1) يتضح لنا أن الحكمة التي تنادي الجهال محذرة إياهم من الجهل وتطالبهم بالرجوع ثم تقول «وأفيض لكم روحي أعلمكم كلماتي».

«لأني دعوت... مددت يدي» (أم 20:1 - 28) وفي (أم 12:8 - 36) «أنا الحكمة أسكن الذكاء وأجد معرفة التدابير لي المشورة والرأي... لي القدرة بي تملك الملوك... من يجدني يجد الحياة» يتضح لنا أن الحكمة مع أنها صفة من صفات الله نفسه. وبالرغم من الوضوح أن الحكمة هو الله نفسه, لكنه في ذات الوقت يتكلم عن نفسه كشخصية متميزة عن الله فيقول «الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت... إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد... لما ثبت السموات كنت هناك أنا... كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته» (أم 22:8 - 35) فالحكمة مع أنه الله لكنه متميز عن الله أو بمعني آخر هو أقنونم الابن, وهنا نلاحظ أنه مسح من الآب أزليا في عدد (23) «منذ الأزل مسحت» ومن هنا يتبين قطعا أن الماسح أزلي والممسوح أزلي, والمسحة أزلية.

وهنا نرى أزلية الأقانيم الآب, والابن والروح القدس.

فأزلية كل واحد منهم معادلة لأزلية الآخر وهي أزلية ال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010